بعد حوار مع صديقى المكتئب اكتشفت أن السناتر أو «مراكز الدروس الخصوصية» تعد أحد أهم التحديات التى تواجه تطويرالعملية التعليمية فى مصر بعد ان فشلت حكومات سابقة متعاقبة فى القضاء على هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع المصري، والتى استفحلت وتستنزف غالبية الأسر المصرية اقتصاديا ومعنويا.. والسؤال الأهم الذى طرح نفسه فى الحوار وأصر عليه صديقي.. هل ينجح وزير التربية والتعليم الجديد فى ما فشل فيه الآخرون خاصة بعد تصريحاته الجريئة باغلاق السناتر التعليمية وغرامة مالية كبيرة لمالك ومستأجر المكان، وانه سيتم الايقاف عن العمل لكل من المدير أو المعلم الذى يوجه الطلاب للغياب عن الحضور للمدرسة أو عدم تفعيل البصمة فى المدارس للمعلمين والطلاب معا؟!
قلت لصديقى ان السيد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم الجديد قد اتخذ عدة قرارات إصلاحية تصب فى مصلحة العملية التعليمية والطلاب وأسرهم بعد ان استنزفوا فى السنوات السابقة سواء دروساً أو ملخصات أو كورسات، والوزير الحالى عازم على غلق وتشميع سناتر الدروس الخصوصية ويعمل جاهدا على عودة الهيبة للتعليم المصري، وترغيب الطلبة فى الحضور للمدارس، وان ملف السناتر أحد أهم الملفات العاجلة التى سوف يضعها الوزير ضمن أولوياته فى المتابعة والمراقبة لأنها تمس حياة الغالبية العظمى من المصريين ولكونها ظاهرة تهدد العملية التعليمية ككل وتحاصر المدارس من كل اتجاه، وبعض هذه السناتر يحمل تراخيص باسم جمعيات وهمية وأخرى بدون، وكانت البديل الأساسى للطلبة لتعويض القصور فى المدارس الحكومية سابقا وعدم كفاية الشرح خاصة ان الكثير منها كان يجعل مواعيد الدروس فى نفس مواعيد المدارس فيغيب الطلبة عن مدارسهم ويتجهون إلى تلك المراكز التى كانت تمثل فترة مسائية تنافس المدارس العادية.
لا ينكر أحد ان الحكومات السابقة لم يكن لديها القدرة على مواجهة هذه الظاهرة وايجاد الحلول الحاسمة لها رغم فكرة انشاء مراكز تعليمية مرخصة تابعة للحكومة التى طرحتها احدى الحكومات السابقة ولم تكن إلا محاولة منها لخلق بديل فى مواجهة انتشار الظاهرة بعد عجزها عن الحد من توحشها، وغاب عنها ان انشاء مراكز تابعة للحكومة يرسخ مبدأ التعليم الموازى ويدفع الطالب والمدرس إلى الاتجاه نحو هذه المراكز سواء الحكومية أو الخاصة والابتعاد عن المدرسة فى الوقت الذى قلت فيه كل عناصر الجذب للمدارس الحكومية.
نحن فى بداية عام دراسى جديد ويقينى انه سوف يكون مختلفاً، أو حان الوقت ان يكون كذلك وفى تصورى ان نجاح وزارة التربية والتعليم هذا العام فى القضاء على بعبع الثانوية العامة والتخفيف على الأهالى والتنفيذ بحسم لقرار غلق السناتر التعليمية التى تتمثل فى مبان كاملة وبها مدرسون متخصصون وغير متخصصين فى كل المواد ويلقبون أنفسهم كنجوم السينما بألقاب عديدة مثل»وحش الفيزياء» أو «ملك الكيمياء» أو «معجم اللغة العربية» أو البروفسير وهكذا.. وكذلك تشجع المدرسين الذين يحرصون على المشاركة فى هذه المراكز على التحايل فى مدارسهم للخروج اثناء اليوم الدراسى سواء بالاجازات الاعتيادية أو المرضية غير الصحيحة والخروج بطريق غير مشروع بهدف تحقيق أرباح خيالية على حساب ميزانية الأسر المصرية المحملة بأعباء كثيرة سوف يعد إنجازا حقيقيا يصب فى مصلحة تطوير العملية التعليمية ويضاف الى إنجازات الجمهورية الجديدة.
كلمة فاصلة :
ببساطة.. مقياس نجاح ونجاة أى مجتمع ودولة هو الانسان، وبالتالى فالأمر جد خطير وعلينا ان نتخيل حجم الكارثة الحقيقية لأجيال كاملة كانت تتلقى تعليمها عن طريق مراكز غير متخصصة ويديرها مجموعة أشخاص لا يشغلهم إلا الربح المادى فقط، اضافة إلى ان سياسة التعليم فى مصر فى الأساس ترتكز على التعليم النظرى الذى ليس له علاقة بسوق العمل والمناهج غير المواكبة التى أوجدت فجوة بين الطلب والعرض.. حفظ الله مصر وأهلها.