بقدر ما يزخر التاريخ الاسلامى بعظماء الرجال من الشخصيات الاسلامية التى برزت بكفاحها وجهادها فى سبيل الدعوة فإنه يحفل أيضا بالعديد من الشخصيات النسائية التى لاينكر دورها فى الريادة والقيادة ومن الشخصيات البارزة فى العصر الفاطمى شخصية ست الملك فمن هى ست الملك؟؟
هى سيدة لها خطورتها فى ميدان السياسة والدين فهى مجاهدة باسلة كافحت كفاحا يضمها إلى صفوف الابطال.. عاصرت ثلاثة من الخلفاء الفاطميين وهم «العزيز– والحاكم بأمر الله– والخليفة الظاهر» لعبت فى عهد كل منهم دورا ظاهرا ملموسا فى جو من المتناقضات حيث عاشت فى قصر جمع بين الايمان والالحاد بين الحكمة والجنون والقوة والضعف فى بلاطها كانت تدبر المؤامرات وتوضع الخطط التى تقرر حياة أمير أو قائد أو خليفة تلك هى ست الملك أبوها هو الخليفة العزيز يرجع أصله إلى بيت النبوة وأمها مسيحية من أجمل نساء عصرها واخواها بطريقان.
ورثت ست الملك عن أمها جمالها وذكاءها وعن أبيها أصله وقوته فبرزت للتاريخ امرأة قوية الشخصية خارقة الذكاء شديدة التحمس لدينها كريمة حازمة حليمة مشهورة بالتسامح.. كان أبوها الخليفة العزيز يستشيرها فى كل أمور الدولة وكان رأيها عنده محل احترام وتقدير ومن ذلك إنها استطاعت ان تعيد عيسى بن نسطورس إلى كرسى الوزارة بعد ان عزله أبوها.
وعندما مات العزيز تكفلت أخاها «الخليفة الصغير» الذى أطلق على نفسه اسم الحاكم بأمر الله واستطاعت ان تحمى عرشه من الفتن والدسائس وساعدته على حكم البلاد فى استقرار وآمان ولكن ما لبثت أمور الدولة ان اضطربت إذ اختل عقل الحاكم بأمر الله فَحَّرمَ على الناس أكل الملوخية والقرع والجرجير وأمر بإطفاء الانوار ليلا ومنع السيدات من السير فى الطرقات أو التطلع من النوافذ ومنع صانعى الاحذية من صنع أحذية النساء وقتل الكثير من رجاله وأكثر من عزل الوزراء.. وحاولت ست الملك ان ترد أخاها إلى الصواب لكنها لم تستطع ونظرت إلى الدولة فوجدت الشعب غاضبا متذمرا الحكم منحلا وتوشك الدولة أن تشرف على الانهيار.. وتنازعت ست الملك عاطفتان وهما العطف على الشعب.. والعطف على أخيها وسرعان ما ناصرت الشعب وتجاوزت أخيها مما جعله يقوم باحراق القاهرة ومنع سكانها من العمل فى النهار وأمرهم بالعمل فى الليل حتى يخرج بموكبه إلى الشوارع ليلا فيراها تضج بالحركة.
وفى 114 هجرية رأت أخت الحاكم أنه لو تمادى فى تصرفاته فسيأتى من يهلكه ويهلك الدولة الفاطمية معه فسارعت هى لغلام عندها ليأتى بإبن دواس – أحد شيوخ كتامة فاتفقت على التخلص من الحاكم والتخلص من أيام حكمه الفظيعة.
واستطاعت ست الملك السلطانة بفضل حكمتها ووصيتها على «الظاهر» بن أخيها ان تعيد إلى الوطن جلاله على أنها لم تستمر فى الحكم طويلا فتوفيت بعد أربع سنوات عاشت الدولة خلالها فى ظل الاستقرار والأمان ولها من العمر ثمانية وأربعون عاما وذلك فى أواخر سنة 414 هجرية 3201 ميلادية.