أكد السفير على الحفنى نائب وزير الخارجية للشئون الافريقية الأسبق وأمين عام المجلس المصرى للشئون الخارجية ان استضافة مصر لمؤتمر القوى السياسية السودانية من أجل تجاوز الأزمة الراهنة هو استمرار لدورها فى متابعة وعن كثب وبشكل لحظى تطورات الأوضاع فى السودان الشقيق، فنحن علينا التزام ونتابع هذا الوضع لأن الأمن القومى السودانى يرتبط بالأمن القومى المصرى والعكس ونحن يهمنا ان الشعب السودانى يستعيد استقراره وحياته الطبيعية.
قال الحفنى فى حوار خاص لـ «الجمهورية» ان ما يحدث فى المنطقة من عدوان اسرائيلى اعمى على غزة ونتائج كارثية من دمار بشرى وبنية تحتية وان المنطقة اصبحت تعيش فى وضع مأساوى على كافة الاصعدة والمستويات ليس فقط على المستوى الاستراتيجى والسياسى والاقليمى انما ايضا على المستوى الدولى والذى يحمل معه مخاطر شديدة جدا وهو ما يخشى ان يكون ذلك حالة مخاض نشهده الآن لاحداث جلل يمكن ان تحدث عقب ذلك نتيجة لسياستها العنصرية ومواقفها واسلوبها العدائى والعنيف فى التعامل مع شعوب المنطقة وبالتالى فإن الوضع مأساوى فى هذه المنطقة.
شدد الحفنى على ان مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية وتستخدم فى سبيل هذا كافة الادوات المتاحة لدينا وفى مقدمتها الدبلوماسية الرئاسية فقد سخر الرئيس السيسى كل جهوده فى ان يتواصل مع الجميع سواء فى عواصم دول اخرى او سواء باستقباله للوفود والمسئولين فى مصر واصرارنا على انه يجب وقف اطلاق النار بشكل كامل وتام وهو الذى يؤكد صحة موقفنا باصدار قرار مجلس الامن بتبنى ذلك.
بالنسبة لمؤتمر القوى السياسية السودانية والذى ينطلق اليوم بالعاصمة الإدارية من أجل تجاوز الأزمة الراهنة.. كيف ترى هذا الأمر وما هو المتوقع؟
وهذا استمرار لدور مصر فى متابعة وعن كثب وبشكل لحظى تطورات الأوضاع فى السودان الشقيق نحن علينا التزام ونتابع هذا الوضع لأن الأمن القومى السودانى يرتبط بالأمن القومى المصرى والعكس ونحن يهمنا ان الشعب السودانى يستعيد استقراره وحياته الطبيعية والتى افتقدها منذ عدة سنوات وافتقد فى اطارها الكثير من الحقوق الأساسية التى يجب أن ينعم بها كل مواطن فهناك حالة صعبة من هجرة السودانيين بأعداد كبيرة جدا حتى الآن، فالسودان أصبح من أكبر الدول المصدرة للهجرة لدول الجوار السبعة وهو موضوع يشكل ضغط لاقتصادات هذه الدول الآخرى ويخلق مزيداً من المشاكل على مختلف المستويات ونحن هنا نتحدث عن قضايا حياتية فنتمنى للسودانيين أن يقفوا وقفة رجل واحد ويحسموا الأمور دون تدخل خارجى لأن التدخلات الخارجية هى التى تعقد الأمور ونحن لا نريد تعليق ما يحدث على شماعة التدخلات فقط ولكن هذا يتوقف على السودانيين أنفسهم بأن يجتمعوا على كلمة وموقف ورأى وأسلوب واحد فى التعامل مع هذه الأزمة فيما يتعلق بكيفية الخروج من هذه الأزمة واستعادة الوضع الطبيعى فى السودان.
نحن فى مصر نوفر الإمكانيات والتسهيلات لتحقيق هذا الهدف فقد وجدنا ان الكثير من عناصر أو رموز المجتمع المدنى اتجه إلى مصر ويتواجدون بأعداد كبيرة بما يسمح بأن يتم دعوة الآخرين وينضم الجميع ويعكفون على مناقشات من أجل الخروج بموقف موحد أن يتفق السودانيون على موقف واحد للخروج من هذه الأزمة، لأنه إذا لم يحدث هذا ستستمر الأزمة إلى آجال طويلة قادمة وسيدفع السودانيون الثمن غالياً فيجب أن يكون هذا واضحا وبالتالى فمصر توفر كل الإمكانيات والتسهيلات وتشجع على هذا ولا تتدخل فيه لأن مصر تؤمن بضرورة أن يترك الأمر للسودانيين ليقرروا بأنفسهم وبين بعضهم البعض كيف يمكن الخروج من هذا المأزق وكيفية أن يكون مستقبل السودان واعدا لشعبه وبكافة فئاته.
> ارتباطا بهذا كيف ترى الوضع الآن فى المنطقة ؟
>> الوضع مأساوى ولا يتمناه احد والأوضاع الحالية تؤكد ان هناك حالة ليس من عدم الارتياح ولكن من الغضب الشديد حيال ما تشهده هذه المنطقة، كما ان عدداً كبيراً جدا من ثلث الدول الاعضاء فى جامعة الدول العربية يعانون من ازمات طاحنة وبالتالى الوضع مأساوى على كافة الاصعدة والمستويات ليس فقط على المستوى الاستراتيجى والسياسى والاقليمى انما ايضا على المستوى الدولى ويحمل معه مخاطر شديدة جدا ونخشى ان يكون ذلك حالة مخاض نشهده الآن لأحداث جلل يمكن تحدث عقب ذلك، لكن وسط كل هذا لا يجب أن ننسى أن هناك دولة مارقة تحظى ليس فقط بتأييد انما مباركة عمياء بكافة الاشكال لسياستها العنصرية ومواقفها واسلوبها العدائى والعنيف فى التعامل مع شعوب المنطقة وبالتالى فإن الوضع مأساوى فى هذه المنطقة.
> ذكرت ان هناك تأييداً ومباركة للدولة المارقة.. من أين؟
>> من الولايات المتحدة الامريكية عندما نتابع مواقف المؤسسات الامريكية بدءاً من الرئاسة مرورا بالكونجرس سنرى هذا الدعم الأعمى وهناك حالة غضب داخل امريكا نفسها من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والاوساط الاكاديمية على مستوى الشباب والطلبة وليس فقط فى الولايات المتحدة الامريكية انما اجتاحت ايضا العواصم والمدن الأوروبية وهناك صحوة فبدون شك التواصل الالكترونى ووسائط التواصل الاجتماعى فتحت اعين المواطنين فى مختلف ارجاء العالم والفئات العمرية على أمور كثيرة كانت مطموسة ويتم تعمد طمسها وعدم وصولها الى المواطن حيثما كان ولكن اليوم نعيش فى زمن السماوات المفتوحة ولا يوجد شيء يعترض الطريق ولهذا فالشعوب أصبحت تعلم حقيقة ما يجرى فى غزة والدعم الأعمى الذى تحظى به اسرائيل.
> إلى أين تتجه الحرب الاسرائيلية الآن؟
>> للأسف موضوع المفاوضات رغم كل الجهود التى تبذلها الدول التى تقوم بمهام الوساطة وخاصة مصر التى احترفت مهام الوساطة وان كان هذه المرة والموقف الذى نشهده فى حرب غزة غير مسبوق على الاطلاق وليس مثل الاربع مرات الماضية التى شاهدنا فيها حروباً فى غزة مختلفة تماما فالامور هذه المرة اخذت ابعاداً لم نشهدها من قبل فى هذه المنطقة ونحن فى مصر لدينا نظرة ثاقبة للامور ومثابرة واصرار على ثوابت مواقفنا وخضنا حروباً كثيرة ليس فقط حروباً من الناحية الواقعية انما حروب دبلوماسية ففى الحقيقة قمنا بحملة دبلوماسية غير مسبوقة من اجل تحويل الموقف الغربى من وضع الى وضع اخر مختلف تماما لنرى الان دولا تعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية ونجد ان اكثر من 50 دولة تترافع امام محكمة العدل الدولية وتدين الممارسات الاسرائيلية وتؤكد ان ما يحدث اليوم فى قطاع غزة هو ابادة جماعية فالوضع اختلف ونحن قمنا بهذا الدور الكبير ومعنا دول أخرى ايضا انما نحن كان موقفنا ريادياً وقوياً ومقنعاً وقد استخدمنا فى هذا الطريق كافة الادوات المتاحة لدينا ومنها الدبلوماسية الرئاسية فقد سخر الرئيس السيسى كل جهوده فى ان يتواصل مع الجميع سواء فى عواصم دول اخرى او سواء باستقباله للوفود والمسئولين فى مصر واصرارنا على انه يجب وقف اطلاق النار بشكل كامل وتام وما يؤكد صحة موقفنا اصدار قرار مجلس الامن بتبنى ذلك الامر الاخر انه يجب على القوات الاسرائيلية الانسحاب من قطاع غزة والآن اصبح هناك موقف دولى يرى انه يجب على اسرائيل الانسحاب بعد أن دمرت القطاع، كما اننا نقترب من 40 الف شهيد وقاربنا على 90 الف مصاب وبالتالى فذلك دمار لم نشهده بهذه الصورة والشكل من قبل فهناك اصرار اسرائيلى على استمرار الحرب والتى قاربت 9 اشهر ومازالت مستمرة حتى الآن وكل ذلك بفعل حكومة حرب عنصرية ومتطرفة موجودة وترفض الاستجابة لأى دعوات لوقف اطلاق النار والسماح بان المفاوضات تحرز النتيجة التى نأملها.
أما موضوع المعونات الغذائية فإن الأمم المتحدة تؤكد فى تقاريرها انه لم تقدم اى دولة على مستوى العالم ما قدمته مصر للقضية ولنصرة الشعب الفلسطينى وتقديم كافة اشكال الدعم من مساعدة للشعب الفلسطينى .
> ماذا تتوقع بعد قرار مجلس الامن بالموافقة على المقترح الاخير لوقف اطلاق النار فى غزة؟
>> مهم للغاية احترام هذه القرارات لان دائما نؤكد على هذه المرجعيات يجب ان تحترم وهو الفرق بيننا وبين غيرنا وبصفة خاصة فى هذه الحالة الكيان الاسرائيلى المارق الذى يرفض ويدفع الولايات المتحدة الامريكية فى كل مرة ان تستخدم حق الاعتراض «الفيتو» حتى لا تسمح بتمرير اى قرارات عن طريق مجلس الامن وبالتالى عندما يكون قرار يدعو لوقف اطلاق النار وضرورة انسياب المساعدات ودخولها للقطاع لان هناك حالة ضرورة فالكيان الاسرائيلى قام بتجويع الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة وعطشه ومنع عنه المستلزمات الطبية والادوية والتطعيمات وخلق حالة ان كل المنظمات الدولية المتخصصة والحكومات المحترمة والبرلمانات فى العالم انها تشجب ما يحدث وتدينه ونجد محكمة العدل الدولية تؤكد ان هناك حرب ابادة فى قطاع غزة يمارسه الكيان الاسرائيلى ونجد المحكمة الجنائية الدولية تتجه الى اصدار قرار بتوقيف رئيس الوزراء ووزير الدفاع الاسرائيلى لارتكابهما جرائم حرب ضد الانسانية ونجد ان مجلس حقوق الانسان فى جنيف يتخذ من القرارات ما يدين هذه الممارسات والحقيقة انه اليوم اصبح هناك نظرة على المستوى الدولى وليس فقط على مستوى الحكومات انما على مستوى الرأى العام العالمى ينظر الى الكيان الاسرائيلى بازدراء لانه تحول الى دولة اصبحت مسجلة على القائمة السوداء فى الامم المتحدة والتى اصبحت اليوم تتعامل مع الامم المتحدة بازدراء واستخفاف وتطيل الاتهامات الموجهة لسكرتير عام الامم المتحدة وهو شخص محترم ويتوخى دائما الصدق فى مواقفه وتصريحاته وعليه مسئولية والتزام تجاه كل المجتمع الدولى فى ان يتحدث بصوت هذا المجتمع والدول الاعضاء فى جمعية الامم المتحدة وبالتالى فليس هناك مجال للمجاملات فالامر اليوم اصبح واضحاً لكثير من الفئات فى مختلف مناطق ودول العالم الذين ينظرون الى ما يحدث فى قطاع غزة على انه حرب ابادة وجرائم حرب وضد الانسانية وانه ابشع الممارسات التى لم تشهدها البشرية من قبل ترتكب فى حق الشعب الفلسطينى والكل يناشد ان يجد هذا الموضوع طريقه الى النهاية مع الاخذ فى الاعتبار ان الشعب الفلسطينى له تطلعاته ايضا وماذا بعد حرب غزة فيجب ان يكون هناك تحرك دولى بالشكل الذى يمكن ان ياخذه سواء كان مؤتمر دولى او غيره فى اتجاه وضع نهاية للاحتلال الاسرائيلى للاراضى الفلسطينية المحتلة فى 4 يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية .
> هل ترى اننا امام حرب اقليمية وشيكة ؟
>> لا يوجد شك انه لو قارنا ما حدث فى اكتوبر الماضى بما يحدث الآن وخاصة عقب المواجهة فهناك مخاوف من ان تنفلت الامور وهى لن تنفلت الا لو كنا بصدد مخططات لهذه المنطقة تسعى لتغيير الواقع الذى كان موجودا حتى 7 أكتوبر وتحويل المنطقة والاراضى الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة على وجه الخصوص الى واقع مختلف تماما هذا ينذر بعواقب وخيمة لو اخذنا فى الاعتبار ان اسرائيل وخاصة مع وجود حكومة الحرب المتطرفة العنصرية هناك رغبة اكيدة واصرار يتزايد يوماً بعد الآخر على ان يتم توسيع نطاق هذه المواجهة ما بين هذا الكيان وما بين دول فى المنطقة او القيام باعمال غير محسوبة العواقب وفى منتهى الخطورة تؤثر على الوضع الراهن فى لبنان رغم مأساة لبنان والتحديات العديدة التى يواجهها فهذا كله يمكن أن يقود لمواجهة ممتدة فى نطاقها تشمل اطرافاً اخرى وخاصة اذا استمر سوء احوال الفلسطينيين المقيمين فى قطاع غزة وتزايدت الوفيات يوماً بعد الاخر فهناك حاجة لدول مسئولة مثل مصر فى ان تستمر فى دورها التاريخى المسئول فى هذه المنطقة وفيما يتعلق بالفلسطينيين وانها تسعى جاهدة الى الدفع باتجاه وقف العمليات العسكرية وعدم العودة اليها مرة اخرى فالوضع لن يحتمل فى هذه المنطقة وانه يجب التعامل مع الموقف فى المرحلة القادمة بقدر اكبر من الوعى وادراك ان المجتمع الدولى اصبح رافضاً تماما لاستمرار هذه الممارسات والمواقف .
> هل يمكن ان تنجح المساعى لمصر وقطر وامريكا فى تحقيق التهدئة والتوصل لوقف لاطلاق النار فى غزة ؟
>> نتمنى هذا الامر فلا يتوقف فقط على الاطراف الثلاثة وبصفة خاصة مصر وقطر انما نتوقف على الاطراف المباشرة فى هذه القضية نتحدث عن الاسرائيليين والفلسطينيين.
> ماذا عن سيناريو التهجير القسرى للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية ؟
>> لن نسمح بتصفية القضية الفلسطينية وهناك قوى على المسرح الدولى والامم المتحدة والمنظمات الدولية لن تسمح بهذا فاذا كان ذلك هو مخطط الكيان الاسرائيلى مع دعم من كيانات دولية فيجب ان يكون معلوماً ان ذلك سيكون ساحة مواجهة بين هذه الدول وما بين الدول التى تحدثنا عنها برفضها تماما مسألة تصفية القضية الفلسطينية فالقضية الفلسطينية لا تعنى فقط الفلسطينيين ولكنها تعنى كل المجتمع الدولى والا لما كانت جنوب افريقيا قامت برفع دعوى على الكيان الاسرائيلى فى محكمة العدل الدولية لاننا نتحدث عن قيم انسانية الكل تجمع فى اعقاب الحرب العالمية الثانية على صياغة عدد من المبادئ الخاصة بالحفاظ على كرامة العنصر البشرى والانسان فى هذا الاطار وهناك اصرار واهتمام دائم انه يجب ان تعطى وتمنح الشعوب حقها فى تقرير مصيرها ويجب وضع نهاية لقضية احتلال دولة لدولة اخرى وشعب آخر فهناك قيم انسانية لن تحيد عنها .