يبحث الناس فى كل زمان ومكان عن السعادة، ويسعون للوصول إليها، والجميع يحتاجونها، وهى غاية ووسيلة للتخلص من الضغوط والطاقة السلبية، وتتنوع تعريفاتها، ومنها الرضا والسلام النفسى والتكيف مع الظروف.
ويختلف البشر حول الأشياء والأسباب التى تحقق السعادة، لكن فى مقدمتها التقرب إلى الله، لأنه يعطى الإنسان طاقة روحانية إيجابية ترفع من معنوياته وتعينه على مواجهة ضغوط وأزمات الحياة، وهى شعور داخلى، تنبع من الإنسان، ويظنّ كثيرون أنّها تكون فى جمع المال، أو المناصب أو الشهرة، لكن أثبتت التجارب أنها ليس صحيحا فى كثير من الأحيان.
ونحن فى هذه الأيام، نحتفل بعيد الفطر المبارك، والأعياد فى الإسلام تأتى بعد عبادة، احتفالا بالطاعة، مباح فيها اللهو واللعب بالضوابط الشرعية، بعيدا عن المحرمات، وعلى الإنسان أن يفرح ويسعد فى هذه المناسبة، ويعمل على إدخال السرور على من حوله.
ويتفنن الناس حول العالم فى إيجاد وسائل للسعادة بالاحتفالات والمهرجانات، وقد تأخذ أشكالا غريبة، فهذا احتفال «هولى» فى الهند بإلقاء الألوان ويحدث فى مارس، ويقيم التايلانديون مهرجان بوفيه القرود، التى باتت مدللة من السكان الذين يقيمون لها مأدبة كبرى من خمسة أطنان من الفواكه والخضروات والحلوى، وكل ما تشتهيه القردة مِن طعام، بخدمة خمسة نجوم، على موائد فخمة، بمفارش من الحرير.
ومع نهاية أغسطس كل عام، يحتفل سكان فى السلفادور بمهرجان رمى كرات مشتعلة باللهب على بعضهم، وفى إسبانيا يحتفلون بمهرجان «يادنيا كاسادا»، حيث يقوم أكثر من20 ألف شخص برمى الطماطم على بعضهم فى معركة ممتعة، ويعود أصل هذا المهرجان إلى أكثر من 7 عقود، يتضمن قرابة 150 طناً من الطماطم، ويُعد من أشهر المهرجانات الغريبة حول العالم.
وقد تكون بطولة حمل الزوجات فى فنلندا، أمرا صعبا للغاية، خصوصاً لو كانت الزوجة بدينة، وكل عام يتجمّع الرجال فى مسابقة رياضية مدهشة، ويحظى الفائز بمقدار وزن زوجته من عسل النحل، ومن التقاليد الغريبة، فى اليوم السابع، من الشهر السابع من التقويم الصينى، يحتفل الصينيون بـ»عيد حب»، حيث تقوم الفتيات بالدعاء للحصول على زوجِ جيّد، مع حياكة وتطريز قطعة من القماش، لتظهر براعتها فى الأعمال المنزلية.
ولأن سكان المجر يكرهون الشتاء، يقيمون كل عام مهرجانا خاصا مع نهاية الفصل، يرتدون الأقنعة ومعاطف من الصوف ويرقصون على أنغام الموسيقى، ويتم حرق تابوت فوق كومة من الحطب، تجسيدا لنهاية الشتاء و«موته»، ولنفس السبب يحتفل سكان شرق أوروبا الذين يكرهون الشتاء، ويقيمون احتفالا، بأكل الحلويات وإقامة كرنفالات تتضمن ألعاباً للأطفال والقتال بكرات الثلج وإحراق دمية على شكل امرأة تمثل الشتاء.
بينما فى المكسيك، يقيمون فى الصيف احتفالا لتذكر الأقارب المتوفين، يزورون المقابر ومعهم الأطعمة والمشروبات التى كانت مفضلة عند الميت، ويتنكرون كهياكل عظمية مزينة بالأزهار والألوان، ويتجولون فى الشوارع وسط مظاهر احتفالية.
وعلى عكس معظم الاحتفالات، يأتى مهرجان الرجل الميت المتجمد فى ولاية كولورادو الأمريكية، يتضمن نشاطات مثل الموسيقى والرقص، ودمى على هيئة رجل متجمد وسباق لعربات مصنوعة من الأكفان.
أما فى جزيرة بالى الإندونيسية، فيتم الاحتفال بيوم «الصمت»، حيث يمنع استخدام الكهرباء أو إشعال النار أو قيادة السيارة أو العمل أو المتعة، فيما تقيم مدينة هونج كونج الصينية مهرجانا سنويا يحملون فيه التماثيل والتجول بها، وارتداء أزياء تنكرية فى مسابقة الخبز.
وفى ديسمبر من كل عام، تحيى مدينة أوكساكا المكسيكية «ليلة الفجل»، حيث يجتمع العديد من المتسابقين ويتبارون فى حفر الفجل والنقش عليه لصنع تحف صغيرة، وفى ديسمبر أيضا، يقام احتفال فى جواتيمالا لـ»حرق الشيطان» حيث يقوم سكان من القرى والمدن بحرق دمى بمجسم كبير مصنوع من النفايات.
وهكذا يوجد فى العالم مئات الاحتفالات، المرتبطة بالتراث والعادات والتقاليد أو المعتقدات، من أجل السعادة، التى يحاول الإنسان صناعتها لنفسه، بل قامت بعض الدول باستحداث وزارات خاصة للسعادة.