أصبح الإنترنت كالماء والهواء لا غنى عنه لدى الصغير والكبير فى حياته العامة.. بل يمكن لأى شاب أن يجوع ويعطش ويجدد الباقة، لأنه لا يترك الفيس ومواقع التواصل من يده، ويغلق حجرته على نفسه بالساعات دون أكل أو شرب منهمكاً فى تواصله مع أصدقائه أو غير أصدقائه من أنحاء العالم عبر «الببجي» أو غيرها.. بل حوّل الإنترنت والفيس ومواقع التواصل أفراد الأسرة الواحدة إلى جزر منعزلة.. يعيش كل فرد فى عالمه الخاص، يجلسون فى غرفة واحدة، ولكن كل فرد فى دنيا تواصله مع الآخر، حتى وإن جلسوا على الطعام قد لا يترك أحدهم محموله.. ونرى فى إشارات المرور وفى الشوارع كيف أن البعض يقود السيارة وأصابعه تداعب الكى بورد ويقلب فى صفحات الفيس بوك أو الواتس.
وإذا كان هذا حال الأفراد.. فحال الشركات والمصالح والبنوك والمطارات لا تتحرك إلا إلكترونياً وبالإنترنت.. الحياة كلها الآن،، وفى كل أنحاء العالم.. إنترنت.. فى كل هذه الثورة المعلوماتية والتطور المذهل فى دنيا التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى الذى غزا كل وجوه الحياة.. وفوق ما يتصور الانسان.
هل سأل أحد نفسه إلى أين تسير الحياة فى ظل التنامى المذهل للذكاء الاصطناعي؟!.. وإلى أين تنتهى الحياة بالإنسان فى عالم الذكاء الاصطناعى الذى غزا الحرب والطب والعلم والصناعة، وحل محل الإنسان الذى ابتكره؟!.. فإلى أين يقود الذكاء الاصطناعى البشرية؟!
>>>
بالقدر الذى يحققه التقدم العلمى والابتكارات والتطور التكنولوجى من فوائد جمة لبنى البشر.. بنفس القدر أو أكبر يحمل أيضا التهديد والمخاطر للبشرية جمعاء.. فألفريد نوبل الذى ابتكر وتوصل إلى الديناميت الذى شق الجبال والطرق واستخرج الذهب والمعادن والنفط من باطن الجبال.. نفس الابتكار الذى دمر العمران وقضى على الملايين من البشر.. صحيح ان الحاجة أم الاختراع.. والعيب ليس فى الابتكار ذاته.. وإنما فيمن يستخدمه، وأن الإنسان ذاته هو الذى يقسم قطع الجاتوه بالسكين.. هو ذاته الذى يقطع بها الرقاب.
فى هذا الصدد، لم يتوقف أحد طويلاً أمام الاستقالة التى تقدم بها جيفرى هيبتون الأب الروحى للذكاء الاصطناعى من منصبه بشركة «جوجل» وتحذيره من مخاطر هذا التطور المذهل على البشرية.. وأن نهاية البشرية يمكن أن تكون رهن هذا الذكاء الاصطناعي، الذى يفوق ما يتصوره كثيرون.
>>>
وبعيداً عن الدخول فى تفاصيل هذه المخاطر غير المحدودة.. صار الإنترنت والفيس بوك والقنوات الخاصة والتريندات واللهث المسعور وراء حصيلة الدولارات من الشركات التى سقط الملايين فى محافظها الدولارية وصارت النساء فى المدن والريف المتعلمة والجاهلة فى سباق محموم نحو التعرى واللعب على مفاتن الإثارة والإيحاءات الخارجة للوصول إلى ملايين المشاهدات والاشتراكات ولهف آلاف الدولارات.. هذه البرامج أعادت الذاكرة إلى سبعينيات القرن الماضى وثمانيناته، عندما بدأت برامج «ستار أكاديمي» وملكات الجمال ومهارات التعرى والقفز على عالم النجومية بالقدرة على إظهار أكبر قدر من الجسد العارى أو قل بالأحرى ستر أقل جزء من الجسد.. للدخول فى عالم الأضواء والنجومية ولهث المنتجين والمخرجين وراء هذه الجريئة سهلة المنال، لتكون نجمة فى الصفوف الأولى وضيفة دائمة على البرامج والفضائيات، ليس لموهبة أو علم فنى أو ابتكار مذهل للبشرية أو تفرد وتفوق علمى ميزها عن قريناتها.. وإنما لمجرد مهارتها فى التعرى وقلة الحياء.. ضرب «ستار أكاديمي» تقاليد الأسرة وعفة الفتاة وحياء الشاب فى مقتل، من فرط الاختلاط والتعرى وشروط الاشتراك فى المسابقة وعدم الممانعة فى شيء والانفلات غير المحدود سواء للفتاة أو الشاب.. فكان ضربة قاصمة لكل القيم والأخلاقيات فى الأسرة المصرية.. الآن الكل يلهث وراء دولارات نفس الشركات ونفس الأساليب فى ضرب أخلاق وقيم الأسرة المصرية وأخلاق كل الطبقات من بنى البشر.. فعلى كل المستويات وكل الطبقات هناك منافسة صارمة وسباق محموم نحو «التريند» وجمع الملايين من المتابعين لصاحبة الجسد العاري، التى تتفنن فى إظهار عوراتها وهى تمسح بلاطها أو تعد طعامها بالشورت الساخن أو ترتب حجرتها بلا ملابس.. أباحت الدولارات كل المحظورات وصرنا جميعاً نلهث وراء المال بغض النظر عن المخاطر التى يجنيها البشر والأسرة والأبناء من اللهث وراء القنوات الخاصة.. وكيف ان فلانة أصبح لديها «فيلا» وسيارة من قناتها الخاصة التى أعدتها على «اليوتيوب» وهى تعد الطعام أو تقوم بترتيب حجرتها أو وهى تتفنن فى تبديل ملابسها وشياكتها للتباهى بجسدها.. سباق محموم ضرب أخلاق الأسرة فى مقتل فى غفلة من الوعى والالتزام والحياء.