يوم الاثنين الماضى تلقيت دعوة كريمة من رئاسة مجلس الوزراء لحضور جلسة حوارية مع دولة رئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى وذلك بحضور رؤساء التحرير وبعض الزملاء الإعلاميين، عقدت الجلسة فى مدينة العلمين الجديدة فى اليوم التالى مباشرة واستغرقت أكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة، الجلسة أذيعت وقائعها على الهواء فى معظم القنوات والمواقع الإخبارية فلن أكتب اليوم عما أذيع ولكننى سأكتب عن الأمور التى لم تنجح الكاميرات فى نقلها لأنها غير مرئية ولا ملموسة لكنك تستطيع أن تشم رائحتها وتميزها بوضوح إذا كنت متواجداً فى ذات المكان، «التفاؤل الشديد» و»الإيمان الراسخ» و»الفهم العميق» و»عودة الثقة»، تفاؤل بالمستقبل وإيمان بالقدرات وفهم التحديات وثقة فى النجاح، وهناك ملحوظة مهمة وهى قناعة الدولة بدور الإعلام والصحافة المفصلى فى معركة بناء الوعى ومواجهة الشائعات مع كامل الاحترام والتقدير لكل الآراء المخالفة والمتفقة والمعارضة مع قبول غير مشروط بالنقد البناء فى كل الملفات، وهنا لابد أن أتقدم بالشكر المجرد والحقيقى لتفاعل الدكتور مدبولى مع كل ما طرحناه من أسئلة وتساؤلات وشواغل لنا أو للرأى العام فى الملفات دون مواراة أو لف ودوران، قضايا الأسعار والدعم والوضع الاقتصادى كانت هى البنية التحتية للحوار، وكانت الحقائق والتحديات التى سردها رئيس الوزراء هى التى أكملت الصورة وجعلتها واضحة على أفضل ما يكون، فى هذا اللقاء سألت رئيس الوزراء عن إستراتيجية الحكومة ودور الوزراء المعنيين فيها، وعن ملفات قطاع الأعمال ووثيقة ملكية الدولة وصندوق مصر السيادى وحياة كريمة والأمن المائى والتحول الرقمي، كانت فرصة أن أطرح ما يشغلنى أمام الحكومة والرأى العام، وقبل أن يجيب الرجل مازحنى قائلا «سبعة أسئلة!!» وتحدث بصراحة وشفافية ووعى فى كل الموضوعات دون استثناء، وهنا أطرح سؤالاً جديداً على دولته وهو كيف نرفع الروح المعنوية للأمة المصرية من خلال خطة شاملة ترعاها الدولة وتشارك فيها كل القوى الوطنية من كل الاتجاهات؟ فالدولة المصرية صنعت ومازالت تصنع المعجزات، فمن يتابع حجم ودقة التحديات والتداخلات والتشابكات المحلية والإقليمية والدولية سيقف على حقيقة الإنجاز الذى يجب أن يعرفه القاصى والدانى من أبناء هذه الأمة، وهنا يجب أن نعمل على محورين: الأول مواجهة الشائعات التى تستهدف التشكيك والتشويه لكل ما تقوم به الدولة، الثانى رفع الروح المعنوية من خلال أدوات مبتكرة، فالمؤكد أن هناك من يستهدف المزاج العام للشعب المصرى وهذا يبدأ بفكرة التشكيك والاختلاق ثم التدوير وصولاً للتشويه وإفقاد الناس الثقة فى الحكومة والدولة ومن ثم ضرب قيم الانتماء فى الصميم وهذا أمر يجب ألا نقبله ونركن إلى أنه عادي، وهنا أيضا أقول إننا جميعاً مسئولون، فليس هناك أخطر على الوطن من انخفاض الروح المعنوية بشكل جمعي، فانخفاض أو ارتفاع الروح المعنوية للأمة مسألة أمن قومى فى المقام الأول، هناك حزمة من الأسئلة والتساؤلات يشغلنى كثيراً البحث لها عن إجابات، لكن كيف نرفع الروح المعنوية للأمة؟ كيف نحارب اليأس والإحباط؟ وهل حقاً هناك من يقصد ويهدف ويخطط لإشاعة جو من التشاؤم والخوف والإحباط وعدم الثقة بين جموع الشعب فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن؟ من يتحكم إذن فى معنويات الأمة؟ فصناعة الروح المعنوية تقع مسئوليتها على جميع مؤسسات الدولة، حيث إن أداء مؤسسات الدولة فى مجمله هو يخلق مؤشر الرضا أو السخط، لكن بالقطع هناك مؤسسات مهمتها خلق ورفع الروح المعنوية للأمة بشكل مخطط وببراعة من خلال تسويق ما يجرى على أرض الواقع، لكن معلوم للجميع كيف يتم استغلال وسائل التواصل الاجتماعى لبث الأكاذيب والشائعات واختلاق الأزمات والتركيز على موضوعات انتقائية.
لقد تحولت الشائعات إلى أهم وأخطر الأسلحة والأدوات فى أيدى الجماعات المتطرفة، ولم يعد هناك سقف أو حد أو عقل يحكم أو يتحكم فيمن ينتج أو ينقل أو يدير «خط إنتاج الشائعات» تطورت الشائعات ونشطت فى كل الاتجاهات بدءاً من قسم تلويث السمعة والخوض فى الأعراض والحط من شأن الآخرين وصولاً إلى التشكيك فى نسب الأوطان! والغريب أن الناس باتت تهوى الفضائح بكل أشكالها والناس لا تستخدم عقلها وفطرتها فى تقييم ما يتم تداوله من شائعات، إن محاولات هدم ثوابت المجتمع وبث روح الفتنة والشك والريبة ومحاولة هدم القامات والنخب لم ولن تتوقف، هذا هو الواقع فكيف تكون المواجهة؟