تفاءل المواطنون – وهم على حق – بالزيارات المفاجئة أو المخططة التى قام ويقوم بها رئيس الوزراء والوزراء والمحافظون وكبار المسئولين لمواقع العمل والإنتاج والخدمات.. خاصة أن هذه الزيارات واكبها شفافية وإيضاح وكشف للكثير من السلبيات التى اكتشفها كبار المسئولين بأنفسهم وهى جزء من تلك الأوضاع والوقائع التى كانت محوراً لأحاديث المواطنين.. ومعاناتهم فى المستشفيات والوحدات الصحية والمراكز التخصصية ومع التأمين الصحى خاصة فى تلك المحافظات والمراكز والمدن التى لم يصلها بعد قطار التأمين الصحى الشامل بما يستلزمه من جودة فى الخدمة كماً وكيفاً.. وما كشفه المسئولون بأنفسهم من إهمال وتسيب فى بعض أقسام بعض المستشفيات وغياب الأطقم الطبية بل وقيام هيئة التمريض بمتابعة وعلاج مرضى الفشل الكلوى كما سجلته زيارة محافظ أسيوط الأحد المستشفيات مما فرض إحالة مدير المستشفى والطبيب المشرف على قسم الكلى للتحقيق.. وهناك وقائع أكثر إيلاماً سجلتها زيارات وزير الصحة المفاجئة لبعض مستشفيات المحافظات.
ولا شك أن المواطنين قد ازداد تفاؤلهم وقد شهدوا وشاهدوا بأعينهم رئيس الوزراء والوزراء والمحافظين ونوابهم ومساعديهم وقد تخلوا طواعية عن مقاعدهم الوثيرة ومكاتبهم المكيفة وسياراتهم الفارهة وساروا بين المواطنين يصافحون هذا ويسألون ذاك عن همومه وشواغله ومطالبه.. وبعضهم وجد فى «الفضفضة» مع المسئول الكبير «شفاءً» لما فى صدره من أوجاع.. ولم ينتظر النتيجة.. «يكفيه» أنه وجد المسئول معه وأمامه يحدثه ويحادثه ويأنس إليه.. ولا أقول يتودد إليه فإن «رضا المواطن» أصبح عامل «الحسم» فى تقدير مدى كفاءة المسئول.. استمراره أو إقالته .. وهو ما أشار إليه بنفسه المستشار محمد الحمصانى المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء عندما أكد أنه سيتم إجراء تقييم دقيق بصورة دورية لأداء الوزارات ومتابعة تنفيذ التكليفات وفى حالة «عدم الرضا» سيكون هناك «تدخل».. فإن حجم التحديات التى تخوضها مصر فى هذه الفترة وفى ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المنفذة فإن الوضع فى مصر لا يتحمل أى تكاسل أو إهمال أو تقاعس.. وهو ما أكده بنفسه أيضاً رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى شخصياً.
ولفترة قادمة ستظل الزيارات الميدانية المفاجئة والمخططة منهاج عمل لكثير من المسئولين فإنها تحت أعين رئيس الجمهورية «شخصياً».. ورئيس الوزراء من بعده وسائر الأجهزة الرقابية.. وأيضاً تحت أعين الشعب المصرى الذى ينتظر من وراء هذه الزيارات «الكثير».
يقول المواطنون فى منتدياتهم – وأراهم أيضاً على حق – إن الزيارات الميدانية علامة إيجابية على عمق العلاقة بين المسئول والمواطن.. لكنها لا يمكن أن تكون «هدفاً» فى ذاته.. فإن المسئول الذى يكتشف مثلاً زحام المواطنين فى موقع صحى مستشفى أو عيادة حكومية أو تأمين صحى ويعطى توجيهاته الفورية الميدانية للمسئول بالخير والتقدير إلا إذا أعقب ذلك التحرك عملاً حثيثاً جاداً يواجه المشكلة ويقتلعها من جذورها.. إن زيارة قريبة قام بها الوزير الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء لمستشفى الوزارة بألماظة أكدت الإمكانيات الرهيبة لهذا المستشفى وقدراته وإمكاناته لكنه لا يقدم الخدمة الطبية بذات مستوى قدراته.. فإذا لم يشهد «موظف الكهرباء».. والمواطن المحيط بالمستشفى تحسناً بخدمات المستشفى بعد زيارة الوزير.. فإنه سوف يكون «غير مرتاح» لمثل هذه الزيارات.. بل وربما تكون عنصر «إحباط» لا يجد المواطن إلا أن يقع فيه، فالعبرة كما يقولون بالنتائج والأفعال والتغيير الذى يلمس الواقع الذى يعيشه المواطن.. إلى الأفضل.
إن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى شاء قدره أن يرأس حكومة مصر فى ظل عالم يزداد إيلاماً وتعقيداً.. وخلال الأيام السابقة عاش العالم ظروفاً اقتصادية مأساوية أدت إلى خسائر وصلت تريليونات الدولارات فى أسواق المال وفى البورصات العالمية وانهارت قيمة الأسهم وساد «البيع» بالخسارة عمليات التداول ولم تكن البورصة المصرية عنها ببعيد فضلاً عن خروج الأموال الساخنة.. والسبب كما نراه جميعاً ونعيشه كل لحظة وثانية عالم مضطرب.. حروب ودماء وقتلى وأشلاء ووضع إقليمى شديد الاضطراب.. و»منها لله» إسرائيل وقادتها.
إن رئيس الوزراء فى ظل التكليف الأخير له برئاسة الوزراء أصبح أكثر قرباً للمواطن والإعلام بشتى صنوفه وأصبح أكثر ميلاً للإفصاح والحديث الصريح.. والمواجهة بالأرقام والحقائق دون خوف أو وجل.. وقال فى أكثر من مناسبة إن توطين التكنولوجيا والصناعات الواعدة تكليف رئاسى وإن تكثيف الزيارات الميدانية للمصانع وحل مشكلاتها وتوفير احتياجاتها واتخاذ التدابير اللازمة لتوفير مستلزمات الإنتاج والتوسعات لها التزام قومي.. فإذا رأى المواطن أن هذا «الكلام» لم يتحقق على أرض الواقع وأن «عبدة الروتين» وما يسمى بالحكومة العميقة قد عطلت أو أوقفت أو أفشلت خطط الدولة ورئاسة الوزراء فيها فإن المواطن لا يملك إلا أن ينتقد بشدة منهاجاً لم يستحدث من الطرق والوسائل ما يضمن حسن الأداء.. والإثابة المربحة لمن يعمل والعقاب الصارم لمن يهمل أو يتكاسل أو يعطل مصالح العباد.
لقد تحدث رئيس الوزراء كثيراً عن الدواء وتوفيره.. والأسمدة وعدالة توزيعها وتوفيرها للزراعات المختلفة.. وضبط الأسعار ومواجهة الجشعين والضرب بيد من حديد على أيدى تجار الأزمات والمتاجرين بآلام الناس.. ومعاقبة أصحاب المخابز الذين ينقصون الميزان ويسيئون الجودة ويغتالون «الرغيف».. وهذا يفرض «أداءً» قوياً متناغماً ليس فى القاهرة أو الجيزة فقط وانما فى سائر أرجاء مصر وأن تكون هذه المحاور «مناط» تقييم المحافظين وكبار المسئولين «أياً كانوا».. لابد أن يكون فى كل وزارة ومحافظة وهيئة قطاع مخلص وأمين وجاد مهمته «المتابعة» لكل ما يصدر عن هذه الوزارة أو المحافظة وكل ما يهمها وكل ما يتعلق بمهامها ومسئوليتها.. وما تم تنفيذه من توجيهات وقرارات وما لم يتم تنفيذه.. ولماذا؟ فقد فقدت بعض أجهزة المتابعة بالوزارات والهيئات والمحافظات مصداقيتها بعد أن تحولت إلى «مستودع» للمرضى عنهم.. وأصحاب الحيثية والوساطة.. وصار لزاماً الآن إعادة تشكيل أجهزة المتابعة بكل وزارة ومحافظة حتى يلمس المواطن صدى صوته داخل مؤسسات الدولة.. وحتى يرى المواطن بعينى رأسه «تغييراً حقيقياً» يريحه ويثلج صدره.. وبالله التوفيق.. وتحيا مصر.