الريف المصري.. لوحة فنية ساحرة.. ماء وخضرة وشمس ساطعة واجواء نقية، وتراث ثقافى وتاريخى لا يضاهي.
قريتان من صعيد مصر.. تردد اسماهما فى اروقة منظمة الامم المتحدة للسياحة، ضمن افضل 55 قرية سياحية فى العالم.. وقع الاختيار عليها خلال اجتماعات الدورة 122 للمجلس التنفيذى للمنظمة «UN Tourisan» المنعقد حالياً فى مدينة كارتاجينا دى اندياس بدولة كولومبيا.
القرية الاولى «غرب سهيل» النوبية التى ابدع اهالينا فيها فى جعلها أيقونة بديعة للجمال، ونسخة وحيدة، لا مثيل لها فى العالم، لمجتمع صغير، بسيط، يرتوى بماء النهر الخالد، ويسقى به ارضه وغنمه.. وينظم بـ «فلوكاته» الصغيرة وفنادقه العائمة رحلات نيلية للضيوف الاجانب للاستمتاع بصفحة النيل، على صفحته التى تعكس خيوط الشمس الذهبية، ليكتشف اسرار الجمال فى تلك البقعة الخلابة.
وعلى البر.. يجتذب التراث النوبى الزوار.. متمثلاً فى الملابس المطرزة، والحقائب المصنوعة باليد والاكسسوارات التى تعكس هوية السكان وطبيعة المكان وموروثاته.
القرية الثانية «أبوغصون» بمدينة مرسى علم، جنوب محافظة البحر الاحمر، التى تمكنت من تحقيق المعادلة الصعبة، حيث وازنت بين الطبيعة والتنمية، وهى تحتضن محمية وتضيء منازلها بالطاقة الشمسية، وتحيط بها اشجار المانجروف الباسقة التى تخترقها اشعة الشمس، وهى مقصد شديد الجاذبية لعشاق البيئة البكر.
الشاطيء ايضاً له جاذبية خاصة لعشاق الغوص واكتشاف مواطن ابداع الخالق فى البيئة البحرية ذات الالوان الزاهية، التى تشمل الزواحف والكائنات البحرية المهددة بالانقراض وتشتهر هذه البقعة الفريدة ايضاً بانتاج العسل الجبلى والعديد من النباتات الطبية النادرة التى يقبل عليها السائحون من كل انحاء العالم.
الامر الذى يدعو للفخر.. ان القريتين لم تكتفيا بالحفاظ على ما وهبه الخالق لها من بيئة طبيعية وتراث ثقافي.. وانما استغلتا مواردهما البدائية البسيطة فى بناء المنازل واقامة مشروعات تنموية مستدامة، تبهر الناظرين.. القريتان تقدمان نموذجاً لقرى اخرى للسير على نفس النهج، من اجل الوصول إلى العالمية.تعتبر قرية غرب سهيل، الواقعة على ضفاف النيل فى محافظة أسوان، واحدة من أجمل القرى النوبية فى مصر وقد ازداد تسليط الضوء عليها بعد تحقيقها إنجازاً كبيراً بفوزها بجائزة أفضل قرية ريفية على مستوى العالم. جاء هذا التكريم تتويجاً لجهود سكانها فى الحفاظ على التراث النوبي، وتشجيع السياحة المستدامة، وتحقيق التنمية البيئية والثقافية.
غرب سهيل معروفة بمنازلها ذات الألوان الزاهية والزخارف الفريدة التى تعكس الثقافة النوبية الأصيلة. القرية ليست فقط وجهة سياحية، لكنها أيضًا بوابة للتعرف على التراث النوبي، حيث يستمتع الزوار بجولات فى النيل، والضيافة النوبية التى تشمل الطعام التقليدى والمشروبات المحلية مثل الشاى الكركديه.
القرية شهدت خلال السنوات الماضية إنشاء العديد من النزل البيئية والفنادق الصغيرة التى تعكس الطابع النوبى التقليدي، مما جذب السياح الباحثين عن تجربة فريدة ومميزة. إلى جانب ذلك، تم تنظيم جولات نيلية بالقوارب التقليدية التى تتيح للزوار فرصة استكشاف جمال الطبيعة المحيطة بالقرية.
يرى علاء آدم رئيس حى جنوب اسوان سابقاً ان التميز الثقافى والسياحى الذى تميزت به قرية غرب سهيل منحهاعلي لقب أفضل قرية ريفية سياحية فى المحافظة يأتى تتويجًا للجهود المبذولة من قبل سكان القرية والحكومة فى الحفاظ على الطابع النوبى التقليدى والترويج لجمال الطبيعة والتراث الثقافى الذى تتميز به المنطقة.
فاختيار غرب سهيل كأفضل قرية فى أسوان لم يأت من فراغ وانما هناك عدة عوامل ساهمت فى تحقيق هذا الإنجاز، منها التنمية السياحية حيث شهدت القرية تطورًا كبيرًا فى الخدمات السياحية، بما فى ذلك إنشاء نُزل بيئية مستوحاة من الثقافة المحلية ،،، بجانب الحفاظ على التراث النوبى للسكان والذين لعبوا دورًا رئيسيًا فى إبراز التراث النوبى من خلال الحرف اليدوية والأسواق التقليدية داخل السوق السياحى بالقرية مما ابرز جمال القرية، وايضاً جمال الموقع يؤكد إن فوزها على ضفاف النيل، إلى جانب المناظر الطبيعية الخلابة، جعلها وجهة مفضلة للسياح من داخل مصر وخارجها.
وأضاف علاء إن غرب سهيل تتطلع إلى مواصلة النجاح من خلال تطوير المزيد من المشروعات التى تدعم البنية التحتية والسياحة البيئية وأن التركيز على التعليم والتدريب سيضمن استدامة هذه الإنجازات، ويعزز من مكانة القرية كرمز للثقافة النوبية ووجهة سياحية مميزة.
آدم يشير أنه بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للقرية وتوصيته بادراجها ضمن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة » مان سببا فى تحسين البنية التحتية فى القرية بشكل كبير، بما فى ذلك تطوير الطرق وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية. هذه التطورات لم تساهم فقط فى تحسين حياة السكان، بل جعلت القرية أكثر جذبًا للاستثمار.
أحمد عبد الراضى رئيس حى جنوب مدينة اسوان غرب سهيل بجائزة أفضل قرية ريفية حقق صدى واسعاً داخل القرية، مما جعل أهالى القرية يشيدون بهذا الإنجاز الكبير الذى يعكس جمال التراث النوبى وأصالتهم، فان الفوز جاء ليبرز أهمية القرى المصرية فى المشهد السياحى العالمي، وليدعم جهود الدولة فى الترويج للسياحة الريفية المستدامة.
وأضاف قائلاً فوز غرب سهيل بهذه الجائزة هو شهادة على الجهود التى تبذلها الدولة بالتعاون مع المجتمعات المحلية لدعم وتنمية السياحة الريفية. القرية تمثل نموذجاً رائعاً يعكس التناغم بين البيئة الطبيعية والثقافة التراثية.
وأشار إلى أن هذا الإنجاز يؤكد قدرة مصر على المنافسة دولياً فى مختلف المجالات، خاصة فى تقديم تجارب سياحية متنوعة تُظهر غنى التراث الثقافى المصري.
وعن ابرز المشروعات داخل القرية يكشف لنا رئيس حى جنوب أن الحرف اليدوية أصبحت من العناصر الأساسية فى اقتصاد القرية حيث تعمل نساء القرية فى صناعة المنتجات اليدوية مثل الملابس المطرزة والحقائب والإكسسوارات التى تعكس الهوية النوبية، ثم تعرض هذه المنتجات فى الأسواق المحلية، وتعتبر مصدر دخل رئيسى للعديد من الأسر.
يضيف أن غرب سهيل مثالًا حيًا على قدرة المجتمعات الصغيرة على النهوض من خلال استثمار مواردها الفريدة، مما يجعلها وجهة تستحق الزيارة والتقدير.
عبير الدمرداش .. احدى قيادات قرية غرب سهيل وعضو بجمعية غرب سهيل قبلى تؤكد أن الجائزة عكست الجهود المبذولة من قبل الحكومة خاصة بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ عامين .
وأضافت، علينا الاستفادة من هذا الإنجاز بوضع خطط طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على الطابع الفريد للقرية وزيادة أعداد الزوار.. بجانب توعية أهالى القرية والزوار بأهمية السياحة المستدامة، لتجنب أى تأثير سلبى على البيئة أو التراث النوبى .
و من جهته هلال الدندراوى عضو البرلمان الأسبق أشاد بالدور الذى تلعبه الدولة فى دعم القرى الريفية لتحقيق إنجازات مماثلة. وقال: ما تحقق فى غرب سهيل يجب أن يكون نموذجاً للقرى الأخري. فالدولة ملتزمة بتقديم كل الدعم لتحقيق التنمية الشاملة، والحفاظ على التراث المصرى فى مختلف المناطق.
فوز قرية غرب سهيل بجائزة أفضل قرية ريفية يُعتبر تتويجاً لجهود متكاملة بين الدولة والمجتمع المحلي. المسئولون ينظرون إلى هذا الإنجاز كفرصة لتعزيز السياحة الريفية، وتحقيق المزيد من التقدم فى تطوير القرى المصرية مع الحفاظ على هويتها الثقافية والبيئية.
يؤكد لنا صابر محمد على أحدأهالى القرية يعتبرالفوز دليل على صدق وعد الرئيس لأبناء القرية وأكد على تطوير القرية والاهتمام بها وبالفعل هذا ما حدث من تميز ثقافة أهل القرية، وعلى قدرتنا على جذب أنظار العالم بتراثنا الذى نحافظ عليه منذ أجيال».
يقول صابرأن الجائزة ليست مجرد تكريم للقرية، بل هى اعتراف بجمال البيئة الطبيعية والتقاليد النوبية التى تتميز بها القرية، من المنازل الملونة الزاهية إلى الحرف اليدوية والأكلات التقليدية.
بينما أعرب العم ناصر صاحب أشهر منزل سياحى بغرب سهيل عن سعادته بالإنجاز حيث أكد على أن الفوز يضع على عاتقهم مسئولية كبيرة للحفاظ على المكانة التى حازتها القرية، قائلاً علينا الآن أن نعمل على تطوير القرية بطريقة تحافظ على هويتها، مع الاستمرار فى تحسين الخدمات للسكان والسائحين.
وأشار إلى أهمية الاستفادة من هذا الفوز فى تعزيز السياحة المستدامة، مما يساعد فى خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة.. كما شدد على ضرورة الاستثمار فى البنية التحتية والخدمات التعليمية والصحية.
وترى الحاجة كوثر من سيدات القرية أن النجاح لم يكن ليتحقق لولا قرار الرئيس السيسى بالاهتمام بالقرية بعد زيارته ووعده لنا بجانب التعاون بين أهالى القرية فقد كانت جهود المجتمع المحلى واضحة فى تقديم تجربة سياحية فريدة، تقوم على استقبال السياح بحفاوة، وتنظيم أنشطة تبرز الثقافة النوبية.
الحاجة روحية يوسف صيام إحدى سيدات قرية غرب سهيل لم يمنعها كبر سنها من ممارسة هوايتها المفضلة التى تعلمتها من والدتها وأجدادها ترىان السبب الحقيقى وراء الفوز تكاتف جهود الدولة مع استمرار أهالى القرية فى صناعة الحرف اليدوية ذات الارث النوبى وانها ضمن هؤلاء التى لم يمنعها سنها من ممارسة هوايتها لاسيما أنها حولتها لوسيلة للربح ومع مرور الوقت أصبحت تتنقل بين المزارات السياحية الهامة بمحافظة أسوان والتى من أبرزها متحف النوبة، ومتحف النيل الوثائقي، لكى تعرض مشغولاتها اليدوية، على الزوار.. لتحكى عن هوايتها المفضلة منذ الصغر، وسبب تجولها بالمزارات السياحية بأسوان.
ويؤكد محمد شعبان أحد المرشدين السياحيينعلى ضرورة الانتباه إلى التحديات قد تواجه القرية فى المستقبل، منها الحفاظ على الهوية الثقافية وسط زيادة التدفق السياحى. وكذلك ضرورة وضع خطط تضمن أن التنمية التى ستشهدها القرية لا تؤثر سلباً على البيئة أو التراث الثقافي.
وأضاف أن فوز غرب سهيل بجائزة أفضل قرية ريفية هو تكريم لكل ما تمثله القرية من قيم الجمال والتقاليد والتراث. وهو أيضاً دعوة لمزيد من العمل والتخطيط للحفاظ على هذا الإرث الثقافي، وتعزيز دوره فى التنمية المستدامة.
ومن جانبه قدم اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان التهنئة لأهالى قرية غرب سهيل النوبية بإعتبارها من أجمل المواقع المتميزة على صفحة نهر النيل الخالد لما تمتلكه من الطبيعة الخلابة ، وبشاشة الوجوه السمراء لأهالها ، الذين يتميزون بحسن وحفاوة الإستقبال لضيوفهم وزائريهم من مختلف الأفواج السياحية والمصريين ، وهو الذى جعلها تمثل أيقونة للتراث الثقافيالمصرى ، ولاسيما أنها لاتزال تحتفظ بالطراز النوبى القديم من منازل وعادات أهل النوبة الأصيلة .
مؤكداً أن قرية غرب سهيل تشهد طفرة كبيرة من المشروعات المتنوعة فى ظل اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بها ، وإدراجها ضمن المرحلة الثانية للمبادرة الرئاسية « حياة كريمة « ، ليتم تنفيذ مشروعات بقطاعات العمل المختلفة من شبكات مياه الشرب والصرف الصحى والطرق وغيرها مما يجعلها بانوراما جمالية متكاملة الأركان ،وتحقق مزيداً من الجذب للحركة السياحية ، وتحويلها لأكبر مركز ومقصد للسياحة الريفية والبيئية والعلاجية والاستشفائية .
وأكد محافظ أسوان أن هذا التكريم العالمى هو خطوة نحو تحقيق المزيد من التنمية المستدامة فى المنطقة، مشيراً إلى أن القرية أصبحت نموذجاً يحتذى به فى الحفاظ على الهوية الثقافية مع تحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين. وأضاف سنعمل على توفير مزيد من الدعم والمشروعات التى تساهم فى تطوير البنية التحتية بالقرية مع الحفاظ على طابعها المميز.
كما يرى أن هذا الفوز يفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات السياحية، ويؤكد أهمية تعزيز التعاون بين الحكومة والمجتمعات المحلية لتحقيق التنمية الشاملة.