يخطئ ألف مرة من يتصور ان عناصر القوة الناعمة تقل قوة وتأثيرا عن عناصر القوة المادية من عدة وعتاد وصواريخ عابرة القارات وطائرات بدون طيار والنووى والذري.. والقتل عن بعد بالليزر واستخدام الذكاء الاصطناعى والنبضات الكهرومغناطيسية بصورة تفوق تصور البشر فى الحروب.. وفى الجيل الرابع والخامس من الحروب.. أصبح استخدام وسائل القوة الناعمة أهم وأقوى من الأسلحة التقليدية المادية المحسوسة.. وصار الاستعمار الفكرى والثقافى أيسر وأكثر تأثيرا من الاستعمار المسلح والزحف البشرى بالعدة والعتاد.. ونجحت خطط اسقاط البلاد بأيدى أبنائها من عمليات تغييب الوعى الوطني.. وحشو الرءوس بأوهام وأكاذيب وشائعات وفتن تقود فى النهاية إلى أن يصبح الإنسان عدو نفسه وعدو وطنه فيغيب عنه الوعى فيرى الباطل حقا والخراب والدمار تغييرا.. فإذا سقط الوطن واستيقظ بعد فوات الأوان فإن الندم لا يفيد والدموع والحسرة.. لا تعيد اللبن المسكوب إلى الإناء!!
>>>
والفن رسالة.. ولم تكن رسالته منذ أن وعينا على الدنيا نحن الجيل الذى نشأ فوجد ثمار ثورة يوليو تحيط به فى كل مكان.. فشربنا وطنية الزعيم جمال عبدالناصر ونحن أطفال ودرسنا فى مدارس ثورة يوليو وكان الوطن بالنسبة لنا هو الحياة.. والوطنية هى الماء والهواء.. والتضحية من أجل الوطن عقيدة راسخة.. بل لا قيمة للحياة ولا وزن للروح فى سبيل الدفاع عن كل ذرة تراب من أرض الوطن.. أقول لم تكن رسالة الفن أبداً هدم القيم وضرب أخلاق المجتمع الرصينة فى مقتل.. ولم تكن رسالة الفن يوماً بلطجة وإتاوة وسنجة وسيف وقطع رقاب العباد وترويع الصغير والكبير.. ونشر الفسق والعرى والخلاعة وزنا المحارم.. ويوم دخل مجال الانتاج الفنى والسينمائى تجار الكرشة والفشة.. وعاثوا فى دنيا الفن فسادا وعريا وبلطجة ودماءً حذرنا مرارا وتكرارا.. وعارضنا بقوة المصطلحات التى ابتدعوها لترويج بضاعتهم السيئة وأعمالهم الدنيئة بأن «الجمهور عايز كده».. ويوم أن قدمت الشركة المتحدة أعمالاً جيدة ولاقت إقبالا كبيرا ونجاحا ساحقا أثبتت كذبة عبارة ان الجمهور عايز كدة.. وقلنا ان الجمهور واع.. وإذا قدمت عملا مفيدا وهادفا نجح بامتياز.. وان الفن ليس عريا ورقصا ومجونا وانما الفن رسالة.. ورسالة تبنى ولا تهدم تضيف إلى المجتمع وتجود من سلوك البشر.. ولا تسيء ولا تفسد.. والأمثلة عديدة ولو عدنا إلى السينما المحلية ولا أقول العالمية لوجدنا ان هناك أعمالا كثيرة عالجت العديد من القضايا الاجتماعية بل وغيرت قوانين وعودوا إلى فيلم «كلمة شرف» لملك الشاشة فريد شوقي.. السجين الذى هرب لزيارة ابنه المريض وسمح له المأمور الإنسان على مسئوليته بالخروج ساعتين لزيارة أسرته.. بعد هذا الفيلم تغير القانون وصار مسموحا للسجين بزيارة طارئة لذويه وزيارة أسرته له.. وكذلك فيلم «أريد حلاً» لسيدة الشاشة وأفواه وأرانب.. كلها أعمال بناءة عالجت قضايا اجتماعية وكانت إيجابية للغاية.. كما غير كثير من أعمال «شارلى شابلن» العديد من قوانين العمل فى أوروبا.. والفن رسالة سامية وبناءة.. وليست رقصا وعريا وقتلا وبلطجة ومخدرات وترامادول وفساد المجتمع والشباب.. وقديما كنا نعارض ونهاجم مقص الرقيب باسم حرية التعبير.. لا وألف لا.. ومرحبا بمقص الرقيب الذى يعيد إلى المجتمع أخلاقه ومبادئه ويصون للأسرة المصرية ثوابتها الرصينة وترابطها..
>>>
وما يحدث فى الفن من انتاج أعمال هابطة وسيئة.. هو ضرب فى العمق لثوابت المجتمع المصرى وفتنة ملعونة متعمدة لخلق أجيال ضائعة من الشباب.. ثقافتها البلطجة والإتاوات وتعاطى المخدرات والسنج والدم والسيوف.. تكون دائماً عامل هدم لنفسها ووطنها بكل سهولة.. وكما أراد المنتج والممول عدو الوطن!!
.. وما يحدث فى مجال الرياضة من عدم الوعى الوطنى وغرس بذور الفتنة بين جماهير قطبى الكرة المصرية ونشوب حروب كلامية باردة وساخنة على السوشيال ميديا وفى البرامج.. فتنة دامغة يروج لها كثيرون بوعى أو بدون وعي.. ونحن فى مرحلة لا تحتمل أن يقود أى نوع من أنواع الإعلام الفنى أو الرياضى غير الواعين الذين لا يدركون عواقب ما يروجون له وتأثيره على العامة.
إننا جميعا مسئولون عن بناء الوعى الوطنى بالمرحلة وبما يدور من حولنا وبوحدة الصف ومحاربة أى شيء من شأنه أن يفرق ويكرس الانقسام والخلاف ولو كان مباراة كرة قدم.