لطالما ارتبطت الأندية الرياضية في أذهان الكثيرين بالمنافسات والبطولات، لكن الحقيقة أن دورها يجب أن يتجاوز ذلك ليشمل جوانب ثقافية وتوعوية تسهم في بناء شخصية أعضائها، وترسيخ قيم الانتماء والمواطنة.
وهنا يأتي دور نادي طلعت حرب العريق، الذي يحمل اسم طلعت حرب رائد التحرر الوطني وأبو الاقتصاد المصري الذي أثبت أنه ليس مجرد نادٍ رياضي بل مؤسسة ثقافية ومجتمعية متكاملة نجح في تحقيق توازن بين الرياضة والثقافة.
اقول هذا بعد متابعتي للنادي عن قرب وبحكم انتمائي له وعندما شاركت في إحدى الندوات الثقافية والفنية التي ينظمها النادي، لفت نظري مدى الاهتمام الذي توليه إدارته لهذا الجانب، وهو أمر يستحق الإشادة.
فبقيادة هشام عكاشة، رئيس مجلس الإدارة، وإشراف شريف خليل، المدير التنفيذي، بات النادي نموذجًا للأندية التي تعي أن دورها لا يقتصر على إعداد الرياضيين، بل يمتد إلى تثقيفهم وتوعيتهم. فالرياضة والثقافة وجهان لعملة واحدة، كلاهما يسهم في صقل شخصية الفرد وبناء مجتمع أكثر وعيًا.
ليس غريبًا أن نشهد هذا التطور في نادي طلعت حرب، فنجاح أي مؤسسة رياضية لا يتحقق فقط من خلال البطولات، بل عبر التأثير الإيجابي في المجتمع.
من هنا، كان الحرص على إقامة فعاليات شهرية تستهدف تنمية الوعي وتعزيز روح الانتماء للوطن، وهو ما يجعل النادي أكثر من مجرد مكان لممارسة الرياضة، بل بيئة حاضنة للفكر والثقافة.
وعند الحديث عن هذه النقلة النوعية، لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي يلعبه شريف خليل، المدير التنفيذي للنادي.
فهو ليس مجرد إداري، بل رياضي صاحب تاريخ طويل في مجال كرة اليد، بدأ مشواره كلاعب قبل أن ينتقل إلى التدريب والإدارة، محققًا نجاحات لافتة فمن قيادة الفريق الأول لكرة اليد بنادي الزهور إلى رئاسة جهاز كرة اليد والمدير الفني للفريق الأول لنادي الترسانة، ثم وصولًا إلى موقعه الحالي في نادي طلعت حرب، نجح خليل في ترك بصمة واضحة في كل محطة مر بها.
فالإدارة الرياضية الناجحة لا تقتصر على وضع الخطط، بل تتطلب تنفيذًا مدروسًا، وهو ما انعكس على النادي من خلال سلسلة من التطويرات، سواء على مستوى البنية التحتية أو البرامج التدريبية أو الأنشطة الثقافية والاجتماعية.
ومثل أي تجربة نجاح، لم يكن الطريق ممهدًا أمامه فقد واجه العديد من التحديات، بدءًا من مقاومة التغيير داخل النادي، وصولًا إلى الموارد المالية المحدودة التي كان عليه التعامل معها بذكاء لتحقيق تطلعات الأعضاء. لكن ما يثير الإعجاب هو قدرته على إدارة هذه التحديات بمرونة، حيث نجح في تحقيق استقرار مالي نسبي، وجذب استثمارات أسهمت في تطوير النادي، إلى جانب تنفيذ إصلاحات إدارية جعلته أكثر احترافية.
ويجب ألا يتوقف الطموح عند حدود التطوير الحالي، بل يمتد إلى رؤية مستقبلية تهدف إلى توسيع قاعدة الناشئين، والاستثمار في المواهب الرياضية الشابة وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الرياضية والبنوك والشركات، لضمان موارد إضافية تسهم في تطوير النادي.
ورفع مستوى التنافسية، من خلال المشاركة في بطولات محلية ودولية، بما يعزز مكانة النادي والاستمرار في تحديث البنية التحتية، لتوفير بيئة رياضية متطورة تتماشى مع تطلعات الأعضاء.
إن تجربة نادي طلعت حرب تؤكد أن الأندية ليست مجرد ملاعب ومباريات، بل مؤسسات لها دور رئيسي في تشكيل الوعي المجتمعي.
وما نشهده اليوم من نهضة داخل النادي يعكس نجاح رؤية إدارته، ويؤكد أن الرياضة والثقافة يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب.
لذلك، أوجه تحية لكل العاملين بالنادي على جهودهم في قيادة هذا الصرح العريق، الذي يحمل اسم طلعت حرب رائد الاقتصاد المصري وتحويله إلى نموذج للأندية التي تفهم أن النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بعدد البطولات، بل بمدى تأثيرها الإيجابي في المجتمع.