صوت أدبى مميز، بدأ مسيرته الأدبية عام 2008، حقق نجاحا لافتا، وحصد العديد من الجوائز منها جائزة ساويرس، والطيب صالح، ووصلت روايته «السيدة الزجاجية» للقائمة القصيرة لجائزة «نجيب محفوظ» بالجامعة الأمريكية.
< لا يشغلك الصنف الأدبى كثيراً لكن اى النوعين تفضل وترى أنه قادر على توصيل أفكارك؟
لو تقصدين القصة أو الرواية فأنا أكتب أولا دون تخطيط، ثم يأتى الشكل والأسلوب بعد البداية، دائماً تكون الكتابة بلا شكل، لكن حين يبدأ العمل الجاد على الفكرة تتضح التفاصيل وتسير الأمور إلى طريق أفضل، فعلى سبيل المثال رواية الزيارة كانت قصة قصيرة حوالى ثلاثين صفحة، ثم أصبحت نوفيلا تسعين صفحة، ثم أصبحت النوفيلا جزءاً من ثلاثة أجزاء وهو ما شكل رواية الزيارة، وبطريقة عكسية بدأت كتابة قصة «حكاية يوسف إدريس» على أنها رواية، لكن الأمور انتهت بها كقصة قصيرة، وأحيانا يكون النفس المسرحى فى القصة فتصبح مسرحية، أو ربما قصة للأطفال.
< فى «السيدة الزجاجية» يمتزج التجريب بالواقعية هل ترى أنها خلطة صالحة ام. أن هناك مخاطرة للتلقى كما حدث مثلا فى رواية «الزيارة» التى صعب تلقيها على البعض؟
رواية السيدة الزجاجية كانت لكتابتها حالة خاصة، فهى لم تُكتب كتأليف خالص، لأنها تعتمد فى الأساس على قصة حقيقية مع اختلاف المسارات، وثومة، أو أم كلثوم بطلتها كنت أعرفها حق المعرفة، حتى لزمة «يا عم» التى تكررت كثيراً فى الرواية كانت خاصة بها فى الواقع، وبشكل عام أنا لا التفت كثيراً إلى مسألة المتلقي، لأن المتلقى هو محض ظن وخيال فى عقول بعض الكُتاب، لا يوجد قارئ يمكن أن أوجه إليه ما أكتبه، وبالنسبة للسيدة الزجاجية فهى ليست تجريبية مثلاً مثل رواية الزيارة، لكنها واقعية بمسحة تجريبية بسيطة، فلا يوجد بها شيء خرافى أو غير واقعي، على العكس من ذلك، أغلب من قرأوها تعلقوا بشخصية ثومة لفرط واقعيتها.
< النهاية المحزنة والتفاصيل الصعبة فى حياة بطلة «السيدة الزجاجية» وطفلها ذلك الاتكاء على الحزن ألم تفكر أنه قد يؤثر بشكل سلبى على القاريء؟
منذ عام جمعتنى مع الدكتور محمد المنسى قنديل مناسبة، فقال لى «إن رواية السيدة الزجاجية رواية بديعة وملهمة، لكن ذلك لم يمنعنى من الحزن على ثومة وطفلها آدم» وهذا يعنى أن الرواية ضغطت على الألم فى أنفس الشخصيات وأرواحهم، وهذا ما كنت أريده منذ البداية، أن يشعر الناس بألم الشخصيات مجردا، دون أى تزويق، فأحيانا يكون فى ذلك الشفاء والتطهر أكثر مما يحدث فى النهايات السعيدة.
< حدثنا عن سر الـ»55» فى قصص بائع السخانات؟
سر الـ55 فى قصص بائع السخانات أنها محاولة لمعرفة ما يفكر به الإنسان وهو فى هذه السن، خاصة أننى قريب جداً منه، حاولت أن أستكشف أهمية التقدم فى العمر لدى الإنسان، ما معنى ذلك؟ فجعلت أبطال القصص جميعا فى الخامسة والخمسين، وقد اكتشفت أيضاًً أننى أثناء الكتابة أفكر كرجل بلغ بالفعل الخامسة والخمسين، رغم أننى كنت فى الثانية والخمسين، ولكنه يعتبر نوعاً من التنبؤ بما سأصل إليه بعد سنوات قليلة.
< ما الذى يعنيه لك الترشح لجائزة نجيب محفوظ؟
يعنى ذلك بالنسبة لى الكثير، اقتران اسمى بأسماء عظيمة بدأ حين كتبت مجموعة «حكاية يوسف إدريس» فى 2013، وحين فازت المجموعة بجائزة ساويرس بدأ القراء يبحثون عنها، ويسألون عن علاقتى بيوسف إدريس، والمرة الثانية حين فازت مجموعتى القصصية «الهروب خارج الرأس» بجائزة الطيب صالح واقترن اسمى باسم الروائى السودانى العظيم، وها هو اليوم يقترن باسم نجيب محفوظ وهذا شيء عظيم أن تكون رواية السيدة الزجاجية ضمن اللائحة المختصرة لهذه الجائزة المهمة.
< روايتك الجديدة «مريم ونرمين» تتسم بالغرائبية حيث يتكلم كل شيء فى الرواية الغرابة تركت بصمتها حتى على الاسم، كلمنى عن هذه التجربة؟
رواية مريم ونيرمين هى الأكثر إرهاقاً ومتعة فى مشروع الكتابة كله، فقد استغرقت فى كتابتها ثلاث سنوات كاملة، ذلك لأن كل شيء فيها يتكلم، حتى الجمادات لها شخصيتها المميزة وروحها المختلفة والمستقلة، وما أردت بالطبع استنطاق الأشياء كنوع من الإبهار أو البهرجة، لكن لضرورة سردية حتمها الأسلوب الذى اخترته من البداية، فمن أراد أن يرى فيها حكاية بسيطة عن رجل أحب امرأة أخرى غير زوجته سيجد ما يبحث عنه، وإن أراد آخر أن يرى الرواية كرواية عن الحرب فى العراق سيجدها أيضاً، أما من يقرأها على أنها ميتا رواية تهتم بعالم الكتابة فسيراها أيضاً كذلك، لكنها فى جميع الأحوال أقرب رواياتى أسلوبيا إلى نفسى وروحى.