حققت مصر تقدما ملحوظا فى مجال الرعاية الصحية للمواطنين خاصة محدودى الدخل خلال السنوات العشر الماضية.
كان هذا الاهتمام الإنسانى من الرئيس عبدالفتاح السيسى بالبسطاء والفئات المهمشة أولوية رئاسية منذ بدأ المصريون يتعرفون على شخصية هذا الرئيس لكى يحملوه المسئولية فى الظرف العصيب الذى مر به الوطن قبل ثورة يونيه ٣١٠٢ ولاسيما عندما أعلن بصراحة أن المصريين على مر عصور طويلة ماضية لم يجدوا من يرفق بهم أو يحنو عليهم.
وسرعان ما تحولت هذه التصريحات إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع من خلال الاعتمادات الهائلة فى موازنة الدولة والاهتمام الرئاسى مع وزراء الصحة الذين تم اختيارهم بعناية للعمل على تنفيذ التوجيهات فى هذا الصدد والتى يواكبها اجتماعات دورية مع الوزراء والمسئولين المعنيين وكذلك من خلال الجولات الميدانية للرئيس فى المشروعات الصحية والمستشفيات العديدة التى تم افتتاحها أو رفع كفاءتها وتطويرها لملاحقة تنفيذ المبادرات الصحية الكثيرة التى تم بها اختراق هذا الملف.
وكانت مبادرة مواجهة الأمراض المزمنة والكشف على عشرات الملايين من المواطنين مثل مبادرة ٠٠١ مليون صحة وكذلك التصدى لفيروس «سى» الذى كان ينهش أكباد المصريين واستطاعت مصر القضاء عليه خلال فترة زمنية قصيرة نالت به تقديرات عالمية غير مسبوقة.. وكذلك إنهاء قوائم الانتظار فى المستشفيات لإجراء العمليات الجراحية لغير القادرين من الدولة والتوسع فى توفير العلاج على نفقة الدولة وأيضا مكافحة الأمراض الخطيرة والكشف المبكر لحماية المرأة والرجل على السواء والاهتمام بتلاميذ المدارس وعلاج السمنة والتقزم وغيرها من مبادرات عديدة توفر الرعاية لكل المصريين لحين الانتهاء من مشروع العلاج من خلال التأمين الصحى الشاامل.
وقد كان من نتائج هذا الاهتمام الصحى الكبير نجاح مصر المبهر فى مواجهة فيروس كورونا الذى أعجز دولاً عظمى متقدمة فى مواجهته واستطاعت مصر من خلال جهودها المحسوبة الخروج بالمصريين منه بأقل خسائر قياسا بدول العالم الأخري.
لا شك ن هذه انجازات كبيرة تحققت فى هذا الملف الحيوى رغم الزيادة السكانية الهائلة والظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم ومن بينه مصر.. ونأمل أن نتشارك جميعا من أجل المزيد من التطوير والرعاية الصحية الشاملة لكل المصريين على السواء فى المستشفيات الحكومية أو الخاصة التى يشكو الكثيرون من المبالغة فى أسعارها وتكلفة العلاج بها.
ويحضرنى فى هذا الأمر ظاهرة خطيرة تفشت فى مجتمعنا وهى الاعتماد على الطعام خارج المنزل والوجبات السريعة وما يعرف بـ»الدليفري» أو الطيارين وموتوسيكلاتهم التى تعمل على مدار الـ٤٢ ساعة لتلبية رغبات المواطنين خاصة من الأجيال الجديدة.. وأيضا انتشار المطاعم والكافيتريات وعربات الطعام والمشروبات على النواصى والميادين وكل مكان فى أنحاء مصر.
وبالتأكيد.. أن هذا نشاطاً اقتصاديا واسعاً ومحموداً يوفر فرص العمل ولاسيما الشباب فى ظل ظرروف اقتصادية غير ميسرة.. ولكن أتصور أنه من المهم والضرورى أن يواكب هذا النشاط التجارى رقابة صحية من وزارة الصحة والأجهزة المعنية بنفس القدر من التوسع الذى طرأ فيه خلال السنوات الأخيرة.
لا أحد يقف ضد أرزاق الناس وتوفير لقمة العيش الحلال لهم.. ولكن لا أحد أيضا يقبل أن يتوازى مع ذلك الاختلال فى صحة المصريين وما يتطلبه الأمر من إنفاق هائل تتحمله الدولة ككل فى موازنة الصحة وأعباء تمثل ضغطا على الأطباء والطواقم الصحية وتكلفة الدواء الباهظة وتكدس المستشفيات بالمرضي.. فى حين أنه يمكن تلافى الكثير من هذه التداعيات إذا تم إحكام الرقابة المسبقة على كل المطاعم والمحال التجارية.
وعلى سبيل المثال أيضا فإنه من غير المقبول أن نسمح لمصانع «بير السلم» أن تبتاع الزيت المستعمل من البيوت لإعادة تدويره وبيعه مرة أخرى للمطاعم التى تستخدمه فى طهى أنواع مختلفة من الطعام أشهرها الطعمية والفول المحملة بأخطر أنواع السرطانات التى يسببها هذا الزيت المهدرج.
باختصار.. قديما قالوا الوقاية خير من العلاج.. وليتنا نفعل مثلما حدث فى المنظومة الطبية الهائلة التى تحققت.. ومن المهم أن نحافظ عليها من كل «العابثين» حتى ولو بحسن نية منهم!!