لاشك أن الرعاية الصحية فى مصر شهدت طفرات كبيرة خلال العشر سنوات الأخيرة، ومن الملفات والتحديات التى أولتها القيادة السياسية اهتماماً كبيراً وأولوية قصوى فى الكم والكيف وحققت هذه الإنجازات نجاحات كبيرة فى مواجهة أزمات خطيرة مثل جائحة «كورونا» التى تفوقت خلالها الدولة المصرية، وأثبتت أن إصلاح وتطوير هذا القطاع أثبت جدواه بالإضافة إلى أن ما جرى من تطوير غير مسبوق خفف من معاناة المواطن المصرى الذى عانى على مدار عقود قبل 2014 من مشاكل كثيرة وأزمات صادمة وتراكمت التحديات، وارتفعت وتيرة المعاناة، ووقفت الدولة عاجزة عن المواجهة، خاصة فى ملفات انتشار فيروس سى الذى أزعج قطاعاً كبيراً من المصريين، وأيضاً ملف قوائم الانتظار الذى كان المريض ينتظر أكثر من عامين حتى يتسنى له إجراء جراحة دقيقة تخفف آلامه وتنقذ حياته، والحقيقة أن ما تم فى هذا القطاع من نجاحات هو طاقة ضوء كبيرة يمكن للدولة أن تبنى عليها، خاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى ينحاز بشكل كامل للاستثمار فى صحة المصريين من خلال النهوض بقطاع الرعاية الصحية وما تحقق بالفعل يعد ملحمة وطنية وتم إطلاق الكثير من المبادرات الصحية التى حققت نتائج عظيمة وصنعت الفارق مثل مبادرة «100 مليون صحة» وهى مثل ونموذج للاطمئنان على صحة شعب بأكمله تعداده أكثر من 100 مليون مواطن ورسم خريطة صحية وعلاجية للمصريين بالإضافة إلى مبادرة القضاء على فيروس سى وحققت نتائج مبهرة فى إنهاء معاناة المصابين بهذا المرض وباتت مصر خالية من هذا الفيروس اللعين الذى هدد أكباد وحياة المصريين وأشادت به منظمة الصحة العالمية وكُرمت مصر على هذا الإنجاز الصحى وسعت لتطبيقه والاستفادة منه فى الكثير من دول العالم التى ينتشر فيها هذا الفيروس.
وزارة الصحة المصرية أصدرت بياناً عن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار بالأرقام وأعلنت أنه تم إجراء مليونى و 606 آلاف عملية جراحية دقيقة منذ عام 2018.. لذلك فإن هذه المبادرة الرئاسية الإنسانية خففت المعاناة والآلام عن هذا الرقم الكبير فى أكثر من 6 سنوات، وهو عمل وإنجاز مهم، والسؤال كم تكلفت هذه الجراحات الدقيقة بطبيعة الحال عشرات المليارات من الجنيهات وهو يعكس مدى الاهتمام الرئاسى غير المسبوق بالمواطن بشكل عام واحتياجاته الصحية بشكل خاص، وفى ظل إيمان بأن الاستثمار فى صحة المصريين، يحقق عوائد غير محدودة وهو قضية أمن قومي، ويأتى فى إطار بناء الإنسان المصري، وحقوقه، التى يوليها الرئيس السيسى اهتماماً كبيراً، والحقيقة أنه لا توجد فئة من المصريين لم تشملها هذه المبادرات الرئاسية فى مجال الصحة سواء صحة المرأة أو الأسرة أو الأطفال أو ذوى الهمم أو كبار السن.
كما أن هناك طموحات وآمال عريضة فى هذا القطاع خاصة المشروع القومى للتأمين الصحى الشامل الذى أشارت تصريحات رئيس الوزراء إلى أنه سوف يشمل جميع المصريين فى كل المحافظات بحلول عام 2030.
خلال الفترة الماضية قادتنى الظروف لزيارة 3 مستشفيات حكومية كبرى والحقيقة أن هناك تطوراً كبيراً وملحوظاً فى التعامل والخدمة، لكن هناك ملاحظات مهمة رصدتها خلال هذه الزيارات أبرزها أن الزيادة السكانية وأن تعدادنا بالضيوف من اللاجئين الأجانب يصل إلى 120 مليون إنسان فى حاجة للتردد والتعامل للحصول على هذه الخدمة وبالتالى نحن فى حاجة إلى إمكانيات وقدرات كبيرة، لكن فى ظل الأزمات الدولية والإقليمية المتلاحقة وتأثيراتها وتداعياتها من الممكن أن تكون أثرت على التوسع المطلوب الذى كانت الدولة تنشده ومن هنا نبرر تأثيرات الزيادة السكانية فى ظل الموارد المحدودة للدولة، لكن ما تحقق على أرض الواقع هو نجاح معظم التحدي، وتبقى فقط وجود إدارة بروح القطاع الخاص، وقد لمست بعضها فى المستشفيات الحكومية، خاصة النداء على المرضى عبر الإذاعة الداخلية، ووجود إستراحة بمقاعد مريحة لانتظار المرضي، لكن وربما يكون ذلك طبع فينا كشعب تكدس على أبواب العيادة التخصصية لتوقيع الكشف، لكن التعامل يتم بشكل مقنع، ويتبقى كثرة المترددين فوق طاقة المستشفى وهو ما يمكن علاجه عندما تتوفر الموارد اللازمة بعد تجاوز تداعيات الأزمات الإقليمية والدولية، لكن يمكن الاستعانة بعيادات متحركة داخل المساحات الفضاء بالمستشفيات نفسها على غرار القوافل الداخلية، كما أن المهم أيضاً هو استدعاء روح القطاع الخاص فى التنظيم والإدارة والاهتمام بالعلاقات العامة والإنسانية وأرى هنا بعض المقترحات لتجاوز وحل معضلة ارتفاع أعداد المترددين من خلال إجراء توسعات فى المستشفيات نفسها ثابتة أو متحركة.
الأمر الثـــانى المجلــــس الأعلى للجامعات وافق على إنشاء 12 جامعة أهلية جديدة وهو عدد كبير ومهم، وبطبيعة الحال هذه الجامعات فيها كليات طب، لذلك يجب إلزامها بإنشاء مستشفى تعليمى أو جامعى ولا تعتمد على الجامعة الأصل أو الأم على سبيل المثال الجامعة الأهلية لجامعة القاهرة أو عين شمس لا يجب أن تعتمد على المستشفيات والمعاهد التعليمية لجامعة القاهرة القديمة بل يجب أن تتحول إلى كيان متكامل مواز وإضافة إلى الجامعة الأم وبالتالى تكون هناك مستشفى جامعى تعليمى ضخم لخدمة كليات الطب فيها والأسنان والصيدلة وتكسب الدولة قلاعاً صحية وطبية جديدة تفتح أبوابها لعلاج المواطنين وتساعد فى تخفيف الضغط والأعباء عن مستشفيات وزارة الصحة ويمكن أن يشارك فيها القطاع الخاص بحيث يكون فيها جزء شبه استثمارى يحقق موارد للاتفاق على مواصلة الخدمة والتطوير والتحديث، ورفع رسم الكشف للمواطن العادى يزيد على أسعار وزارة الصحة بقليل حتى نضمن القدرة على استمرار أداء المهمة والرسالة وبالتالى تكون لدينا 21 مستشفى جامعياً وتعليمياً جديدة، يمكن أن تساهم فى الجانب التعليمى بشكل متطور وأيضاً تساهم فى علاج عشرات الآلاف من المواطنين.
أيضاً الجامعات الخاصة والدولية يجب أن تكون لديها مستشفيات تعليمية وجامعية، ولا تعتمد على تنفيذ الشق العملى فى كليات الطب على جامعات أخرى وبالتالى تكسب قلاعاً صحية وطبية جديدة يمكن أن تساهم أيضاً فى تخفيف الضغط على مستشفيات وزارة الصحة وتستقبل المواطنين بأسعار معقولة.
أيضاً فإن المستشفيات التعليمية والجامعية تؤدى رسالة عظيمة، فى مجال الرعاية الصحية والطبية لذلك عليها أن تتوسع بشكل أكثر وتسيير القوافل الطبية إلى المواطنين فى المناطق الأكثر احتياجاً، لكن هناك إنجازاً كبيراً فى القطاع الصحى غير مسبوق لكننا فى حاجة فى ظل الزيادة السكانية وزيادة الوافدين على مصر لمختلف الأغراض والأهداف الاقتصادية والاستثمارية والصحية لمزيد من المستشفيات ومن المهم إنشاء نوع جديد من الخدمة الصحية للقطاع الخاص تكون فى تكلفتها «وسط» بين الحكومي، والاستثمارى.
تحيا مصر