ما يجرى من عدوان وحرب إبادة فى قطاع غزة ليس عملاً إسرائيلياً منفرداً بل هو نتاج اتفاق ومخطط تشارك فيه عدة أطراف.. برعاية ودعم أمريكى مطلق.. لذلك قلت مبكراً إنه لا يوجد خلاف أمريكى – إسرائيلى على الإطلاق.. بل توافق واتفاق كامل ربما يكون الاختلاف على مجرد شكليات فى حزن وأسى أمريكى على الفشل الإسرائيلى على مدار ما يقرب من ٨ أشهر.. لم تفض العمليات العسكرية البربرية عن تحقيق أى هدف يذكر سواء بالقضاء على المقاومة أو السيطرة على غزة أو الإفراج وإطلاق سراح الأسرى والرهائن.. لكن سبقت مصر الجميع فى كشف النوايا الحقيقية والأهداف الخفية.. لهذا العدوان.. سواء فى تصفية القضية الفلسطينية والتهجير والتطهير العرقى للفلسطينيين والقضاء على مقومات الحياة فى القطاع وإجبار الفلسطينيين على الاتجاه والنزوح إلى الحدود المصرية تنفيذا لمخطط التوطين على حساب سيناء والأمن القومى المصري.. وهو الأمر الذى اعتبرته مصر «خط أحمر».. وقضية أمن قومى لا تهاون ولا تفريط فى حمايته.. وقدمت مصر ملحمة سياسية ودبلوماسية وقانونية وإنسانية فى إجهاض هذا المخطط حتى بات العالم على قناعة بالحقوق الفلسطينية المشروعة.. وحقهم فى إقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية والتى ترسخت فى العقل الجمعى لأغلبية دول العالم وساق بعضها إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.
مصر وبشكل واضح وقاطع ترفض تصفية القضية الفلسطينية.. وتهجير الفلسطينيين.. وأيضاً مخطط التوطين وطالبت مراراً وتكراراً بوقف العدوان وحرب الإبادة الإسرائيلية.. كما رفضت تنفيذ عمليات عسكرية فى رفح الفلسطينية.. وكذلك رفضت التنسيق مع إسرائيل التى احتلت الجانب الفلسطينى من معبر رفح فى إدخال المساعدات من خلاله لأنها قوة احتلال.. ولن تتعاون أو تنسق مصر سوى مع الجانب الفلسطيني.
التصعيد الإسرائيلى السافر.. وضربه بكافة القوانين والمبادئ الدولية عرض الحائط ينذر بكوارث خاصة فى ظل تمادى قوات الاحتلال الصهيونى فى العدوان واستهداف رفح الفلسطينية.. ومحاولات العبث بالقرب من الحدود المصرية.. وهو ما قابلته مصر بالإعلان الواضح.. والتحذير القاطع بأن التزام مصر بالاتفاقيات الدولية لا يتعارض على الإطلاق مع جاهزيتها لكافة الخيارات والسيناريوهات التى تحمى أمنها القومى وتحافظ على حقوق الفلسطينيين.
طوفان الأكاذيب الأمريكية – الإسرائيلية الذى انطلق ضد مصر فى محاولة لتشويه دورها.. يجسد مقولة «إن لم تستح فافعل ما شئت».. ويكشف مدى التوافق بين واشنطن وتل أبيب والاتفاق على كافة التفاصيل فى إطار الدعم الأمريكى المطلق للعدوان الإسرائيلى على غزة سواء فى تشويه دور مصر فى الوساطة للوصول إلى هدنة وإيقاف العدوان.. أو حول معبر رفح الذى تسيطر عليه إسرائيل من الجانب الفلسطيني.. أو تعليق شماعة فشل جيش الاحتلال على مدار 232 يوماً على مصر وإطلاق العنان للأكاذيب والمزاعم الباطلة.. سواء على المستوى الإسرائيلى الرسمى أو الإعلامى الكاذب أو حتى الشعبى من خلال جنرالات الجيش المهزوم والمنكسر والفاشل.
مصر تتمسك بضبط النفس.. والحكمة فى إدارة الأزمة.. حتى تصل إلى صيغة سلام لتجنيب المنطقة ويلات الحرب والصراع وانهيار الأمن فى الشرق الأوسط.
ولكن حكمة واتزان وثبات مصر الانفعالى لا يعنى أبداً خشيتها أى احتمالات بل الدولة المصرية التى تقودها قيادة وطنية حكيمة ولديها جيش قوى هو أقوى جيوش الشرق الأوسط.. وأحد الأقوى فى العالم.. ويتمتع بأعلى درجات الجاهزية والكفاءة والاستعداد القتالى والاحترافية.. وشعب فى أعلى درجات التماسك والاصطفاف وعلى قلب رجل واحد خلف قيادته السياسية.. جاهزة لمختلف وجميع السيناريوهات.. ولعل ما قاله الفريق أول محمد زكى القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربى خلال تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع القتالى التكتيكى بالذخيرة الحية بالجيش الثانى الميدانى يؤكد هذا المعنى أن القوات المسلحة قادرة على مجابهة كافة التحديات التى تفرض عليها.. وأن مصر دولة لديها قوانين ومبادئ لا تحيد عنها.. ولا تنحاز إلا لمصلحة الأمن القومي.. وأن مصر لم ولن تفرط فى حقوق الأشقاء الفلسطينيين ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية.. وتعلى القاهرة من الحكمة والاتزان والثبات الانفعالى والصبر الاستراتيجى مع جاهزية تفوق أى توقعات.
مصر قولاً وفعلاً.. لن تسمح بالمساس بأمنها القومى حدوداً وأرضاً وسيادة ومقدرات وطن وشعب ولن تتهاون فى حماية الحقوق الفلسطينية المشروعة.. لذلك جاءت رسالة الطمأنينة من قواتنا المسلحة التى هى رمز القوة والقدرة المصرية.
ولعل رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة دائماً حاضرة فى عقول ووجدان المصريين «إذا كان الجيش المصرى عملها مرة فهو قادر يعملها كل مرة.. إن مصر دولة قوية وقادرة».
التدريبات القتالية بالذخيرة الحية هى الأرقي، وعنوان القوة والقدرة والثقة والجاهزية والاستعداد لتنفيذ أى مهمة تكلف بها، فى أى وقت، وتحت مختلف الظروف.. وتأتى فى توقيت بالغ الدقة، وفى التعامل الحكيم والمتدرج مع تهديدات غير مباشرة، بأوراق السياسة والدبلوماسية، لكنها إذا دخلت فى عداد التهديدات المباشرة، فإن الأمر سيكون مختلفاً، لكنه يرتكز على الحسم والردع بمالا يتوقعه بشر، إنها مصر.