رغم بٌعد العهد بمرحلة الدراسة..فمازلت اتذكر الرحلات المدرسية التى طافت بنا كل أنحاء الوطن.. ومتاحفه.. ومناطقه الأثرية..وكان طابع البهجة مع الرغبة فى المعرفة يسود جو هذه الرحلات..واتذكر الآن الأغانى المرحة التى كنا نغنيها فى الاتوبيسات والقطارات.. كانت السعادة بالرحلة تحقق اهدافا كثيرة.. مع التعريف بالمناطق السياحية والاثرية المختلفة.. بالاضافة الى الجانب الترفيهي..
والاسابيع الماضية أسعدنى الحظ أن أكون أحد المرافقين لأوائل الثانوية العامة خلال الرحلات الداخلية التى تنظمها « الجمهورية « قبل انطلاق رحلاتها الى أوروبا.. نعم اسعدنى الحظ بمرافقة الأوائل وقربى منهم.. لأعيش أوقاتا سعيدة وسط شباب يملؤهم الأمل بمستقبل مشرق بإذن الله.. نماذج تسعد بها وبحواراتهم ونقاشاتهم وأسئلتهم.. ورغبتهم فى المعرفة والتعرف على كل ماهو جديد..
جمعتنى بالأوائل لقاءات عديدة.. واستمعت اليهم.. واستمتعت بحواراتهم.. شباب واعد من الجنسين.. لم يقابلوا بعضهم البعض قبل أن تجمعهم «الجمهورية » عقب إعلان النتيجة.. ولكن وأنت معهم تشعر أنهم يعرفون بعضهم البعض منذ سنوات وليست أياما..
شباب يخافون على أخواتهم من الطالبات.. قلوب بيضاء تتمنى الخير لبعضها.. ومع متابعة حواراتهم على الجروب الخاص على الواتساب.. تغمرك السعادة بروح التعاون بينهم.. يحبون الانطلاق ولكن فى نفس الوقت يتميزون بالانضباط والاخلاق الرفيعة.. يحرصون على الصلاة فى مواعيدها.. يمكن ان تلاحظ الحيرة لديهم فى اختيار وجهتهم الدراسية القادمة.. لكل منهم تفكير مختلف.. ولكن كلهم نجوم يدققون فى الاختيار لانهم اصحاب طموح.. وازداد طموحهم وارتفع سقف أحلامهم بعد المنح الدراسية التى عرضت عليهم من مختلف الجامعات الدولية بمصر.. وفى مقدمتهم الجامعة الألمانية بالقاهرة، والعاصمة الادارية الجديدة.. والجامعةالبريطانية.. وأيضا الجامعة الأمريكية.. ومع كل هذه الاغراءات من منح تعليمية مجانية شاملة السكن للمغتربين ومصروف جيب شهرى من هذه الجامعات.. الا ان هناك عددا منهم رفض الاغتراب.. والابتعاد عن الأسرة.. وامسك بفرصة الالتحاق باحدى الجامعات فى محافظته ليظل بجوار أسرته..
تجربة اعايشها منذ سنوات مع اوائل الثانوية العامة..وكل عام ومع اقتراب الرحلات الداخلية والخارجية من نهايتها اتمنى الا تنتهي.. لأننى اتعلق بهم وكأنهم أبنائى وبناتي.. والحمد الله كثيرا أن هناك وسائل عديدة للتواصل ستتيح لى فرصة الاطمئنان عليهم والفرح بنجاحهم واستمرار تفوقهم..
ومن خلال معايشتى للأوائل خلال السنوات الماضية من خلال رحلة « الجمهورية « فإن لدى ملحوظة مهمة اضعها امام وزارة التربية والتعليم.. يمكن ان تفيد صانع القرار خلال اعادة ترتيب الاوراق التى بدأت بتعديل المناهج..وهى افتقاد الطلاب والطالبات للرحلات المدرسية التى يجب ان تعود من جديد.. خاصة واننى كل عام ومع موعد زيارة منطقة الاهرامات التى ننظمها بالتنسيق مع وزارة السياحة والهيئة المصرية للتنشيط السياحى تكون المفاجأة ان نسبة تتجاوز 90 ٪ من الأوائل لم تتح لهم زيارة الأهرامات من قبل.. وتكون المفاجأة اكبر عندما تجد من بين هؤلاء من هم يقطنون فى مناطق مجاورة للاهرامات.. ومن هنا فإذا كانت ظروف الاسر المختلفة لاتسمح لهم بمثل هذه الزيارات..فيجب على المدارس ان تعود من جديد لتنظيم هذه الرحلات بمساندة ومساهمة وزارة التربية والتعليم.. وان يصدر قرار من مجلس الوزراء بإعفاء الطلاب من رسوم الدخول حتى لو كانت بسيطة.. واتمنى ان يكون هناك الزام بتنظيم رحلة شهريا على الاقل.. وألا تقتصر الرحلات المدرسية على زيارة الاماكن الاثرية والتاريخية مثل الاهرامات وخان الخليلى والمتاحف المختلفة والاقصر واسوان فى نصف العام.. ولكن لابد ان تشمل أيضا المدن الجديدة وفى مقدمتها العاصمة الادارية الجديدة.. والعلمين الجديدة..والمناطق الصناعية المختلفة.. وكل ما يمكن ان يضيف للطلاب من معرفة فى مختلف المجالات.. بالاضافة الى ضرورة تنظيم ندوات فى مختلف المجالات وفى مختلف المدارس تتاح من خلالها الفرصة للطلاب للاستفسار عن ما يدور بفكرهم.. والتعرف على الحقائق.. بدلاً من تركنا الساحة لوسائل التواصل الاجتماعى لكى تصبح هى مصدر المعرفة الرئيسى للأجيال القادمة..ان التجربة التى مررنا بها على مدار السنوات الماضية تشير إلى حاجة الاجيال الجديدة لمن يتحاور معهم ويستمع إليهم.. ويرشدهم إلى الطريق الصحيح.. وهذا لن يأتى الا من خلال الاستماع إليهم.. ومحاولة الوصول الى ما يفكرون فيه.. ويحلمون بالوصول اليه.. وخاصة إنها أجيال متميزة تحتاج فقط إلى التفهم والمساندة والعمل على توسيع مداركهم واشعارهم بأنهم هم المستقبل الذى ننتظره.. وتحيا مصر.