من المهم أن تبحث القمه الطارئة كيفية دعم دول المواجهة «مصر والأردن» باعتبارهما الأكثر تأثرا نتيجه تلك المواجهة العربية المرتقبة
تكشف الأحداث المتتالية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط سواء نتيجه توالى تصريحات الرئيس الأمريكى ترامب فيما يتعلق بملف الحرب فى غزة، وهى الحقيقة تصريحات غير مقبولة من شعوب المنطقة لأنها تعكس غياب الإدراك بأهمية استقرار دول المنطقة للحفاظ على المصالح الأمريكية فى المقام الأول، وباقى مصالح العالم الذى يشهد تحولات تتجه نحو خلق نظام عالمى جديد تبرز فيه قوى جديده ودول موثرة.
هذه التصريحات، والتحركات التى تصاحبها أو تنتج عنها تعكس تهديدات للأمن القومى العربى وفى القلب منه مصر، مما يضيف عبئا أكبر فى التعامل مع تلك التهديدات بشكل حاسم وجاد وفورى.
وقبل أن نخوض فى التفاصيل لابد من الاشارة إلى أن ما يفعله الرئيس الأمريكى هو تلاعب استراتيجى محسوب يعتمد على خلق واقع وهمى بحيث تصبح الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش، والمشاريع غير القابلة للتنفيذ تبدو وكأنها سيناريوهات مطروحة «بل انها ليست سياسة مرتجلة، بل أسلوب مدروس مستوحى من نظريات سياسية وإعلامية تستهدف إعادة تشكيل الوعى العام ودفع الخصوم إلى مواقع دفاعية بدلًا من إبقائهم فى موقع الهجوم».
وهنا تظهر أهمية الدعوة لعقد القمه العربية الطارئة فى 27 فبراير الحالى بالقاهرة وأيضاً الدعوة لعقد مؤتمر لوزراء خارجية دول منظمه التعاون الإسلامى بالقاهرة حيث يمثل انعقاد القمه الطارئة خطوة أخرى تقوم بها مصر فى المواجهة العربية للمخططات الأمريكية والإسرائيلية، فيما يتعلق بالقضية، الفلسطينية كما يعكس أن العرب لديهم أوراق يمكنهم توظيفها فى مواجهة التحديات الوجودية والتلويح والتهديدات، وأنهم يمتلكون القدرة على عمل جماعى وتنسيق، وموقف عربى يمكن أن يعوض غياب النظام العالمى العادل، والاستهانة الواضحة بالمنظمات الدولية، ومحاولة إضعافها، بما يمثل خطرا كبيرا على النظام العالمى القائم، وما يتطلبه من إصلاح ضرورى يكونون فيه جزءا فاعلا فى النظام العالمى الجديد «متعدد الأقطاب» بشكل جاد يعيد له فاعليته.
فى اعتقادى ان مصر أخذت فى الاعتبار حينما دعت الى تلك القمة التحولات الكبيرة فى موازين القوى عما كانت قبل 7 أكتوبر 2023، حيث تجاوزت غزة إلى جنوب لبنان وسوريا، وإيران، ومع اشتعال الحرب فى لبنان شهدت سوريا تحولا انتهى بهروب بشار الأسد، وتفكك الجيش، وبدأت مرحلة جديدة مع نظام جديد، فى وقت اجتاحت إسرائيل أراضى سوريا، واحتلت مساحات منها، يمكن أن تمثل مجالا لتنفيذ مخططات أخري!
كل هذه التحولات تحتاج ضرورة تنسيق المواقف العربية بشكل يعبر عن موقف عربى، قادر على استيعاب هذه التحديات والتعامل معها، باعتبارها تمس الأمن القومى العربى، وتتطلب عملا جماعيا يتفهم هذه التحولات ويكون جاهزا للانطلاق نحو الفعل، وعدم انتظار تحولات أخرى أكثر دراماتيكية.
من المهم أيضا أن تبحث القمه الطارئة كيفية دعم دول المواجهة «مصر والأردن» باعتبارهما الأكثر تأثرا نتيجه تلك المواجهة العربية المرتقبة، خاصة التداعيات الاقتصادية التى قد تحدث لهاتين الدولتين نتيجة الرفض الكامل لفكرة التهجير القسرى، والمواجهة المباشرة للمخطط، حيث اتضح للدول العربية بأنهم شركاء فى المواجهة، وطرفا أصيلا فى الحفاظ على الامن القومى العربى، مع الأخذ فى الاعتبار ما سوف ينتج من تداعيات لما يحدث فى الضفه الغربية أيضا.
فى اعتقادى ان القمة العربيه وكذلك اجتماع وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامى سوف يفرزان مواقف تجعل الإدارة الأمريكية اعادة ترتيب الأولويات، وإذا كانت تريد أن ترضى إسرائيل، فهذا لن يكون على حساب شعوب المنطقة»، وهومايعنى بصورة اخرى انه سوف يتحتم على العرب فى الفترة المقبلة رفض أى نوع من التطبيع مع إسرائيل، ما لم يكن هناك بالفعل تخلى تام وتراجع عن خطة التهجير، على اعتبار أنها تؤثر على الأمن القومى المصرى والعربى على حدا سواء، ولن نخوض فى تفاصيل.
خارج النص:
يمكن القول إن العالم على أبواب مرحلة جديدة، حيث يمكن أن تتنافس القوى العالمية بشكل أكبر، وكما يقول المراقبون فان «ترامب جعل الولايات المتحدة مضطربة وغير مستقرة، ويأخذها إلى عالم تتقوض فيه قدرتها على دفع أى أجندة ترغب فيها، فى ظل صعود دول وحدوث ترتيبات أخرى تعيد كتابة النظام العالمى».