كانت مصر ومازالت هى وطن التعددية والتنوع، والتسامح والتعايش، وحــــرية الاعــتـقــاد، وتـجـلت هذه العـقـيـدة بـوضـوح فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهى أيضاً ليست مجرد سياسات بل ممارسات على أرض الواقع، تدعمها إجراءات واضحة، وقبول وسلوك تجسده وتعكسه حياة المصريين، فلا فرق بين مسلم ومسيحي، والمواطنة تجمع هذا الشعب، ولا فرق ولا تمييز، بين مواطن وآخر فى ظل الدولة الوطنية المصرية، الجميع يتساوى فى الحقوق والواجبات ويستظل براية دولة القانون والمؤسسات والعدالة المطلقة، وهى الطاقة الدافعة لاستقرار هذا الوطن، وتنامى قدرته، وقوته، وهى أيضاً عقيدة تعكس قناعة الثراء والخصوصية، ينطلق من واقع عاشه الشعب المصري، عندما كان يعيش المسلم والمسيحى واليهودى معاً دون النظر إلى ديانة المواطن، ولكن كونه مصرياً، ودروب وأحياء ومناطق مصر وشوارعها تشهد بذلك، بل حراكها السياسى والثورى ضد الاحتلال والاستعمار وإرادة التحرير، جمعت بين المسلم والمسيحى عندما يتعانق الهلال والصليب، فأنت تدرك تماماً أن هذه هى مصر وهذا هو شعبها ولعل مقولة الدين لله والوطن للجميع ستظل خالدة، عنوان وعقيدة تعكس مدى التعايش والتسامح، والألفة بين أبناء هذا الشعب أياً كانت الديانة، وقلت من قبل إن المسلم والمسيحى فى مصر يأكلون من «طبق واحد»، يتشاركون الحياة بود وحب وقناعة، يبنون وطنهم معاً ويمتلكون إرادة حريته واستقلاله وتقدمه، ويدافعون عن أمنه ووجوده وسيادته، ويستشهدون معاً من أجل هذا الهدف، روح الفرقة والاختلاف، والفرقة والطائفية والتعصب، أو وجود معيار دينى للتمييز، لم يعرفها الشعب المصرى العظيم على مدار تاريخه ورغم محاولات جماعات الإرهاب والتطرف التى حاولت قوى الشر زرعها فى الجسد المصرى لم تفلح فى تحقيق هذه الأهداف الخبيثة وظلت الروح المصرية المفعمة بالتسامح والتعايش والمحبة ليست فقط بين أصحاب الأديان السماوية ولكن أيضاً فى مدى القبول والتعايش بين المصريين وبمختلف جنسيات العالم، ولعل مصر زاخرة بهذا التنوع والتعدد فى الماضى والحاضر، ولم يشعر هؤلاء أنهم غرباء فى مصر، بل اندمجوا فى النسيج الوطنى وتأثروا بالثقافة والقيم المصرية، سواء الإيطالى واليونانى والأرمن، حتى الإنجليز، وفى الحاضر يعيش معنا كضيوف 9 ملايين لاجئ فروا من ويلات الفتن والصراعات والإرهاب والحروب الأهلية حيث وجدوا فى مصر الأمن والأمان والكرم والتعايش، فمن ينظر إلى شوارع مصر وأحيائها ومحافظاتها يجد إلى جواره السودانى واليمني، والسورى وأى مواطن عربي، تحت مظلة العقيدة المصرية العظيمة والقدرة الفائقة على التعايش والاندماج.
حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الصحفى مع رئيس الوزراء اليونانى فى أثينا خلال الزيارة الناجحة للرئيس السيسى وتوقيع وترفيع العلاقات إلى الشراكة الإستراتيجية فى إطار النجاحات المصرية المدوية على صعيد العلاقات الدولية عن «دير سانت كاترين» هو حديث الصدق والإيمان والقناعة الذى يجسد عقيدة مصرية راسخة، وجاء حديث الرئيس عن التعددية والتعايش والتسامح فى مصر من القلب وقوله: إن هذه ليست مجرد سياسات ولكنها ممارسات وسلوك وعقيدة يعيشها المصريون على أرض الواقع، وبعث برسائل طمأنة واضحة وساطعة مثل الشمس، اخترقت القلوب، واجهضت أكاذيب وشائعات منصات قوى الشر التى تستهدف مصر، فالدير هو جزء من تاريخ وعقيدة المصريين، ومصر التى ترسخ حرية الاعتقاد، وأرض الأنبياء والصالحين لا يمكن أن تحيد على الإطلاق عن عقيدتها بل تدعمها، وتغرسها، وتربى عليها الأجيال تلو الأخري، سواء فى سلوك تربوى أو نتاج التعليم، أو فى خطاب دينى صحيح يعبر عن جوهر الأديان السماوية، وتتصدى بكل حسم وحزم وبعلم لمحاولات مستميتة من قوى الشر وطيور الظلام لبث الفتن خاصة فى تلك الفترة التى تقف فيها مصر بشموخ وصلابة لمخططات وأوهام «صهيو ــ أمريكية» تحاول العبث وابتلاع الحقوق المشروعة للآخرين، أو محاولات التعدى على الثوابت والخطوط الحمراء والمساس بالأمن القومى والسيادة، لذلك فإن الأكاذيب والشائعات ومحاولات التشويه والتشكيك وبث الفتن، تتنامى خلال هذه الفترات.
حديث الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى مع رئيس الوزراء اليونانى كان جامعاً وشاملاً لم يتوقف ولم يكتف بنفى مثل هذه الأكاذيب بل شارحاً لكون ذلك عقيدة مصرية، وليس مجرد سياسات ولكن ممارسات على أرض الواقع ومؤكداً التزام الدولة المصرية وسيادته شخصياً حماية دير سانت كاترين لأنه جزء من التاريخ والهوية والعقيدة المصرية وقيمة مضافة لمسيرة هذا الوطن التى تعكس التنوع والتعدد والتعايش وحرية الاعتقاد وأن احترام التعدد والتنوع جزء من النسيج الإنسانى المصري، خاصة ان هناك قوى وأذرعا إعلامية خارجية ومعادية تحاول بث الأكاذيب والتشويه والتناول بطريقة مغلوطة ولا توجد أى نية للمساس بدير سانت كاترين لأن هذه المغالطات تتنافى تماماً مع الثوابت المصرية.
الحقيقة الساطعة أن مصر تحمى دور العبادة وتصون عقيدتها وثوابتها فى ترسيخ التعدد والتنوع وحرية الاعتقاد.
ليس غريباً على مصر التسامح والتعايش والمواطنة، ودولة القانون والمؤسسات التى حرص الرئيس السيسى على تحويلها إلى مبادئ وركائز الجمهورية الجديدة أن تتصدى للمتطرفين والإرهابيين لحماية أبنائها جميعاً مسلمين ومسيحيين، وأن تقوم ببناء ورفع كفاءة وإصلاح 65 كنيسة تعرضت للتدمير والحرق قبل جماعة الإخوان المجرمين، ولعل نهج الدولة المصرية الجمهورية الجديدة فى المدن والمجتمعات العمرانية فى بناء الكنائس والمساجد واضح مثل الشمس، تستطيع أن تراه جيداً ولعل وجود الكاتدرائية «ميلاد المسيح» فى العاصمة الإدارية إلى جوار مسجد الفتاح العليم، هو عنوان عظيم لهذا الوطن، بل إن سلوك المصريين اليومى مسلماً ومسيحياً، هو عنوان وعقيدة مصرية ولا تفرط فى المساواة والعدل فى الحقوق والواجبات بين جميع المصريين دون تفرقة أو تمييز على أى أساس.
الحقيقة أيضاً أن التنوع والتعددية ليس فقط على مستوى حرية الاعتقاد الدينى والسكانى والفكرى طالما أنه لا يتعارض مع الوطنية أو يهدد الوطن، ويخرج من هذا الإطار كل الجماعات الإرهابية التى رفعت السلاح فى وجه الدولة واعتنقت الفكر التكفيري، لكن هناك بعداً آخر فى التعددية المصرية، هو حالة التنوع السياسى والتوازن فى العلاقات المصرية مع دول العالم، وهى معادلة فريدة تستحق الاحــتــرام والتقـــدير للدبلومــاســـية الرئـــاســـية ولعل زيارة الرئيس السيسى لليونان وترفيع العلاقات إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية وهى عضو فى الاتحاد الأوروبى ثم التوجه إلى روسيا تلبية لدعوة الرئيس فلاديمير بوتين للمشاركة فى احتفالات أعياد النصر وعقد لقاء ومباحثات بين الجانبين لتعزيز العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة وموسكو يكشف عبقرية الدبلوماسية المصرية التى تبحث عن المصالح العليا للوطن إينما كانت، والاحتفاظ بعلاقات قوية مع القوى الكبرى مثل الاتحاد الأوروبى وروسيا والصين وكافة دوائر السياسة المصرية دون النظر إلى حالة الصراع والاختلاف بين هذه الدول فى توقيت بالغ الدقة تحرك فيه مصر منصات الأوراق والبدائل بقوة، وخلال الفترة الماضية، تقرأ بوضوح عظمة الانحياز المصرى فى بناء علاقات دولية تتسم بالتنوع والتعددية فما بين زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون للقاهرة ثم علاقات مصر مع الاتحاد الأوروبي، والعلاقات المصرية ــ الإيطالية والإسبانية تجد بعداً إستراتيجياً، ثم العلاقات المصرية ــ الإفريقية والعربية، جميعها تصنع الفارق على مختلف الأصعدة، وتحشد المجتمع الدولى حول مواقف مصر وتكشف قوة الأوراق والمسارات المصرية ودورها وثقلها الإقليمى والدولى.