القيادة السياسية المصرية كانت على وعى وإدراك كامل
تثبت الايام والأحداث التى تشهدها المنطقة ان القيادة السياسية المصرية كانت على وعى وإدراك كامل وقدرة على قراءة مستقبل المنطقة بالتداعيات التى نتجت عن حرب طوفان الأقصى منذ ان اطلقتها حركة حماس منذ اكتوبر 2023 ، حيث كان أول من اعلن ان هذه الحرب سوف تؤدى إلى التهجير القسرى لأبناء غزة وذلك مع التصاعد المستمر والعنيف فى المواجهة بين اسرائيل وحماس وأدى إلى التدمير الكامل لقطاع غزة كما كانت مصر اول من دعت إلى مؤتمر دولى عقب انطلاق الحرب لرفض التهجير القسرى المتوقع، والذى اصبح مثاراً للجدل بعد تصريحات الرئيس الأمريكى بضرورة خروج ابناء القطاع لاعاده الإعمار تحت الادعاء بانه ضرورى لاعادة الإعمار.
لكن ما يهمنا هنا هو التعامل مع مايحدث من احاديث حول التهجير لانها فى اعتقادى محاولات بخلق حالة من الجدل لإخفاء فشل أهداف الحرب الاسرائيلية على غزة حيث مازال ابناء غزة فى القطاع وبعودتهم للشمال بدأوا فى ترميم مساكنهم ولم تنته حركة حماس بل تتفاوض معها اسرائيل لاعادة الرهائن وكما يقول خبراء الإعلام الدوليين ان ما يحدث يمثل تلاعباً استراتيجيا محسوبة يعتمد على خلق واقع وهمى بحيث تصبح الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش، والمشاريع غير القابلة للتنفيذ تبدو وكأنها سيناريوهات مطروحة، وذلك بإطلاق بالونات اختبار تكون مجالا للحوار والنقاش وما يصاحب ذلك من ردود أفعال على مستوى القضية المطروحة بهدف تشتيت الانتباه أو تحقيق أهداف غير معلنة .
أيضا يشير الخبراء إلى ان تكرار وسائل الإعلام الدولية للحديث عن تهجير الفلسطينيين رغم استحالة تنفيذه، يهدف لجعل الجميع يتعامل معه كأمر مطروح للنقاش بدلًا من رفضه فورًا، ومن ثم تتحول الأنظار عن القضية وتفريغها من مضمونها ،ويثار الجدل فى وسائل الاعلام باشكالها المختلفة، لكن لن يتوقف ترامب عن إصدار التصريحات وسوف يستمر بما يساعد على خلق حالة تجعل الاعلام والجمهور مضطرين لملاحقة التصريحات الجديدة، بدلًا من التركيز على الحقيقة الأساسية: إسرائيل فشلت عسكريًا، وترامب يناور إعلاميًا.
ورغم ذلك لا يمكن انكار ان القيادة المصرية مدركة تماما لتلك الأساليب وتتعامل معها بوعى شديد ،ودون الدخول فى تلك المتاهات، باتخاذ خطوات عملية دون النظر إلى ما يحدث من قبل ترامب حيث بدأت فى ادخال المعدات إلى غزة لتساعد فى إعادة الحياة إلى ابناء القطاع،كما أعلنت عن وجود رؤية لديها فيما يتعلق بإعادة الإعمار دون خروج الفلسطينيين من القطاع وبالتالى هى تعمل فى صمت وتركيز وتتحرك على المستوى الدولى والإقليمى لخلق حالة من التواصل الإيجابى مع ملف التهجير وإعادة الإعمار ولا تلتفت كثيراً لما يثار من قبل البعض إلا فى الوقت المناسب للرد بما يحسم الكلام المثار.
فى المقابل تقوم الدولة المصرية باتخاذ القرارات والإجراءات التى من شأنها التعامل مع التداعيات المحتملة للتصعيد الحالى بما يحفظ صلابة الجبهة الداخلية فى مواجهة تلك التداعيات يساعدها فى ذلك ادراك الشعب المصري،ووعيه الكامل بكل ما يدور من حوله واستعداده للتعامل مع ما يحدث باعتباره شريكاً فى مواجهة هذه التحديات، وبما يسهم فى تقليص الاستهلاك فى جميع المستلزمات الأساسية،-يعود هذا فى المقام الأول إلى تلك الرؤية الاستراتيجية التى تملكها القيادة السياسية عندما عملت منذ اليوم الأول لتوليها المسؤولية على تقوية ودعم مؤسسات الدولة لمواجهة التحديات المحتملة -لم يشعر المواطن يوما ما بنقص فى السلع الأساسية التى يحتاجها رغم الضغوط التى كانت تمارس عليه للتراجع عن قراره برفض التهجير القسرى ،وباعتباره أمناً قومياً لا يمكن التفريط او التهاون فيه-كما كان يشير دائما الرئيس السيسى وحرصه المستمر على التأكيد على أهمية صلابة الجبهة الداخليةان صدور بيان عن متحدث باسم السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، يؤكد فيه أن غزة يجب أن تكون «جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية»، وان الاتحاد الأوروبى يظل ملتزماً بحل الدولتين، الذى نؤمن بأنه الطريق الوحيد لتحقيق سلام طويل الأمد لكل من الإسرائيليين