«جردو» إحدي هذه القرى الزراعية المنتجة التي رفعت شعار قرية «بلا بطالة» ذاع صيتها واشتهرت عربياً وعالمياً في زراعة وتجفيف وتصدير الملوخية الخضراء وغيرها من النباتات الطبية والعطرية مثل البابونج وعباد القمر وتجهيز المرمرية، ووفرت الآلاف من فرص العمل لشباب وفتيات القرية.
القرية تتبع الوحدة المحلية لمركز ومدينة اطسا، في محافظة الفيوم وتقع علي بعد 16 كم جنوب شرق مدينة الفيوم، ويمكن الوصول إليه عبر طريقين الأول، طريق قرية العزب أو طريق طبهار ابو جنديرفي 20 دقيقة، و قد تميزت القرية واشتهرت بزراعة أجود أنواع الملوخية «الصعيدي» التي يتراوح ارتفاعها عن سطح التربة ما بين 2 إلي 3 أمتار ذات الأوراق العريضة، والتي تستخدم اوراقها الخضراء وسيقان النبات نفسه في صناعة الادوية، وتصدرها إلي مختلف دول العالم الكبار لفوائدها الطبية.
المهندس حسن خضر الخبير الزراعي ومدير عام الزراعة بمديرية الفيوم الأسبق، وقال إن قرية جردو اشتهرت علي مدار سنوات طوال بزراعة وتجفيف الملوخية وتصديرها، وتعبئة وتجفيف وتصنيع المواد الغذائية، وكذلك الصناعات البيئية والحرفية، وهي إحدي المقومات الهامة المعبرة عن الهوية الوطنية والثقافية لعدد كبير من القري المنتجة بالمحافظة، خاصة ان الفيوم، من المحافظات التي يغلب عليها الطابع الزراعي منذ مئات السنين.
وأضاف في تصريحات لـ «الجمهورية» أن قرية جردو، تتميز بخصوبة التربة وقدرتها علي الحفاظ علي نمو النبات وتحسين غلة المحاصيل، وامكن تعزيز ذلك من خلال الأسمدة العضوية وغير العضوية للتربة، وتوفر التقنيات العلمية وبيانات تعزز خصوبة التربة وهو من عوامل نجاح الزراعة وإنتاج المحاصيل مع تقليل الأثر البيئي، وتم توضيح خطورة بعض المحاصيل التي تجهد التربة، وإجهاد التربة يعني امتصاص المغذيات الموجودة بها وجعلها غير منتجة وغير قادرة علي إعطاء محاصيل جيدة وكثيرة بسبب تأثرها من جراء خفض المغذيات بها.
وقال الدكتور ربيع مصطفي وكيل زراعة الفيوم السابق، إن المزارعين في مركز اطسا نجحوا في زراعة 220 فداناً من هذا النوع المتميز من الملوخية الخارقة، التي تتميز بطولها الذي يتجاوز المترين والنصف، بأوراقها الكثيفة والتي تستخدم في العديد من المستحضرات والادوية الطبية ويتم تصديرها إلي العديد من الدول العربية والأجنبية، إلي جانب تصنيع الألياف من سيقانها، وأضاف ان الملوخية الخارقة سلالة مصرية منشأها الصعيد وتتميز بأوراقها العريضة وطولها المعروف ويتم استخدامها في الأكل وفي انتاج المستحضرات الطبية والألياف من سيقانها، لافتا إلي انها صنف مصري100 ٪ وتزرع بنظام الأورجانيك، وأن أسواق أوروبا واليابان والمانيا من أكثر أسواق العالم طلباً لهذا النوع من الملوخية، وتدخل مع مواد اخري طبيا في علاج السرطان وزيادة مناعة الجسم.
وأضاف في تصريحات لـ «الجمهورية» ان رحلة زراعة «الذهب الأخضر» الملوخية الصعيدي، تبدأ منتصف شهر أبريل وتستمر متابعتها حتي منتصف أكتوبر، ثم يتم جمع المحصول عن طريق آلة حادة تسمي «المحشّ» أو الشرشرة أو المنجل وتنقل بعد ذلك من الحقول، عبر الجمال والتروسيكلات إلي أجران واسعة أو إلي منازل أهالي القرية للمساعدة في قطف اوراق الملوخية، والعمل علي نظافتها من الاعشاب والحشائش واستبعاد الاوراق الصفراء والتالف منها ثم مرحلة التجفيف، والنقل إلي المخازن للتعبئة في أكياس بلاستيكية مقسمة حسب الوزن، وتوضع في صناديق كرتونية، وهذا الدور تشارك فيه الفتيات والنساء.
وقالت إيمان عبد الحليم ربة منزل، إنه مع بداية شهر مايو يبدأ اول الموسم ورحلة العمل حيث تخرج النساء من البيوت، استجابة إلي دعوات عدد من المزارعين وطلبهم للعمل في عمليات الجمع والقطف ويحدد المكان باحد الاماكن الشهيرة بالقرية والتوقيت الساعة السادسة صباحاً والأجرة المتفق عليها كيومية تبدا من هذا التوقيت وتستمر حتي الرابعة مساءً، ويشارك في هذا العمل اعداد كبيرة من شباب ورجال ونساء وفتيات واطفال القرية.
وقالت، عبير صادق حسن ربة منزل، إن عندها 4 أولاد وتحصل علي اجر مجز من تجفيف وتنظيف الملوخية، وكذلك جمع محصول الطماطم وتعبئته في أقفاص ونقله الي السيارات لتحميله وسفره للاسواق المزكزية لبيعه، وأوضحت انها تفضل العمل في قطف الملوخية ونظافتها وتعبئتها حيث تبدأ عملية فرز الملوخية، بمجرد وصولها محمولة علي دواب وجمال أو تروسيكلات إلي منازلهن أو إلي أماكن واسعة «ساحات» القرية للعمل الجماعي في وسط القرية.
وقال محمد جيرة، «احد مزارعي الملوخية» انه يحرص علي زراعة الملوخية منذ 15 عاما، وان إنتاج الفدان من الملوخية يصل إلي 2.5 طن وانه تأتي أوقات ومواسم لا تصدر فيها الملوخية لوجود فائض لدي الشركات التي تستوردها و يؤدي ذلك الي رخص اسعار المحصول بالسوق المحلي، الشئ الرائع في الزراعات غير التقليدية ان شباب وفتيات القرية، اهتموا بالعمل في هذه الزراعات وتجميعها وتجفيفها وتعبئتها وتحولت القرية إلي خلية عمل ويوجد بالقرية نحو 26 مشروعا للشباب تخصص في عمليات التجفيف وتعبئة الملوخية.
وأضاف في تصريحات أن زراعة الملوخية يستمر 70 يوماً وبعد عمليات الجمع والتجفيف والفرز والتعبئة يتم تصدير الإنتاج إلي العديد من الدول العربية منها الإمارات وتونس ولبنان، ودول أوربية منها ألمانيا وإيطاليا واليونان وتركيا فالقرية ذاع صيتها واكتسبت شهرة عالمية في زراعة الملوخية الصعيدية حتي أن أهل القرية أطلقوا علي الملوخية «الذهب الأخضر» تعبيرا عن فرحتهم في عمل معظم أبناء القرية في هذا المجال وتوفير فرص عمل لهم ولأبنائهم.