هذا الأسبوع تمر الذكرى الـ 76 لنكبة فلسطين، التى جرت وقائعها فى العام 1948، تلك النكبة التى يسميها الكيان الصهيونى «بحرب الاستقلال» والتى أنتجت احتلالاً لجزء غال من الوطن العربي، وتشريداً لملايين الفلسطينيين حتى يومنا هذا، اليوم، وفى أجواء الحرب العدوانية على غزة والتى بدأت يوم 7/اكتوبر/2023 والتى خلفت ما يقترب من ربع مليون شهيد وجريح ومفقود من أهل غزة بالإضافة لتدمير 60٪ من البنية التحتية لقطاع غزة من مساكن ومستشفيات ومؤسسات وطرق ومياه.. فى مشهد عدوانى يصغر إلى جواره ما جرى فى الحربين العالميتين الأولى والثانية.. إنها حرب إبادة و»نكبة فلسطينية ثانية» تجرى وقائعها منذ سبعة أشهر أمام صمت العالم وتواطئه! فى هذه الأجواء تأتى الذكرى السادسة والسبعين للنكبة الأولي: نكبة 1948.. فماذا عنها؟
>>>
يحدثنا التاريخ أن الحرب فى فلسطين بدأت فى مايو 1948 بعد فرض الانتداب البريطانى على فلسطين وإعلان العصابات الصهيونية قيام «دولة إسرائيل» على المساحات الخاضعة لسيطرتها فى فلسطين، وتدفقت الجيوش العربية فى مصر وسوريا والعراق وإمارة شرق الأردن على فلسطين، ونجحت القوات العربية فى تحقيق انتصارات كبيرة.
وفى 16 مايو 1948 اعترف رئيس الولايات المتحدة هارى ترومان بدولة إسرائيل ودخلت أول وحدة من القوات النظامية المصرية حدود فلسطين وهاجمت هذه القوات مستعمرتى كفار داروم ونيريم الصهيونيتين فى النقب، كما عبرت ثلاثة ألوية تابعة للجيش الأردنى نهر الأردن إلى فلسطين، واستعادت القوات النظامية اللبنانية قريتى المالكية وقدس على الحدود اللبنانية وحررتهما من عصابات الهاجاناة الصهيونية.
استمرت المعارك على هذا النحو حتى تدخلت القوى الدولية وفرضت الهدنة الأولى «من ١١/٦ – ٨/٧/1948» ثم اشتعلت المعارك لتعقد هدنة ثانية من «18/٧ – 10/١١/1948»، ثم عاد القتال ليستمر حتى ٧/يناير/1949 موعد الهدنة الثالثة وما بين هذه الهدن كانت إسرائيل تتسلح وتتسع وتقوى والعرب يتفرقون ويتراجعون لتنتهى الحرب بتوقيع مصر لاتفاق هدنة فى 24 فبراير 1949 تليها لبنان 23 مارس 1949 ثم الأردن فى ٣ أبريل 1949 فسوريا 20 يوليو 1949 التى لم تستوعبها حتى يومنا هذا «2016» ومازلنا نقع فى ذات الأخطاء والخطايا!!
النتائج المؤلمة أيضًا لهذه الحرب إجبار حوالى 800 ألف فلسطينى على الفرار والهجرة القسرية من ديارهم من أصل مليون ومائتين وتسعين ألف فلسطينى أى نحو 60٪ من أهل فلسطين، وذلك نتيجة ارتكاب الصهاينة 34 مذبحة مروعة، أثرت سلبًا على روحية الصمود الفلسطيني، وكان من النتائج الخطيرة لهذه الحرب المؤلمة سقوط 87٪ من أراضى فلسطين فى أيدى الصهاينة، فضلاً عن دمار قرابة الـ 400 قرية ومدينة مع تهويدها بالكامل.
>>>
اليوم، وبعد 76 عاماً على هذه «النكبة»، التى نسيها العالم «المتحضر» دعونا نؤكد مجدداً، على حقيقة أثبتتها سنوات الصراع الطويل مع الكيان الصهيوني، وهى أنه لا ثورة حقيقية، ولا ديمقراطية، وتنمية، وإصلاح حقيقى سيتم فى بلادنا العربية، إذا أسقطنا «فلسطين» من أجندته، والقول ليس، عاطفة، ولكنها حقائق وأرقام، وأمن قومي، لنتأمل جيداً دور إسرائيل فى خلق داعش، ولنتأمل جيداً هذا التقاطع الوظيفى بين الإرهاب المتجول فى سوريا والعراق وسيناء وليبيا، وبين إسرائيل، بغطاء أمريكى وأموال وأجهزة مخابرات إقليمية.. ولنتأمل كيف أن «داعش وجماعة الإخوان الارهابية وجماعات الإرهاب الدينى التى ملأت المنطقة بعد الربيع «العبري» ووصل عددها إلى أكثر من 400 جماعة مسلحة هذة الجماعات لم تطلق رصاصة واحدة على جيش الاحتلال منذ بدء العدوان على غزة «7/10/2023» فهل الأمر صدفة.. أم عمالة للاحتلال منذ البداية؟!، ثم بعد أن نقرأ ونتأمل كل هذا المشهد.. لنتحدث بعدها عن النكبة، تلك النكبة التى لم تنته فصولها بعـد والتى لاتزال تجرى وقائعها بأشكال جديدة أشد قسوة وعنفاً كما يحدث اليوم فى غزة.. إن نكبة «1948» «2024» بنكبة جديدة فى قطاع غزة.. رغم الصمود والمقاومة الاسطوريين من الشرفاء الصابرين فى غزة إلى وعى عربى بالخطر وإلى إرادة عربية موحدة.. ؟!