يرى البعض أن مستقبل الثقافة والفنون والغناء والموسيقى فى عصر الذكاء الاصطناعي، غامض تماماً، ويكون السؤال.. هل يمكن أن تكون هذه الفنون قابلة للاختراع من قبل الذكاء الاصطناعي، التساؤل فى الواقع مطروح فى كل لحظة وأصبح يفرض نفسه فى كل منتدي، والخوف من الذكاء الاصطناعى أصبح واقعاً، فكم أنهى من وظائف.. وكم سينهى من وظائف فى المستقبل، وكم من الأدوار يقوم بها كانت محتكرة للبشر حتى الآن؟
بنظرة معمقة فإن الإجابة عن تلك الأسئلة.. تجرنا إلى شيء أكثر تعقيداً وهو أن الذكاء الاصطناعى تطور، وقد يتطور عند نشر هذا المقال أكثر وأكثر.. فالآن يوجد ما يسمى الذكاء الاصطناعى التوليدي، الذى يحدث تحولاً ضخماً فى الصناعات الإبداعية، مما يمثل حقبة جديدة فى الفن والموسيقى والكتابة.
هذه التقنية، التى تتضمن خوارزميات ونماذج قادرة على توليد محتوى جديد يعتمد على البيانات المستفادة، ليست مجرد أداة للأتمتة ولكنها شريك فى الإبداع فهى تعيد تشكيل كيفية فهمنا للفن والإبداع، ويقدم إمكانات مثيرة وتحديات جديدة.
أنتجت برامج الذكاء الاصطناعى أعمالًا تطمس الخط الفاصل بين الإنسان والآلة، وتعرض فى صالات العرض وتباع بمبالغ ضخمة، فى الموسيقي، قام الذكاء الاصطناعى بتأليف مقطوعات لا يمكن تمييزها عن تلك التى أنشأها الملحنون البشريون، بينما فى الأدب، أنتج روايات تأسر خيال القراء، تسلط هذه الأمثلة الضوء على قدرة الذكاء الاصطناعى التوليدى على زيادة الإبداع البشري، وتقديم مسارات جديدة للتعبير الفني.
يعمل الذكاء الاصطناعى التوليدى كمحفز للإبداع، حيث يقدم للفنانين والموسيقيين والكتاب أدوات غير مسبوقة للاستكشاف والإبداع. يستخدم فنانو الذكاء الاصطناعى لتفسير مجموعات البيانات الضخمة إلى تجارب بصرية جيدة، مما يتجاوز تصوراتنا للفضاء والسرد.
فى الموسيقي، تتيح أدوات مثل (AIVA) الفنان الافتراضى للذكاء الاصطناعى للملحنين تجربة أصوات وتناغمات جديدة، مما يدفع حدود التأليف التقليدي، يستخدم الكتاب الذكاء الاصطناعى لتوليد أفكار القصة والحوار وحتى الروايات بأكملها، واستكشاف أشكال وأنواع جديدة. توضح هذه الأمثلة دور الذكاء الاصطناعى التوليدى فى توسيع قاعدة الإبداع، مما يسمح للمبدعين بتجربة أشكال وروايات جديدة لم يكن من الممكن تصورها فى السابق.
يؤدى ظهور الذكاء الاصطناعى التوليدى فى الصناعات الإبداعية إلى ظهور قضايا معقدة تتعلق بحقوق الملكية الفكرية والنشر والأصالة والأخلاق، حيث لم يتم بعد حل التحديات المتعلقة بملكية المحتوى الذى يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وحقوق المبدعين مقابل مطورى الذكاء الاصطناعي، والآثار الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى العمليات الإبداعية بشكل كامل. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، يجب أن تتطور المعايير القانونية والأخلاقية لضمان العدالة واحترام الملكية الفكرية والاستخدام المسئول للتقنية.
فرحلة الذكاء الاصطناعى التوليدى فى الصناعات الإبداعية تعد بمستقبل يفتح فيه التعاون البشرى والآلى حدودًا جديدة للتعبير الفني، وأيضا بعض الإشكاليات يجب الاستعداد لحلها وتجاوزها.