د. رضا عبدالوهاب: الإبداع سمة العقل البشرى.. ابتعدوا عن الممارسات غير المشروعة
مع تطور التكنولوجيا المتواصل، عُرف التعليم التفاعلى كوسيلة رائجة تساعد على الفهم والاستيعاب بعيدا عن طرق الحفظ و،التلقين ولكن هذه التكنولوجيا أفرزت تطبيقات اجتاحت حياتنا من باب الفضول ثم الإدمان بدعوى أنها تساعد على جودة التعليم مثلاً تطبيق مثل chat gpt الذى ظهر منذ ثلاث سنوات وأصبح حديث العالم وتجاوز عدد مستخدميه فى عام 2024 «200 مليون» من الأطفال إلى الكبار فى المذاكرة والعمل بسبب سرعته فى جلب المعلومات التى تكون أحيانا دقيقة وأحيانا بعيدة عن الصحة ورغم ذلك يتلقى حوالى 600 مليون زيارة شهريًا!
اتفق الجميع على سهولته وتوفيره للوقت والجهد، لكن هل هو حقا مفيد فى كل الأحوال ؟
أم للتكنولوجيا وجهها الآخر الذى يدفع الشباب إلى الاستسهال فى البحث وعدم بذل الجهد وبالتالى قتل خلايا الإبداع؟
الأصدقاء محمد مدحت وإيمان رجب وفرح الحاج وياسمين عصام أجروا استطلاعا عن الوافد الجديد chat gpt بين الشباب والخبراء لنتعرف على استخداماته بين الكسل والإبداع.
الوافد الجديد.. أرقام وحكايات
Chat gpt ليس وحده فى الساحة إذ يحظى بمنافسة من نماذج ذكاء اصطناعى أخرى مثلgemini و DeepSeek لكنه حقق شعبية سريعة -بلغة الأرقام- عندما حظى بمليون مستخدم فى غضون 9 أيام فقط من إطلاقه متفوقاً على تطبيقات شهيرة مثل انستجرام ونتفليكس.
يزوره الشباب أولا من باب الفضول أو التسلية لكنهم يعودون مجددا بنسبة 32.36 ٪ مما يشير الى تفاعل جيد مع المحتوى ويقضى كل مستخدم فى المتوسط 7 دقائق و32 ثانية .
استخداماته المتنوعة جذبت الشباب من الدراسة والبحث إلى المساعدة النفسية بالفضفضة وسؤاله النصيحة وبالطبع أصحاب المهن أو الكليات التقنية كانوا الأسرع فى استكشافه والاستفادة من خدماته .
عصف للأفكار
أحمد جابر – صانع أفلام
تطبيقات الذكاء الاصطناعى لها ايجابيات كثيرة أستخدمها فى البحث والمونتاج سواء الفيديو او الصوت وأيضا تصميمات الجرافيك لأنها تمدنى بأفكار جديدة وهى أداة مثالية للمؤثرات الصوتية لذلك أشعر بالمتعة عند التعامل معها.
ولكن لا أخفى تخوفى من اعتماد البعض عليها فى الدراسة أو العمل بما يؤدى إلى الكسل وقتل الإبداع فهى فى رأيى أداة مساعدة أو عصف للأفكار فقط.
الاستخدام المفيد
صلاح الدين محمد –حاسبات والذكاء الاصطناعى عين شمس
لاأعتقد أن هذه التطبيقات بديل للمعلم أو الأستاذ الجامعى بدوره الداعم ومعلوماته الوافرة لكنها كتطبيقات للموبايل أو رادارات الطرق يمكنها أن تفعل الكثير فى الحد من الحوادث وتنظيم حركة المرور وقبل chat gpt كنا نعرف Siri فى هواتف الآيفون الذى يساعد المستخدم فى معلومات أولية عن الطقس أو اختيار الموسيقى
ويتحمس لمستقبل الذكاء الاصطناعى مؤكدا أن استعانة البعض به على سبيل الخداع يمكن كشفه وبسهولة.. المهم الاستخدام المفيد فى المجال المفيد.
مهام معينة
سلمى على محمد – طالبة ثانوى:
استخدم هذا التطبيق لتفسير الإجابات التى لا أستطيع فهمها أو التعرف على خطوات حل مسألة حسابية و ترجمة بعض الكلمات الأجنبية لذلك اعتبره أداة تعليم تسهل عملية الحفظ والفهم .لكنها لا تعتمد عليه فى كل المهام الدراسية لأنه ببساطة يعجز عن أداء بعضها فقد لا يفهم السؤال أو يقدم إجابة غير دقيقة لذلك كلما كانت مهمته محدودة زادت الاستفادة منه دون إلغاء استيعابها الخاص.
محاسب شخصى
محمد محمود معوض -32سنة – محلل بيانات
بيستخدم التطبيق لجدولة ديونه بإدخال معلومات عن راتبه والتزاماته ويقوم الذكاء الاصطناعى بترتيب الدخل والمصروفات فى جدول وكذلك عند الاحتياج لإجراء طبى معين يستشيره حول المستشفى الأقرب والمصاريف الأقل
وفى عمله يستخدمه لمراجعة المعادلات وكثيرا ما يصحح له أو ينبهه إلى أخطاء لذلك يعتبره بمثابة محاسب شخصى أو مساعد مجانى فى الحياة.
سلاح ذو حدين
أمير أحمد مهندس سوفت وير
اللجوء إلى الذكاء الاصطناعى كحل أول دون المحاولة أو التفكير يعتبر استسهالا ويؤثر على الإبداع ..هو أصلا من صنع الإنسان ومبرمج لخدمته حسب توجيه الإنسان له وليس العكس
وشاهدنا نماذج عديدة من أخطائه أو إجاباته غير الموثوقة لذلك التعامل معه بوعى خصوصا من الطلاب ..بحيث يكون محفزا للإنتاج وليس معطلا للإبداع .
وعن نفسه، يستخدمه فى تعلم اللغات لأنه بالفعل يوفر الكثير من الوقت فى الحصول على المعلومات.
حدود ونصائح
حملنا تجارب الشباب واستخداماتهم للذكاء الاصطناعى للدكتور رضا عبدالوهاب عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى جامعة القاهرة وأوضح أنه -من حيث المبدأ- من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعى كمحرك بحث متقدم لكن الخطر يقع عند الممارسات غير الصحيحة، ككتابة بحث كامل أو الغش فى حل الواجبات والأستاذ يستطيع اكتشاف مدى اعتماد الطالب على الذكاء الاصطناعى بالحوار والمناقشة لكن مع تقدمه ربما نجد صعوبة فى اكتشاف استخدامه.
مؤكدا دعمه الإبداع من خلال اعطاء معلومات لبناء استنتاجات جديدة، وقد يقتله إذا تم الاتكاء عليه بالكامل بدون تدخل من الإنسان.
ويشير إلى فجوة كبيرة بين تعلم الإنسان وبين الذكاء الاصطناعى، ف»شات GPT» مثلا هو نتاج ما هو موجود بالفعل على الإنترنت من علوم ودراسات وعن طريق تجميعها وتخليصها يعطينا إجابات ومخرجات، لكنه لا ينافس العقول البشرية الفذة لأن مفهوم الابداع واسع جدا وهو غير قادر على خلق هذه الطفرات فى التاريخ.
ويضرب المثل بقدرته على تصحيح الاختبارات، مادام تم تغذيته بالإجابات الصحيحة
لكنه مثلا لا يستطيع التعامل بنفس الكفاءة مع الإجابات بخط اليد .
ويحذر من خطورة امداده بالمعلومات الشخصية لاحتمالية استخدامها فى التجسس أو تحليل البيانات لصالح فكرة معينة،لكن لا يجب علينا منع التعامل مع تلك البرمجيات فمواجهة الخطر تجعلنا قادرين على فهم المشكلة.
وينفى إلغاء الذكاء الاصطناعى للوظائف بل قد يساعد فى إدارة وتشغيل الآلات، وتقديم تسهيلات فى الانترنت مثل «الشات بوت» القادر على الرد على استفسارات العملاء لدى الشركات بدلا من موظف خدمة العملاء، وبإمكانه أن يكون مدرسا افتراضيا لشرح الدروس لسد عجز المدرسين ، فالتطور التكنولوجى كما يخفى دور وظائف لكنه يخلق وظائف جديدة، متوقعا تطوره واستمراره لأنه نتاج لابداع العقل البشرى .
وينصح بالتوعية باستخدامه وفهمه ، وتوفير بدائل وطنية بأيدى شبابنا لمواجهة خطره المحتمل وعدم الاكتفاء بكوننا مستهلكين للبرامج الأجنبية فقط.
وهكذا يرسم الذكاء الاصطناعى ملامح المستقبل ولكنه ينبغى التوازن بين الابتكار والمسئولية الاخلاقيه وقتها سيصبح صديقا مفيدا دون التخلى عن الحذر.