لا أحد ينكر التقدم المذهل فى عالم التكنولوجيا والثورة المعلوماتية والذكاء الاصطناعى الذى غزا كل المجالات الصناعية والصحية والتطور المذهل والتأثير الكبير للسوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي.. وصار العالم بحق قرية صغيرة.. فيمكنك أن تحاور وتجالس بالصوت والصورة صديقاً فى أقصى الكرة الأرضية ويمكنك أن تشارك مؤتمرًا دوليًا يعقد فى بكين أو واشنطن أو حتى سيدنى وتدلى برأيك ويستمع له آخرون وتبادلهم الحوار والنقاش وكأنك تجلس بينهم.. ويمكنك أن تناقش رسالة دكتوراه وأنت فى مكتبك أو حجرتك بينما يجلس المناقشون على منصة أعرق الجامعات الألمانية أو الفرنسية.. بل يمكن للعالمى و أستاذ القلب الأول على ظهر المعمورةالمصرى النابغة الدكتور مجدى يعقوب أن يجرى جراحة فى القلب لمريض فى الولايات المتحدة الأمريكية وهو فى مركز القلب بأسوان.. إنه التطور العلمى المذهل فى الذكاء الاصطناعى ودنيا تكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات.
لا أحد ينكر ذلك على الإطلاق.. لكن لماذا نحن العرب فقط الذين يقودنا الفيس بوك.. وتحركنا مواقع التواصل وتؤثر فى عاداتنا وتقاليدنا وأخلاقياتنا.. وأصبح الأمل والأمنية «تريند» كاذباً أو خادعاً أو مفبركاً.. يحقق لنا المشاهدة المليونية.. ويجلب لنا الثروة الدولاريــة التى تهــبط علينا فجـأة من شــركة جوجــل أو تويتر أو يوتيوب أو انستجرام.. وصارت الدولارات تبيح كل المحظورات.. بل وقادت بعض الشباب لارتكاب جرائم تصل عقوبتها للإعدام من أجل «تريند» يحقق بضعة آلاف من الدولارات.. فمنذ فترة قليلة ارتكب شاب جريمة بشعة بذبح صديقه بدم بارد ليصور الجريمة «فيديو» ويرسلها لآخر وعده بالثراء الفاحش.. وآخر لجأ لأكذوبة كبرى وفبرك قصة السحر المدفون فى المقابر للاعب شهير من أجل «التريند».. وللأسف الشديد هؤلاء حققوا للوهلة الأولى هدفهم وصاروا «تريند» فى لحظات.
>>>
أتمنى أن قانون العقوبات فى تعديلاته الأخيرة أن يكون قد غلظ العقوبات لكل جرائم الإنترنت والسوشيال ميديا.. وتكدير السلم الاجتماعى وفبركة الأحداث والأكاذيب.. ليرتدع كل من تسول له نفسه أن يختلق حدثاً كاذباً.. بهدف شهرة أو تريند أو جلب دولارات تويترية.. وللأسف الشديد لم يقف اللهث وراء الدولارات والتريند عن الأكاذيب والفبركة.. وإنما دفع العديد من الإناث والسيدات عديمات الأخلاق والضمير إلى البحث عن الخلاعة والتعرى من أجل مضاعفة المتابعين والمشاهدات وتخلت كل منهن عن الحياء والأدب وصون تقاليد وأخلاقيات المجتمع.. وباتت عنصر فساد وضرب كل قيم الأسرة المصرية.. لذلك لابد من مباحث الإنترنت أن تتعقب كل من يرتكب أى نوع من هذه الجرائم وتقديمه لمحاكمة عاجلة ليكون عبرة أمام اللاهثين وراء التريند وتجاوز الخطوط الحمراء التى تحافظ على قيم وتقاليد المجتمع الرصينة.
>>>
ومن المهم جداً أن يكون لدينا وعى كامل ولجميع الأعمار بثقافة التعامل مع السوشيال ميديا.. وكل ما يدور ويبث من خلالها سواء من أفراد فى المجتمع.. أو مواقع عالمية.. أو منصات إخبارية معلومة أو مجهولة المصدر.. لأن قمة الخطورة على أى مجتمع أن يجهل أفراده ثقافة التعامل مع محتوى هذه المواقع ومع كل ما يصل إليك.. خاصة فى ظل التطور المذهل فى دنيا الذكاء الاصطناعى الذى يمكن أن يأتى لك بفيديو لأى شخص زعيم أو أديب أو فنان أو لاعب كرة بصورته وصوته ومخارج الألفاظ دقيقة وحركات الشفايف ونبرات الصوت مائة فى المائة.. ولا تصدق أبداً أنها مفبركة.. لكنها كذلك بفعل الذكاء الاصطناعى المذهل.. ومنذ أسابيع فعلها ملحن مشهور عندما كتب كلمات أغنية ولحنها وجعل كوكب الشرق أم كلثوم تشدو بها.. وكأنها أجرت بروفات عدة مرات حتى اتقنت اللحن وأداء الكلمات.. إنه الذكاء الاصطناعي.. والثورة التكنولوجية المذهلة.
من هنا صار الوعى بثقافة التعامل مع السوشيال ميديا ضرورة ملحة لكل الأجيال.. كيف استقبل الأخبار والمعلومات وكيف أدرك المفبرك من الواقعي.. وما الذى يهدف إليه المحتوي.. والحفاظ على ثوابت وقيم ومقدرات الوطن.. وليعلم الجميع أن وسائل الإعلام بمختلف أنواعها هى أخطر أسلحة الجيل الرابع والخامس من الحروب.. بل صار بعض النخبة ذاتهم من حولك ومن قلب مجتمعك من رواد الطابور الخامس هم أحد أذرع الأسلحة الحديثة فى الجيل الخامس من الحروب.. ليكون عدوك هو جارك وصديقك وصوتك الذى تسمعه.