الآن وقد مضى على بدء الربيع العربى المزعوم ما يقترب من عقد ونصف.. حيث نحن الآن على أبواب العام 2025 ..نحتاج إلى تأمل وبصيرة ليس للحدث فى ذاته ولكن لظاهرة (الذئاب المنفردة والجماعية) التى إختطفت أشواق الاصلاح التى أتى بها هذا الربيع وتحول بها إلى (خريف) إلى الحد الذى يسميه البعض تهكما بـ(الربيع العبرى وليس العربي!!) لدلالاته، واحتمالات تكرار الاختطاف من قوى إقليمية ودولية معروفة وتصبح تلك (الذئاب) حقيقة ماثلة تحتاج لمن يكشفها ويمنع تجولها فى بلادنا العربية المبتلاة بها. و(الذئاب المنفردة) هم أولئك الارهايين من جماعات العنف الدينى (خلايا نائمة) سرعان ما تستيقظ وتفرض إرهابها ومطالبها الفوضوية على الجميع! كما يجرى الآن-تحديدا- فى سوريا حين تنطلق تلك الذئاب المنفردة والجماعية فى أدلب وحلب ويحاولون السيطرة على (حماة) مستغلين (اللحظة التاريخية) حين ينهمك الحليفان الكبيران لسوريا (روسيا- وإيران) فى المشاكل الاقليمية والداخلية من أوكرانيا إلى حزب الله فى لبنان، ومستغلين كـ(ذئاب منفردة وجماعية فى أدلب) إنشغال الجيش العربى السورى بتأمين الدولة مما يحاك لها بعد الاتفاق اللبناني-الاسرائيلى ومدعومين بدعم إقليمى وإسرائيلى وأمريكى واضح جدا لمصالح تلك الدول وطمعها فى الارض السورية وثرواتها ودورها! إن هذه الذئاب المنفردة والجماعية ليست سوى (ادوات لاجهزة مخابرات دولية) وليست (جماعات وطنية أو إسلامية) وتاريخها يؤكد ذلك ولعل موقفها من الابادة الجماعية التى يمارسها الاحتلال الاسرائيلى ضد غزة من 7-10-2023 وحتى اليوم وعدم إطلاقها لطلقة واحدة ضد الاحتلال يؤكد عمالتهم بشكل قاطع !..،بوجه عام ماذا عن (الذئاب المنفردة)؟ دعونا فى هذا الصدد نسجل ما يلي:
فأولاً : تعد جماعة الاخوان الارهابية( الخيمة الكبري) لكل تنظيمات العنف الدينى فى بلادنا على عكس ما يروجون.إن جماعة الاخوان خلقت تنظيم داعش الذى بدأ فى العراق (2004) ثم انتقل إلى سوريا (2011) وهو يستند فى مرجعيته الفكرية (وهى هنا الأهم لفهم سلوكه المستقبلي) إلى فهم منحرف للدين، مستمداً من كتب ومراجع بعضها يصل إلى خوارج (زمن الصحابة) ويمتد إلى سيد قطب وشكرى مصطفى وغيرهم
>>>
ثانياً : ينبغى للمراقب أن يتوقف ملياً أمام المعلومات التى تقول أن الاجهزة المخابراتية الخارجية كانت لديها علم مسبق بكافة الأحداث الإرهابية التى قام بها «ويقوم بها» تنظيمات الاخوان والدواعش وذئابهم المفردة سواء فى أوربا أو فى شرقنا العربي، وأن المعلومات على سبيل المثال لا الحصر- التى أعطاتها تلك الاجهزة الغربية والموساد الاسرائيلى لفرنسا -تحديداً عام 2015 -بشأن صحيفة (شارل أبدو)هى التى سهلت إلقاء القبض على العناصر الهاربة من الذئاب المنفردة فى تلك العملية، وغيرها من عشرات الاعمال الارهابية التى تمت فى الغرب وفى شرقنا العربى وبخاصة فى (العراق وسوريا) وهنا تثار العديد من التساؤلات حول التداخل التنظيمى والوظيفى بين أجهزة المخابرات الغربية والاقليمية(وتحديدا الاسرائيلية) وبين جماعات الإرهاب الدينى وتحديداً داعش، وكيف أن العلاقات والاختراقات بينهما واضحة وقوية، وحتى لو لم تكن قائمة بالمعنى المباشر للكلمة فمن المؤكد أن أكبر المستفيدين من دور داعش فى المنطقة هو إسرائيل والتى ربحت حتى الآن مكاسب عديدة أبرزها استنزاف الجيوش العربية ومحاولة إشغال الحكومات العربية بالداخل وبحالات الدم التى تصاحب ظاهرة (الذئاب المنفردة) وغيرها!.
إن المطلوب من صناع القرار فى بلادنا العربية أن ينتبهوا أو يبحثوا ويتأملوا جيداً الدور الخفى لأجهزة المخابرات الاقليمية والدولية مما جري، وفيما سيجرى من إرهاب داعش فى المنطقة والعالم، فالعدو- فى تقديرنا- واحد ومتداخل الحلقات والأدوار.
>>>
ثالثا: إن ما يسمى ببقايا التيار المتشدد فى بلادنا العربية وتحديدا (مصر) لاتزال لديه ذات الفتاوى التكفيرية التى لدى داعش وأخواتها، فقط جزء من أعضاء هذا التيار المتشدد لا يحمل السلاح ولكنه يحمل الفكر الذى يبرر حمل السلاح واستخدامه، هذا التيار مطلوب مواجهته وبقوة عبر الدعوة الوسطية أولاً، وعبر كشف مصادر تمويله وتفكيره الخطرة الآتية إلينا من الصحراء، هذا الفكر أخطر من القنبلة، وإذا تمكنت الدولة والأزهر الشريف «فى قلبها» من مواجهته فإن 80٪ من هزيمة جماعات الارهاب فى بلادنا العربية، ستكون ممكنة ومؤكدة.
>>> رابعا: بالتأكيد لا شماتة فى الموت، وهذا الإرهاب الجبان، ضد الأبرياء والمدنيين مرفوض تماماً، ولكن علينا أن نتأمل جيداً، ما جرى ويجرى فى الغرب، فهذه التنظيمات صنعتها أجهزة مخابرات غربية وإقليمية تمويلاً وتدريباً باسم أنهم من (الثوار) ضد الانظمة الحاكمة وضد الشعوب العربية، ولكن ما لا تعلمه تلك الأجهزة أن هؤلاء الإرهابيين ليسوا ثواراً، وإنهم بلا صديق، وبلا سقف سياسى أو ديني، إنهم عدميون فى السياسة، وفى الدين، وهذا هو الخطر، إن المنطق والعقل يتطلب الآن المواجهة الواسعة والعاقلة لهذه التنظيمات التى تسئ أول ما تسئ إلى الإسلام، والى جوهر التسامح الذى يحمله هذا الدين العظيم، والى القيم الانسانية الخالدة التى يدافع عنها العالم أجمع: شرقه وغربه.. إن هذه الجماعات الارهابية تمثل نموذجا للفوضى المحمولة على أسنة الرماح..وهى ظاهرة موجودة فى كل دين وفى كل بلد وليس فحسب فى البلاد العربية والدين الاسلامي..لانها ببساطة ضد الانسان ذاته وضد البشر. علينا جميعا أن نقاتلها أيا كان لونها ومذهبها.. وذلك قبل أن تتحول (الذئاب المنفردة) إلى (ذئاب جماعية) مرعبة ومعادية للحياة، ولكل ما هو راق وسام فى عالمنا. والله أعلم.