الدول لا تدار بالعواطف والعنتريات والشعارات.. والحفاظ على الأوطان يجرى وفق حسابات دقيقة.. وتقديرات مواقف سليمة بعيداً عن الاندفاع والتهور والمغامرات.. تلك هى مقومات تدمير الدول أو إعاقة تقدمها وتخلفها عن ركب التنمية والتقدم.
قرار الحرب فى أى دولة ليس نزهة أو رفاهية بل يخضع لحسابات وتقديرات دقيقة.. وهو أصعب قرار يمكن أن تتخذه أو تقدم عليه أى دولة.. لأنه يتعلق بمصير الدولة وشعبها وله تداعيات خطيرة.. على كافة الأصعدة خاصة الأمن القومي.. أو على الصعيد الاقتصادي.. فالحروب تستلزم توجيه الناتج القومى للمجهود الحربي.. وهو ما ينعكس بطبيعة الحال على حياة الشعوب وصعوبتها وقسوتها ودرجة تحملها لهذه التداعيات.. بالإضافة إلى فاتورة الحرب فى مختلف المجالات والمسارات سواء البشرية أو المادية والاقتصادية.. فطبيعة الحال هناك نتائج وخيمة مثل تأثير الحرب على السياحة وتدفقها والاستثمارات وهروبها ومخاوفها.. وعدم تدفقها.. بالإضافة إلى توقف قطار البناء والتنمية وتحقيق التقدم.
اذن قرار الحرب فى أى دولة ليس عملاً هيناً أو سهلاً بل هو أصعب القرارات.. ولا يخضع للعنتريات والعواطف والشعارات أو المزايدات.. ولكن أعلى درجات الهدوء والحكمة والثبات والتريث والصبر.. ودراسة كافة الجوانب.. بالإضافة إلى أن أهم أسباب اتخاذه هو وجود تهديد خطير ومباشر وواقعى للأمن القومى أو السيادة أو المصالح العليا للدولة.
قرار الحرب أو الهجوم على أى دولة ليس عملاً عبثياً أو ارتجالياً أو يخضع للأهواء والعواطف والمزايدات والتسخين والدفع أو الانسياق وراء المتاجرات.. فالحرب ليست خناقة فى شارع بالأسلحة البيضاء.. تقع فيها بعض الإصابات وتنتهى فى دقائق.. على الاطلاق.. بل هى مصير مجهول ولا تعرف ولا تعلم متى تنتهى ومتى تتوقف.
أى حرب لابد ان تكون وراؤها دوافع حقيقية وواقعية وأيضاً أهداف بعد انسداد كامل لمسارات التفاوض والسلام.
هناك أحداث ووقائع ربما توصف بأنها متكررة.. تحدث فى أى مكان فى العالم وعلى حدود الدول مع بعضها البعض بل الأخطاء قد تحدث فى تدريب داخلى فى الجيش الواحد.. لكننى أريد التفرقة بين نوايا مخططة للعدوان.. وبين أخطاء وارد حدوثها.. وهناك لجان للاتصال والتنسيق والتحقيق تتفادى مثل هذه الأخطاء التى تزيد حدتها ومعدلاتها عندما تكون الدولة مجاورة لعدوان أو حرب فى الجانب الآخر من الحدود.. ولا يمكن لمثل هذه الحوادث أو الأخطاء ان تتسبب فى حروب تدفع فواتيرها وتكلفتها الباهظة الدول.. فهى حوادث أو أحداث أو أخطاء يمكن تجاوزها بسهولة.
الصين على سبيل المثال.. هناك استهداف مباشر لها ومحاولات سحبها وجرها إلى صراعات ونزاعات مسلحة.. لكنها لديها هدف واضح اختارته عن قناعة وإيمان وهو التركيز على مسار الصعود الاقتصادي.. وتتفادى الدخول فى أى صراعات أو حروب وتعالج مثل هذه الأزمات بأساليب دبلوماسية وسياسية ولا تعنى أنها دولة ضعيفة.. ولكن فى منتهى القوة والقدرة واحدى القوى العظمى فى العالم.. لكنها تدرك نتائج وتداعيات الحروب.. وانها مستهدفة.. وان الاندفاع والتهور له نتائج كارثية على كافة الأبعاد خاصة الاقتصادية وطريق التقدم.
مصر من أكثر الدول المستهدفة.. ومحاولات جرها واستدراجها لا تنتهي.. بل جل ما يحدث فى المنطقة من تصعيد وتوتر وصراعات وأزمات وتطويق لها من كافة الاتجاهات الإستراتيجية بالأزمات والصراعات والحروب الأهلية والإرهاب ومحاصرتها بالحصار الاقتصادي.. وصناعة الصراعات الدولية والإقليمية التى لها تداعيات اقتصادية أو بحملات متواصلة بالأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه.. كل ذلك يستهدف مصر.. وهى أهم دولة مطلوب استدراجها واستنزافها لأسباب كثيرة أبرزها انها دولة قوية وقادرة.. بل وتصعيد بثبات وتتنامى قوتها وقدرتها.. وتقف حجر عثرة فى طريق المخططات والمؤامرات التى تستهدف المنطقة العربية أو محاولات ضرب مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم لأن قوى الشر تدرك خطورة قوة مصر وقدرتها وصعودها.
دعونى أؤكد.. ان هناك الكثير من الفخاخ التى تنصب لمصر.. من أجل توريطها وهدم وتدمير ما بنته خلال السنوات الماضية ودعونى أؤكد أيضاً ان ما يجرى من عدوان إسرائيلى إجرامى على غزة بهدف تدمير كافة مقومات الحياة فى القطاع.. واخلائه من البشر لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين ويبقى الهدف للمشروع الصهيو- أمريكى هو سيناء.. بهدف توطين الفلسطينيين فيها وبالتالى التخلص وتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية للأبد.
سيناء الهدف والغاية والمطلوبة من قوى الشر وجرت محاولات وضغوط ومخططات كثيرة.. تحطمت على صخرة الصلابة المصرية وقوة مواقفها وثوابتها الشريفة.. فلا تفريط فى حبة رمل واحدة من سيناء مهما كانت التحديات والتهديدات والضغوط والإغراءات.. سيناء يا تبقى مصرية.. يا نموت على أرضها.. وان أى محاولات تدفع الفلسطينيين إلى النزوح إلى الحدود المصرية لتهجيرهم إلى سيناء خط أحمر وتهديد للأمن القومى المصرى وهو ما لا يمكن التهاون أو التفريط فى حمايته وهذا لن يحدث.. ومصر أحبطت وكشفت وفضحت المخطط «الصهيو- أمريكي» والحقيقة ان قوة مصر وقدرتها هى من تقف حجر عثرة أمام أوهام قوى الشر.
طالما ان أهدافنا تتحقق ومواقفنا لا يمكن لأحد ان يؤثر فيها أو يغيرها مهما كانت الضغوط.. إلا أن قوتنا وقدرتنا على الردع وتماسكنا واصطفافنا.. لذلك فإن التحلى بالصبر والاتزان الإستراتيجى والثبات هى الأجدى والأكثر نفعاً وهى من تحقق أهدافنا وتجلب لنا النصر دون ان نطلق رصاصة واحدة.. وقوتنا وقدرتنا وحكمتنا هى من تفوت الفرصة على قوى الشر وتجهض مخططاتهم ومؤامراتهم.