رفع 716 من قوائم الإرهاب
ضربة قاصمة للجماعة.. وفرصة لمن يبحثون عن النجاة من الأفكار الهدامة
نوح: القرار تأكيد على التزام الدولة بقيم العدالة وإتاحة الفرصة لمن توقف عن نشاطه الإجرامى
ولا ينبئك مثل خبير، وليس أكثر خبرة بالجماعة الإرهابية إلا من اقتربوا منها وتعاملوا معها ولذلك رؤيتهم دائما تقدم حقائق مهمة، وقرار محكمة الجنايات برفع 617 من قوائم الإرهاب تفاعلاً مع توجهات الرئيس السيسى بمراجعة مواقف المتهمين، وإن كان تأكيداً على دعم الدولة لمبادئ حقوق الإنسان الشاملة ومنح فرصة كبيرة أمام من يريدون العودة إلى جادة الصواب، لكنه عند خبراء الإسلام السياسى قرار يمثل اختباراً صعباً ومهماً لكل أعضاء تلك الجماعة الإرهابية، هل يراجعون أنفسهم ويعودون إلى الصواب ويهجرون فكر الإرهاب والعنف ليثبتوا أنهم جديرون بثقة الدولة أم سيعيدون إلى طريق الضلال والإرهاب.
الدولة قدمت الدليل على أنها ترفض الاقصاء وقادرة على استيعاب كل من لم تلوث يده بالدماء.. لكن هل يستثمر هؤلاء هذه المبادرة غير مسبوقة من الدولة.
سؤال صعب ستجيب عنه الأيام القادمة.
الدكتور عمرو عبدالمنعم الخبير فى شئون الحركات الإسلامية يرى أن لائحة المستبعدين من قوائم الإرهاب المصرية والتى أعلنتها النيابة العامة، تعد خطوة مهمة فى واقع التعامل مع عناصر جماعات الإرهاب، وهى خطوة غير مسبوقة فى تاريخ الصراع بين هذه الجماعة والدولة المصرية، حيث يمكننا تلمس عدد من الدلالات فى تلك الخطوة أبرزها أنه كثيرا ما رددت جماعة الإخوان أنها جماعة دعوية ومعارضة رغم أنها جماعة معروفة بالعنف والمشاركة والتحريض على الدولة المصرية والأهداف والمنشآت الحيوية التى تعد أحد المنجزات الحضارية عبر الخمسين عاما الماضية، إضافة إلى أن الجماعة لم تتبرأ من العنف سواء الفعلى أو القولى، بل تتبنى عمليا الخطاب العنيف حتى الآن، لذلك فوجود عناصر من الخلايا النوعية أمثال يحيى موسى على قوائم الرفع من الإرهاب، ولكنها خطوة لإثبات التفرقة بين من تبرأ وابتعد عن خط التحريض على العنف والإصرار عليه، وهو اختبار حقيقى من الدولة لتلك العناصر حتى يتبين إذا كانوا جادين كما طرحت ابواقهم الإعلامية فى أنهم جاهزون لترك العنف أم أنهم يراوغون لكسب مزيد من الوقت أو إحراج الدولة أمام المجتمع الخارجى بتلفيقات واتهامات كعادتهم المعهودة.
يضيف عبدالمنعم أن اللائحة الصادرة رفعت أسماء كثيرة كانت متورطة فى علاقات فكرية وعائلية، وليست علاقات تنظيمية، ولذلك كانت خطوة مهمة فى سياق التعامل مع الشركات والاستثمارات الخاصة التى أضيرت بسبب وجود أصحابها على قوائم الإرهاب، والتى ظلت تمثل عبئا كبيرا على الاستثمارات الداخلية.
الأهم أن هذه الخطوة رسالة إلى كل من لازالوا يحرضون على الدولة المصرية، وإذا أرادوا أن تشملهم القوائم المقبلة فإن الباب مفتوح شريطة إثبات حسن النوايا حقيقة.
فيما أوضح هشام النجار الخبير فى الحركات الإسلامية أنه يجب التفرقة بين التعامل مع الأفراد وبين كيان التتنظيم، لأن الدولة تفتح ذراعيها لكل مصرى كان مذنبا ثم تاب عن ذنبه وقرر الرجوع إلى صفوف الوطن ملتزما ومخلصيا، وهذه استراتيجية قديمة منذ تأسيس الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالناصر حينما قرر فتح باب التوبة والعودة أمام قيادات ورموز جماعات الإخوان وبالفعل عاد كثيرون منهم عن استراتيجية العنف والتشدد وأصبحوا مواطنين صالحين أمثال د .عبد العزيز كامل الذى كان عضوا بالتنظيم السرى للجماعة والشيخ أحمد الباقورى الذى تولى بعد ذلك رئاسة جامعة الازهر والبهى الخولى وغيرهم كثيرون ، وقد أشاد هؤلاء بمبادرة الرئيس عبدالناصر لدرجة أنهم أرسلوا إليه رسائل تتضمن الثناء والتمجيد لتلك الخطوة الشجاعة من الدولة وقيادتها، وعلى الجانب المقابل فهناك التنظيم الإخوانى الذى يعادى الدولة ليل نهار فى المحافل الخارجية ويتعاون مع جهات كارهة لمصر ويقدم لها نفسه متبرعا رغبة فى تدمير مستقبل مصر، وهذا التنظيم بتلك الأيديولوجية الفكرية لن تتعامل معه الدولة من قريب أوبعيد لأنه عدو مستمر.
يوضح النجار أن هذا الحكم القانونى يؤكد للعالم أن مصر دولة قانون وأن القيادة السياسية حريصة على عدم الاقصاء لأحد وأنها تفتح باب العودة للجميع وأن الهيئات القضائية المصرية تملك من الشجاعة ما يجعلها تقف فى صفوف إعلاء القانون، ويعتبر هذا الحكم بمثابة ضربة قاصمة لجماعة الإخوان الذين كانوا يثيرون اللغط حول نزاهة القضاء ويخدعون البسطاء بتلك الشعارات، والآن ليس أمامهم سوي خيارين إما أن يتوبوا عن جرمهم الكاذب فى حق الدولة ومؤسساتها الوطنية، وإما أن يبحثوا عن تلفيق جديد يواصلون به مسيرة الكذب والخداع لأنفسهم وللبسطاء، وهذا أقرب الاحتمالات وفقا لما هو معروف عن منهجهم الباطل.
فيما أشار المفكر السياسي طارق البشبيشى الخبير فى الحركات الإسلامية أن تلك الخطوة من جانب الدولة لن تؤثر فى منهجية العنف الإخوانى على الجانبين الفكرى والمادي لأنهم جماعة متأصلة على الكراهية ورضعت منذ صغرها العنف وتقوم بإرضاعه لأتباعها منذ انضمامهم إليها، فهم لا يؤمنون سوى بأنفسهم وإذا نظروا فى المرآة لا يرون سوى المرشد الذى تعتبر طاعته فى ادبياتهم مقدمة على طاعة الوالدين، وهذه الخطوة ستكون مفيدة فى عودة الكثير من الأفراد المخدوعين إلى صوابهم لكنها لن تجدى مع الجماعة ويجب ألا ننخدع بإمكانية حدوث مراجعة أو ارتداد إلى الخلف من جماعة تاريخيا تقطر منها الدماء درجة السيلان منذ اغتيال النقراشى باشا والخازندار وقيامهم بحريق القاهرة، بل إن الرئيس عبد الناصر الذى عفا عنهم حاولوا اغتياله فى المنشية، والرئيس السادات الذى أفرج عنهم وأخرجهم من السجون قتلوه، والشيخ الذهبى الذى فضح فكرهم قتلوه، فهذا الكيان الإرهابى متغطرس ودمه أزرق يظن أنه يملك تفويضا إلهيا وأنه لا يخطئ لذلك فإن الظن بإمكانية شفائهم يمثل نوعاً من الوهم وأن توبتهم مستحيلة ولن يعودوا بل سيروجون أن الدولة المصرية تريد المهادنة معهم، وأتمنى أن يخيب ظني لأننى حريص على أن يعود المخدوعون إلى صفوف الوطن، لكن المؤكد أن خطوة رفع هذا العدو الكبير هى رغبة من الدولة بمنح الفرصة لمن أراد أن يعود إلى الطريق الصحيح.
فيما أكد ماهر فرغلى الخبير فى شؤون التيارات الإسلامية أن تلك الخطوة إيجابية من الدولة التى تؤكد للعالم أنها دولة مؤسسات وتحترم أحكام القضاء، فحينما كانت فترة السيولة الإرهابية كانت الجهات الأمنية تتوسع فى دوائر الاشتباه وهذا أمر موجود فى أغلب دول العالم، لكن بعدما استقرت الأوضاع طالب الرئيس السيسى الجهات الأمنية والقضائية بمراجعة كشوف التيارات الإرهابية ، إضافة إلى الذين تراجعوا عن العنف ويطلبون العودة إلى صفوف الوطن مرة ثانية، وإذا نظرنا إلى تلك القوائم سنجد أن، معظم الأسماء تنتمى إلى الجانب شبه المعتدل داخل الجماعة وأغلب الظن أنهم سيقومون بإعلان مراجعة ذاتية خلال الفترة القادمة لأنهم بالفعل يعملون على إخراج تلك المراجعة والنقد الشخصى لمنهجيتهم فى التعامل مع الدولة المصرية، اما باقى أجنحة الإخوان من الكماليين وجبهة محمود حسين فهؤلاء سيواصلون منهجهم الإرهابى فى معاداة الدولة لأنهم يعملون خدمة لأجندات خارجية، ومن الممكن أن تكون الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت فى أننا نرى إخواناً جدداً يعودون إلى الوطنية ويتجردون من ثياب التنظيم، وعلى كل الأحوال فإن الدولة قدمت السبت وعلى هؤلاء إثبات حسن النوايا بتقديم الأحد.
بينما أشار د.أحمد ربيع الغزالي الخبير فى شئون الحركات الإسلامية أن الإخوان منهجهم فى العنف والإرهاب ثابت لن يتغير والتاريخ لا يكذب فقد خانوا من أعطاهم الثقة وحاولوا قطع اليد التي امتدت بالخير إليهم، وتلك سياسة متأصلة فى طبيعة الجماعة الذين يؤمنون بفكرة العنف المؤجل حيث يناورون بإظهار الضعف حتى يتمكنوا من تحقيق أهدافهم ووقتها تجد وجوها غير التى كنت تعرفها وليس عنّا ببعيد ما فعلوه بعدما جلسوا على كرسى مصر، وإذا كان الكثيرون يتمنون أن تعود الجماعة إلى صفوف الوطن ويغادروا مناطق العنف ولكن لا ينبئك مثل خبير، ولأننى خبير بفلسفتهم الشعورية والفكرية فإننى أجزم أنهم يؤمنون بأخطائهم درجة أنهم يسألون الله أن يموتوا على تلك المنهجية الخاطئة وهى كذلك بالفعل ولكنهم يرونها عين الحق، لذلك لا تبالغوا فى التفاؤل لأنهم يعرفون الحق والباطل لكن مصالحهم مع استمرار الباطل.
فيما أكد د.حسام عقل الخبير فى الحركات الإسلامية أن الدولة منذ نشأتها قائمة على فكرة المراجعات مع التيارات المتطرفة وهذا الفكر من جملة أدبيات الدولة المصرية منذ عهد الرئيس عبد الناصر مرورا بالرئيس السادات ثم الرئيس حسنى مبارك ، وتعتبر تلك القائمة التى أعلنتها محكمة جنايات القاهرة ضمن تلك المنهجية المصرية فى احتواء المخالفين واحتضان كل أبناء الوطن طالما لم تلوث أياديهم بالدماء واثبتوا عودتهم إلى صفوف الوطن، وهذه الخطوة توصف فى علم السياسة بأنها انفراجة سياسية تسهم فى تخفيف الاحتقان وتدفع إلى التعافى السياسى ودعم البناء الاقتصادى والاجتماعى.
ووصف مختار نوح الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، بأنها خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن والاستقرار.
مضيفاً أن قوائم الإرهاب من القضايا الحساسة التى تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى المصرى والاستقرار الاجتماعى.
ومراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية خطوة مهمة تؤكد على الالتزام بالشفافية والعدالة، مما يساهم فى بناء ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة، ويعزز من جهود مكافحة الإرهاب بشكل فعّال.
وتعكس هذه الخطوة رغبة الدولة فى تحديث المعلومات والبيانات المتعلقة بالأفراد والكيانات، بما يتماشى مع تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية.
وتوجيه الرئيس ورفع أسماء من تخلوا عن فكرهم ونشاطهم الإرهابى رسالة من الدولة متمثلة فى أعلى منصب فيها بأنها تفتح ذراعيها لكل من يعود من المتهمين إلى صفوف الوطن بعيدا عن الإرهاب والتطرف.
وصف نوح الخطوة بأنها تعكس التزام القيادة السياسية بقيم العدالة وإتاحة الفرصة لمن توقف نشاطهم غير المشروع للعودة إلى المجتمع كأفراد فاعلين.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تعبر عن نهج شفاف يسعى لتحقيق التوازن بين متطلبات الأمن القومى واحترام حقوق الأفراد، لكن يبقى الدور على هؤلاء الذين تم رفع أسمائهم.. هل سوف يثبتون أنهم يستحقون هذا القرار.
ثمن إسلام الكتاتنى، خبير حركات الإسلام السياسى، قرار رفع أسماء بعض المدرجين على قوائم الإرهاب، مؤكدًا أن الدولة المصرية قدمت نموذجًا يُحتذى به فى الالتزام بمقررات الحوار الوطنى والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وأطلقت مبادرة جادة فى هذا الإطار. وشدد الكتاتنى على أن من تم رفع أسمائهم من هذه القوائم عليهم أن يراجعوا أنفسهم ويعيدوا النظر فى أفكارهم التى قادتهم إلى هذا المسار، داعيًا إياهم إلى الاعتراف بخطأ منهجهم الفكرى بدلاً من الاكتفاء بتقديم الشكر للدولة على هذه الخطوة.
وأشار إلى أن الأفكار المتطرفة التى اعتنقها هؤلاء كانت تدفعهم باستمرار إلى تشويه الحقائق وتبرير الأعمال الإجرامية والإرهابية، بل وسعوا أحيانًا لترسيخ فكرة أن الهجمات الإرهابية هى «إرهاب مصطنع» وليس حقيقيًا، إلى جانب نشر خطاب المظلومية ونفى التهم الموجهة إليهم.
وأضاف: للأسف هذه الأفكار أدت إلى سقوط آلاف الضحايا، من بينهم ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شهيد من رجال الشرطة والجيش الذين ضحوا بأرواحهم فى مواجهة الإرهاب، بالإضافة إلى عدد كبير من المدنيين الذين لقوا حتفهم أوأصيبوا جراء هذه الأعمال.
وطالب الكتاتنى ممن رُفعت أسماؤهم بأن يكونوا فى مقدمة الصفوف لتصحيح الأفكار المتطرفة التى ساهموا فى نشرها، وأن يدعموا جهود الدولة فى محاربة الإرهاب.
مشيراً إلى أن قرار الدولة يُفترض أن يُحدث صدمة فكرية لدى هؤلاء، مما قد يدفع بعضهم لإعادة النظر فى قناعاتهم، لكنه تساءل: «هل سيكون ذلك تحولًا حقيقيًا أم مجرد مناورة؟».
الكرة الآن فى ملعب هؤلاء الأفراد، سواء من رُفعت أسماؤهم أو من لا تزال أسماؤهم مدرجة على القوائم، مشددًا فى الوقت ذاته على ضرورة أن تظل الدولة فى حالة يقظة تامة ومستمرة مع هؤلاء الأشخاص وعدم منحهم ثقة مطلقة.
أكد المهندس محمد هيبة رئيس لجنه حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى بمجلس الشيوخ على أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بمراجعة قوائم المدرجين على قوائم الإرهاب يؤكد على دعم الاستقرار الداخلى للبلاد واعلاء مبدأ الحقوق والحريات التى تسعى الجمهورية الجديدة الى ارساءة من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيــس عبـــد الفتــاح السيــسى فى 2021.
مؤكدا ان القرار يدعم الاستقرار فى البلاد ويعطى فرصه لأى شخص أنه أخطأ فى الفترة الماضية أن يراجع نفسه ويصوِّب طريقه مرة أخرى مشيرا إلى أن الدولة المصرية مفتوحة لهذا إذا كانت هؤلاء الأشخاص وتلك الكيانات داخل مصر أو خارج مصر.
وقال إن الباب مفتوح لعودة أبناء الدولة فى صف واحد خلف قيادة واحدة خاصة أن هذه الفترة حرجة وتتطلب تضافر كل الجهود ووقوف كل قوى الشعب سواء كانت داخل مصر أو خارجها وراء قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.