فى وسط الظلام الحالك ودوى الانفجارات والقنابل وألسنة الدخان الكثيف التى نراها كل يوم وكل ساعة منذ عدة أشهر فى غزة المنكوبة.. هل يبزغ فجر الأمل والسلام.. هل يعود النور من جديد ليملأ قلوب الفلسطينيين أملاً فى غد أفضل.. وهل يتحقق حلم الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على أرضه المغتصبة بعد حرب إبادة شاملة تقترب من نهاية شهرها الخامس؟.
التقارير الواردة من واشنطن هذه الأيام تحمل الأمل والحلم معاً.. صحف أمريكية بارزة أشهرها «واشنطن بوست» تؤكد أن الولايات المتحدة والعديد من الشركاء العرب يعدون خطة مفصلة للتوصل لاتفاق سلام شامل بين إسرائيل وفلسطين يتضمن جدولاً زمنياً ثابتاً ومحدداً لإقامة دولة فلسطين وبالفعل.. القاهرة تستضيف منذ أيام اجتماعات مكثفة لمسئولين بارزين فى المخابرات الامريكية والإسرائيلية برعاية جادة وحقيقية للمخابرات العامة المصرية.. وخرجت أنباء عن قرب التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل يقود المنطقة لوقف الحرب فى غزة وإعلان مهلة تستمر أسابيع.. ولكن لم يتصور أحد أن يعقب قرار وقف اطلاق النار خطوات جريئة وتاريخية لتحقيق تسوية شاملة ونهائية وعادلة للصراع الفلسطينى الإسرائيلى المستمر منذ أكثر من قرن تقريباً منذ إعلان وعد بلفور المشئوم حيث أعطى من لا يملك وعداً شيطانياً لمن لا يستحق!!.
ولكن السؤال يطرح نفسه.. هل أمريكا جادة فى اقامة دولة فلسطين والاعتراف بها؟ وهل ستضغط على حليفتها «إسرائيل» لقبول هذه التسوية الشاملة؟ الصحافة الأمريكية تجيب على هذه التساؤلات بكل وضوح.. وتؤكد أن واشنطن ستطرح خطتها مع الشركاء العرب وأبرزهم مصر وقطر والسعودية والإمارات والأردن وطبعاً فلسطين وتشمل هذه الخطة تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة ثم تبدأ فى حملة عالمية وإقليمية موسعة تمهيداً للإعلان عن الدولة الفلسطينية المرتقبة.. والمثير هنا والمطمئن فى الوقت ذاته أن هذه الخطوات لن تستمر سنوات مثلما اعتدنا عليه فى الماضي.. ولكنها قد تستغرق شهوراً قليلة وربما أسابيع!!.
ووسط الرفض الاسرائيلى تشمل الخطة الامريكية ــ الأوروبية العربية المشتركة إخلاء العديد من مستوطنات الضفة الغربية واقامة عاصمة فلسطينية فى القدس الشرقية وتوفير الأمن من جانب الحكومات المشتركة للضفة الغربية وغزة.. وفى المقابل يتطلع الأمريكيون والشركاء العرب لإقناع إسرائيل بقبول هذه الخطة بتقديم ضمانات أمنية والتطبيع مع دول عربية مهمة مثل السعودية.. أكثر من ذلك.. أكدت مصادر صحفية امريكية أن وزير الخارجية انتونى بلينكن قد أصدر فى وقت سابق تعليماته إلى معاونيه فى الخارجية الأمريكية بتقييم الخيارات الممكنة للاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.. أوروبا ليست على خلاف مع واشنطن فيما تسعى لطرحه من خطط بشأن اقامة الدولة الفلسطينية.. وقد أيدت أكثر من دولة فى الاتحاد الأوروبى حق الشعب الفلسطينى فى اقامة دولته المستقلة.. وقال وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرون إن بلاده ستنظر مع حلفائها فى مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية بما فى ذلك الأمم المتحدة..
أما شمشون المجنون.. نتنياهو فقد أعلن من قبل رفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية وأبلغ حلفاءه فى أمريكا وأوروبا بمعارضته الشديدة لهذا الحل كجزء من أى سيناريو لما بعد الحرب فى غزة.. ولكن الخسائر القادمة التى تكبدتها إسرائيل ومازالت ربما تجبر.. زعيم الحكومة اليمينية المتطرفة للقبول بالدواء المر والموافقة على اقامة الدولة الفلسطينية وهو الحل الوحيد للخروج من مستنقع غزة الذى ورط جيشه وجنوده فيه وخرج بخسائر فادحة فى الأرواح ربما تفوق ما تكبده الجيش الإسرائيلى فى حروبه الكبرى مع مصر والعرب.
والشعب الفلسطينى لن يقبل بأقل من اقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 67.. فبعد طوفان الأقصى وجرائم الابادة الجماعية التى يشنها العدوان الصهيونى على شعب غزة.. لن يقبل فلسطينى واحد بأقل من دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية كحل دائم وشامل وعادل للصراع العربى الإسرائيلي.