الربيع لا تتفتح زهوره إلا مع بهجة المصريين باستقباله وفرحتهم بنسمات هوائه.. وذلك ليس بجديد على طباع المصريين فأجدادهم القدماء كانت لهم طقوس خاصة فى أعياد شم النسيم والربيع بالخروج للمتنزهات حتى عندما جاء الفتح الإسلامى لمصر أقر المصريون تلك العادات وزادهم عمرو بن العاص أنه كان يشاركهم تلك الفرحة بإلقاء خطبة جامعة بمسجده الشهير فى مصر القديمة، ومع تطور الزمان أصبح المصريون يبتكرون طقوسا خاصة فى عيد الربيع بتناول الأسماك المملحة»فسيخ ورنجة» وبيض ملون وخضراوات «خَسّْ وبصل وملانة».
إقبال المصريين على تناول الفسيخ والرنجة ينعش أسواق الأسماك المملحة أو الطازجة وكذلك يحمل الخضراوات والفواكه.. حيث يتسابق المصريون بكافة طبقاتهم على محلات الفسيخ والرنجة لتجهيز كميات تناسب تجمعاتهم فى المنازل أو الحدائق والمنتزهات العامة .. ويمتاز عيد الربيع عن باقى الأعياد بأنه موازنة الدولة أعباء استيرادية لأن مكونات احتفالاته محلية بنسبة 90٪ .. ولأن الفرحة تكتمل بالصحة فإن خبراء التغذية طالبوا بعدم الإفراط فى تناول الأسماك المملحة.
«الجمهورية» تجولت داخل محلات الفسيخ والرنجة والتقت بخبراء التغذية.. فماذا قالوا؟
الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية ـ أوضح أنه لا يتم استيراد الفسيخ، حيث أنه يصنع محليًا، بينما يتم استيراد الرنجة طوال العام لارتباطها بقطاع السياحة فهى تقدم للسياح فى الفنادق، كما إنها لا ترهق فاتورة الواردات المصرية فهى ليست من السلع الاستفزازية، فقد سجلت الواردات من أسماك الرنجة عام 2024 حسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ، عام 2024 «107» ملايين و56 ألف دولار بينما كانت عام 2023 «88 « مليون دولار بنسبة زيادة 21.7٪ بمقدار 19 مليونا و87 ألف دولار ، كما إنها تقدم فى الفنادق، و يقبل على تناولها المصريون فى أعياد شم النسيم وعيد الفطر.
أضاف أن تناول الأسماك المملحة عادة قديمة مرتبطة بالاحتفال بأعياد شم النسيم والربيع، وتناسب الذوق المصرى وعاداته وتقاليده، وتعمل على انتعاش السوق المصرى لدى محلات الأسماك المملحة «الفسيخ والرنجة» وتنشط بيع بعض الخضراوات مثل البصل الأخضر، الليمون، الخس، الخيار والملانة وعدد من السلع الغذائية.
الدكتور مجدى الشيمى أستاذ التغذية وعلوم الأغذية جامعة عين شمس ـ أكد أن الاحتفال بشم النسيم مرتبط بتناول البيض الملون فى الصباح، وهذا غير موجود إلا فى مصر ، حيث يحرص الأطفال على تلوين البيض الأبيض بألوان طبيعية موجودة فى كل بيت وتجنب الألوان الصناعية التى قد يحدث منها ضرر، ويمكن الاستعانة بالكركم للون الأصفر بحيث يتم وضعه فى ماء سلق البيض، وكذلك البنجر أو الكركديه للون الأحمر وكذلك البنفسجي، وسلق البيض مع البنجر أو الفراولة يعطى اللون الأزرق أيضًا، وللحصول على اللون الأخضر يتم وضع الخضراوات الخضراء مثل البقدونس مع سلق البيض وبعد السلق يتم وضع خل للتثبيت .
وينصح الشيمى المصريين بعدم الإفراط فى تناول الفسيخ والرنجة لكثرة الأملاح بها، وبالتالى تؤثر على مستوى ضغط الدم والكلى لذا يفضل تناول كميات كبيرة من الماء، كما أن هناك أجزاء من الرنجة تفرز موادا سامة تؤثر سريعًا على صحة الإنسان، فتؤدى للتسمم لذا علينا الشراء من مصدر موثوق فيه من حيث الجودة.
أضاف أنه يجب على مرضى السكر والضغط والكلى تناول القليل من الأسماك المملحة، والإكثار من الخضراوات التى تقلل من مخاطر الأسماك المملحة على الصحة.
بينما تشير دكتورة إيناس شلتوت استشارى وأستاذ أمراض الباطنة العامة والسكر بكلية طب قصر العينى جامعة القاهرة إلى أن تناول الأسماك المملحة مثل الرنجة أقل خطورة من تناول الفسيخ إذا كان الشخص لا يعانى من أى مرض مزمن، شرط أن يتم تناوله باعتدال وعدم إسراف، لكن المشكلة الكبيرة فى الملوحة خاصة على أصحاب الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر، فيجب على مرضى الضغط عدم تناول كمية كبيرة من الأملاح لذا ننصح بعدم الإسراف فى تناول الأسماك المملحة وكذلك مرضى السكر حيث يعانى أغلبهم بنسبة قد تصل إلى 80٪ منهم من ارتفاع ضغط الدم لذلك يجب عليهم أيضًا عدم تناول كميات كبيرة من الأملاح .
تضيف بأن هناك مشكلة أخرى غير نسبة الأملاح فى الأسماك وتأثيرها السلبى على أصحاب الأمراض المزمنة هذه المشكلة تتعلق بتناول الفسيخ على وجه العموم حيث ينتج عنه كثير من الأحيان تسمم غذائى من النوع شديد الخطورة الذى يسبب مشاكل صحية وقد يؤدى إلى الوفاة إذا كان تم شراؤه من مكان غير مضمون، لذلك يجب الشراء من أماكن موثوق فيها، لأن التسمم الغذائى الناتج عن تناول الفسيخ المصنع بطريقة خاطئة يصنف ضمن أنواع التسمم الغذائى الذى يصاحبه مضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة مؤكدة أهمية استخدام الليمون أثناء وبعد تناول هذه النوعية من الأطعمة لما له من تأثير مطهر.
بسؤال أصحاب المحلات عن كيفية تصنيع الفسيخ محلياً أم نستورده؟ أكدوا أنه يتم تصنيع الفسيخ محليًا باستخدام سمك البورى الطازج المتوفر فى الأسواق المحلية، أما بالنسبة للرنجة، فيتم استيراد كميات كبيرة من أسماك الهارنج المستخدمة فى تصنيعها من دول مثل هولندا والنرويج، حيث يصل حجم الاستيراد السنوى حوالى 300 ألف طن.
أكد أصحاب المحلات أن الإقبال هذا العام لم يتأثر بارتفاع الأسعار ولا التضخم حيث أنهم يعملون منذ الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل، إضافة إلى طلبات» الديلفري»، بل إن هناك زيادة فى الإقبال هذا العام مقارنة بالعام الماضى من مختلف الفئات الاجتماعية.
وعن الأسعار هل حصل فيها تغيير عن السنة الماضية ؟.. أكد أصحاب المحلات أن أسعار الفسيخ والرنجة شهدت ارتفاعًا ملحوظًا هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وذلك بسبب زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار المواد، حيث تتراوح أسعار الفسيخ بين 400 و450 جنيهًا للكيلو، بينما تتراوح أسعار الرنجة بين 120 و180 جنيهًا للكيلو، حسب الجودة والمنطقة.