الدنيا رايحة على فين؟ هذا هو سؤال الساعة والمتكرر على مدار الساعة، وتجده على كل الألسنة تصريحًا لا تلميحا وعلى الملأ وبشكل متماثل، فقط يمكن ان تتغير صيغة السؤال لكن المضمون والمحتوى واحد، فى الريف والمسجد قد تجد صيغة السؤال «الدنيا رايحة على فين يا عم الحج ؟ «، أما بين طبقات المثقفين الذين تربوا على صالون العقاد فتصبح الصيغة « الدنيا رايحة على فين يا مولانا ؟ «، بينما نجد السؤال بين فئة الشباب « الدنيا رايحة على فين يا كبير ؟ « أما بين الضيوف الذين نستضيفهم على الشاشات ؟ « الدنيا رايحة على فين يا نجم ؟» لكن السؤال بين الزملاء « انت شايف الدنيا رايحة على فين ؟» فالدنيا هى القاسم المشترك والمتفق على وجودها، وكذلك الإقرار بأنها فى مفترق طرق، والمجهول هو الوجهة !
>>>
يقينى أن كل هؤلاء السائلين يعرفون يقينا الإجابة، لكنهم كما سيدنا إبراهيم حينما قال « وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى « فجميعهم يريدون الشعور بالاطمئنان، من هنا أبدأ الإجابة بسؤال اكرره على الجميع بنفس الصيغة « وانت شايف ايه ؟ « فتكون اجابة الجميع « خير ان شاء الله، لكن عاوزين نطمن على مصر والمنطقة والدنيا كلها « فأستطرد بسؤال آخر « ممكن تقولى بتسأل عن ايه بالضبط ؟ وعن أى دنيا تسأل ؟ دنيتك ولا دنية البلد ولا دنية المنطقة ولا دنية العالم ؟ فتكون الإجابة العبقرية مع اختلاف المترادفات « هى دنيا واحدة منقدرش نفصل واحدة عن الثانية «، كنت أظن – وبعض الظن إثم – أن السؤال موجه للأوضاع الداخلية وفى القلب منها الأزمة الاقتصادية وما يتبعها من ارتفاع الأسعار والتضخم وسعر الصرف وإعادة النظر فى مفهوم الدعم إلى آخر هذه القائمة الجماهيرية،
>>>
تخيلت كذلك ان يكون هذا السؤال مبنيا على قاعدة الشائعات التى ينشرها الإخوان عن الفوضى المنتظرة ان تصل إلى مصر بعد الأحداث الجارية فى المنطقة، تخيلت ان المواطن يسأل وهو فى حالة ضيق فاكتشفت انه يسأل وهو فى حالة قلق، والفارق هنا كبير، فالإنسان الذى يشعر بالضيق ربما كان مقهوراً أو مظلوما او مهمشا، لكن الإنسان الذى يشعر بالقلق هو بالتأكيد لديه وعى بالتحديات الجسام والمسئوليات الفادحة، وهذا القلق هو القلق الإيجابى المطلوب والواجب ، فليس هناك وطنى حقيقى لا يقلق على وطنه ومستقبله وامته وحاضرها وسط كل هذه العواصف والأنواء التى تحيط بالمنطقة من كل الاتجاهات،
>>>
الخلاصة ان الناس فى بلادى لديهم الشعور الكاسح الفادح بالمسئولية ولذلك يسألون ويبحثون عن اجابات لأسئلة تدور فى رءوسهم ويحتاجون إلى من يطمئنهم إلى حاضرهم ومستقبلهم، بيد ان الجميع يقر بثقل المسئولية الملقاه على عاتق رأس الدولة ويتساءل الناس بقولهم لماذا لا تساعدون الرئيس ؟ لماذا تتركونه يعمل وحده وتكتفون بالفرجة والتصفيق ويكتفى غيركم بالنقد غير البناء والهجوم غير المبرر ؟ الناس تسأل أين الجهاز الإدارى للدولة وأين الحكومة والبرلمان والنواب والمحافظون من كل تلك التحديات التى لا نرى غير صوت الرئيس وهو يشرح ويوضح ويحذر بلغة بسيطة واضحة يفهمها القاصى والدانى ؟
>>>
هذه الاسئلة وغيرها أتعرض لها فى الذهاب والإياب واحاول ان اشرح للناس ان الجميع يعمل بجد واخلاص وسط ظروف شديدة التعقيد، لكن الناس ترى أن دواليب العمل فى الدولة يجب أن تقتفى أثر الرئيس وتسير فى مساراته بنفس الوعى والسرعة ودون إبطاء، هذه هى قناعات الناس والناس فى بلدى يهاجمون الحكومات- السابقة والحالية واللاحقة – فمنذ متى والناس فى مصر تشكر او تشيد بالحكومات او البرلمانات !؟ لكن الناس ورغم الأزمات الاقتصادية الطاحنة يرون ان الرئيس هو بطل الحكاية فى نفس الوقت الذى يرى فيه الرئيس ان الشعب والمواطن هو بطل الحكاية، على كل ٍ فنحن فى سنة انتخابية وسياسية بامتياز، حيث انتخابات المجالس النيابية بغرفتيها،
>>>
وهذا بمثابة استدعاء جديد للشعب ليعبر عن رأيه ويختار من يمثله دون وصاية من أحد.