تستعد أجهزة الدولة المختلفة لتطبيق آلية الدعم الذى سيتوافق حوله ممثلو الأحزاب والقوى السياسية وأغلب الجهات المعنية بجلسات الحوار الوطني، المزمع انعقادها فى الأيام المقبلة، وهناك ثمة توافق واضح حول التحول من الدعم العينى للدعم النقدي، بهدف تحقيق استفادة حقيقية للمواطن طبقا لاحتياجاته وأولوياته. هناك مطالب مستمرة منذ سنوات لتحويل الدعم العينى إلى نقدى بعد إلغائه من جميع الدول، نظرا لوجــود هادر كبير فى السـلع المخفضــة، فنحـــو 50 ٪ من الدعم العينى غير موجه للمستحقين- وفق الخبراء، لذلك يعد الدعم النقدى الخيار الأنسب فى الدول الناشئة والتى تميل إلى الاستهلاك أكثر من الادخار، فكم من مصنع يحصل على مستلزمات إنتاج مدعومة وهو لا يهدف سوى تحقيق الأرباح.. وكم من مركبة تحصل على وقود مدعوم رغم أن سعرها بضعة ملايين من الجنيهات؟! لن تتحقق الاستفادة المرجوة إلا بربط الدعم النقدى بمعدل التضخم السنوى لضمان وصول الدعم لمستحقيه مما يساهم فى تطوير منظومة الدعم وضمان الإصلاح المالى وشمولية الموازنة.
الحديث- لا ينتهي- عن ترشيد الدعم، نظرا لما يمثله إهداره من عبء مستمر على الدولة وكافة الجهات، ولكن الأولى هو تحويل الدعم من نظام شامل قد لا يصل بشكل فعّال إلى الفئات المستحقة، عبر برامج تستهدف بشكل دقيق الفئات الأكثر احتياجاً، مما يقلل من الهدر ويزيد من كفاءة الإنفاق الحكومي.. فتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، من خلال تطوير برامج اجتماعية تعزز من قدرة الأسر ذات الدخل المحدود على تحسين مستوى معيشتهم، يشمل تقديم الدعم النقدى المباشر للأسر المحتاجة، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وغيرها، ولعل ذلك هو الطريق الأصوب، والذى يجرى استهدافه من العديد من الخبراء وممثلى القوى السياسية المختلفة بالحوار الوطني.. بالإمكان توجيه جزء من الدعم نحو تدريب القوى العاملة وتوفير فرص عمل، مما يعزز التنمية الاقتصادية المستدامة ويقلل الاعتماد على المساعدات الحكومية على المدى الطويل، مع استخدام الحلول الرقمية لتوزيع الدعم لنضمن الشفافية والكفاءة فى الوصول إلى المستحقين، وتقليل التلاعب أو إساءة الاستخدام، وتعزيز دور المنظمات غير الحكومية فى تحديد الفئات المستحقة ومراقبة توزيع الدعم ليساهم فى زيادة الشفافية وتحقيق العدالة الاجتماعية.. وعلى الحكومة أن تقوم بتطوير برنامج دعم نقدى جديد، وليس تغييراً لاسم منظومة قديمة قائمة منذ عدة عقود، عليها توفير ما يمثل الحد الأدنى للمعيشة بالنسبة لأبناء الطبقة الفقيرة المستحقة للدعم، وهو تحد جديد نأمل أن نستطيع تحقيقه خلال الفترة القادمة.