خبراء: التحول للنقدى خطوة على طريق العدالة
من المنتظر خلال الأسابيع القادمة أن يبدأ الحوار الوطنى مناقشة قضية الدعم ليحسم فى توصياته الطريق الأفضل »عينى أم نقدى«.
مجلس الحوار ناشد الحكومة عدم اتخاذ قرار بشأن الدعم لحين الانتهاء من مناقشته وتقديم توصياته، والأغلب أن الحكومة سوف تنتظر توصيات الحوار.
لكن رغم هذا يبقى الملف مطلوب مناقشته بشكل موسع مع كل الخبراء والمتخصصين لأنه يهم كل بيت مصرى.
الخبراء أكدوا أن عملية تحويل الدعم من عينى إلى نقدى تمثل خطوة مهمة نحو تحسين المنظومة وضمان تحقيق العدالة الاجتماعية، مؤكدين أن هذا التحول يقضى على المشاكل المرتبطة بالدعم العيني، مثل تسربه إلى غير مستحقيه وارتفاع تكلفته.
وشددوا على ضرورة تشديد الرقابة من وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك، بالإضافة إلى زيادة وعى المستهلك بحقوقه، وتفعيل آليات التبليغ عن التجار الذين يستغلون الأوضاع لرفع الأسعار، مع ضمان توفر السلع الأساسية فى الأسواق بأسعار ثابتة، بدلاً من الاعتماد على آليات السوق الحرة التى تساهم فى زيادة الأسعار بشكل غير مبرر.
عبد المنعم خليل، رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين الأسبق، يقول إن تحويل الدعم إلى نقدى يمثل خطوة هامة لضمان وصوله إلى مستحقيه بشكل كامل وتعزيز كفاءة منظومة الدعم.
وأوضح خليل أن هذا التوجه يقلل من الفاقد فى حلقات التداول والإمداد، مثل المطاحن والصوامع، ما يضمن توجيه الدعم لتحقيق احتياجات المواطنين الحقيقية.
وأشار إلى أن الدعم النقدى يتيح للأفراد حرية اختيار السلع التى تلبى متطلباتهم بدقة، عوضاً عن إلزامهم بمنتجات معينة، مما يرفع من جودة المنتجات ويشجع المنافسة بين التجار.
كما لفت إلى أن هذه الآلية ستسهم فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى من خلال إلزام المحال غير المرخصة بالحصول على سجل تجارى وبطاقة ضريبية، ما قد يضيف نحو 400 مليار جنيه سنوياً إلى الخزانة العامة.
ونوه خليل بأن هذا التحول سيمكن من تحسين خدمات المخابز وزيادة عددها لتلبية احتياجات المواطنين، مع ضمان التزامها بمعايير الوزن والجودة.
ولفت إلى أن البقالين التموينيين سيصبحون قادرين على تقديم منتجات ذات جودة أعلى ومواصفات أفضل، مما يعزز من التنافسية ويحسن مستوى التجارة الداخلية.
وأشار خليل إلى ضرورة تطوير المجمعات الاستهلاكية لتتناسب مع احتياجات السوق الحديثة، مقترحًا تحويل بعضها إلى سوبر ماركت خاص لتحقيق أرباح أكبر واستغلال مواقعها الاستراتيجية بشكل أفضل، موضحاً أن هذه التغييرات ستعمل على تحسين أداء منظومة التموين وتساهم فى دعم الاقتصاد الوطنى بشكل عام .
فيما يرى متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية والتموين بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن هذه الخطوة يمكن أن تحقق العدالة الاقتصادية، ولكنها قد تواجه بعض التحديات المتعلقة بالفساد على مستويات عدة، مثل تداول الدعم أو وصوله إلى مستحقيه .
وأوضح بشاى أن هذا النوع من الدعم يتيح للمواطن حرية شراء السلع التى يحتاجها وفقًا للضوابط التى تضعها الحكومة ممثلة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية، ما يسهم فى تحسين وضع السوق ..
وأكد بشاى أن التحول إلى الدعم النقدى سيعمل على تخفيف الأعباء عن ميزانية الدولة ويساعد فى تعزيز التجارة الداخلية، شريطة تطبيق ضوابط محددة، مشدداً على ضرورة تشديد الرقابة على الأسواق لضمان وصول الدعم إلى الفئات المستحقة.
وفيما يتعلق بضمان كفاية الدعم النقدى لتلبية احتياجات المواطنين فى ظل التضخم وارتفاع الأسعار، اقترح بشاى ربط قيمة الدعم النقدى بأسعار السلع الأساسية، مثل السكر والأرز والزيت.
وأكد أنه فى حال زيادة الأسعار أو معدلات التضخم، يجب تعديل قيمة الدعم النقدى لتوازى ما كان يحصل عليه المواطن من الدعم العيني.وفيما يتعلق بإجراءات منع استغلال هذه التجربة لرفع الأسعار، أشار بشاى إلى ضرورة رقابة كبيرة من وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك، بالإضافة إلى زيادة وعى المستهلك بحقوقه، وتفعيل آليات التبليغ عن التجار الذين يستغلون الأوضاع لرفع الأسعار، مطالباً بضرورة اتخاذ الاجراءات القانونية ضد أى تاجر يتجاوز السعر الرسمى أو المتوسط للسلع الأساسية.
بينما يشير هشام الدجوي، رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة الجيزة التجارية، إلى أن طرح الحلول التى تعتمد على القطاع الخاص بمفرده لتوفير السلع الأساسية يعرض المواطنين لارتفاع الأسعار والتضخم، ما ينعكس سلبًا على قوتهم الشرائية.
ولفت إلى أن الحكومة مطالبة بتوفير دعم نقدى مباشر للمواطنين مع ضمان توفر السلع الأساسية فى الأسواق بأسعار ثابتة، بدلاً من الاعتماد على آليات السوق الحرة التى تساهم فى زيادة الأسعار بشكل غير مبرر.
وشدد الدجوى على ضرورة أن تواصل الحكومة دورها فى تنظيم الأسواق لضمان استقرار الأسعار وضمان توافر السلع للمواطنين دون أن يتحملوا أعباء إضافية.
الدكتور السيد خضر، مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، يقول إن تحول نظام الدعم من عينى إلى نقدى ليس مجرد تعديل تقنى فى السياسات الاقتصادية، بل يمثل خطوة جوهرية نحو بناء نظام يلبى متطلبات المرحلة الحالية، فى ظل الأزمات العالمية التى أثرت على استقرار الأسواق وسلاسل الإمداد ..
وأشار خضر إلى أن التجارب السابقة أظهرت محدودية الدعم العينى فى تحقيق التوازن بين الفئات الاجتماعية المختلفة.
وأوضح أن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين كفاءة توزيع الموارد، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين، كما تتيح مرونة أكبر للمستفيدين، حيث تمنحهم القدرة على اختيار السلع والخدمات التى تلبى احتياجاتهم الأساسية، فضلا عن تعزيز النشاط الاقتصادى من خلال زيادة القوة الشرائية وتحفيز الطلب المحلي.
ولفت إلى أن التحويلات النقدية الإلكترونية توفر مستويات عالية من الشفافية والرقابة، وتساعد على تقليل الهدر والفساد.
ويرى خضر أن التحول للدعم النقدي، يواجه تحديات لا يمكن إغفالها رغم مزاياه، أبرزها تحديد المستحقين بدقة، وهو ما يتطلب إنشاء نظام بيانات متطور ومحدث باستمرار لضمان وصول الدعم للفئات الأكثر احتياجًا، إضافة إلى مخاطر التضخم الناتج عن زيادة الطلب والاستخدام غير الرشيد.