مازال التغيير الحادث فى سوريا عقب تخلى بشار الأسد عن سدة الحكم للفصائل السورية يؤتى بدروس مستفادة يوماً بعد الآخر وأهم هذه الدروس هى ضرورة الحفاظ على الاوطان من الضياع لان إسرائيل مازالت حتى اليوم تدمر العداد الحربى للدولة السورية رغم عدم اطلاق رصاصة واحدة وتستأصل مزيداً من الأراضى بعد احتلال الجولان فى جولة سابقة واستصدار تشريع دائم بضمها لأرض الاحتلال وتهجير السكان بالقوة من أراضى الشريط الحدودى المحتل أخيراً بما فيها قمم جبل الشيخ الإستراتيجى واصبحت على قوات إسرائيل على بعد 30 كيلو من دمشق العاصمة.
ولم تصدر دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية الذين يتشدقون دائماً بالديمقراطية والحرية بياناً واحداً يدين ما حدث من اعتداء إسرائيلى يتنافى مع المعاهدات والاتفاقات الموقعة بين سوريا وإسرائيل وهو مؤشر يدل عن مدى عدم احترام دولة الاحتلال للاتفاقات الدولية والوفاء بالعهود واحترام حقوق الإنسان واستمرار إسرائيل فى سياسة ضم مزيد من الأراضى لدولة إسرائيل الكبرى وتغيير خريطة الشرق الأوسط كما اعلن قادتها.
أقول ان التغيير الذى تصنعه الشعوب يجب ان يحافظ فى الاساس على الاوطان وعدم التفريط فى شبر واحد من الأرض مهما كانت الاسباب وان سوريا لكى تعيد بناء جيش وطنى من جديد تحتاج إلى أكثر من 50 عاماً حتى تستطيع ان تقف على قدميها من جديد لتصد أى اعتداء وتشترى معدات عسكرية جديدة من دم الشعب السورى أو ستظل دولة منزوعة السلاح يطمع فيها كل دولة ذات أطماع فى أراضى جارتها لامتصاص ثرواتها وضم أراضيها.
ان التغيير المنشود فى دولة ما لا يتحقق بتغيير مقعد الرئاسة أو علم الدولة ولكن ببناء جيش وطنى قوى يصد المعتدى واقتصاد قادر على تحقيق النماء والتنمية بمشاركة كل اطياف المجتمع دون استثناء وليس باطلاق الشعارات من فوق منابر الجوامع مع ضرورة تحقيق الانتماء الوطنى لكل أفراد الشعب بصرف النظر عن مذاهبهم المختلفة.
وهنا أقول ان جميع الدول العربية فى منطقة الشرق الأوسط مستهدفة وان مصر بوجهه خاص أكثر استهدافاً ويجب ان ننتبه إلى الخطر الأكبر الذى يحيط من كل الجوانب وخاصة من جهة الشرق مما يستدعى الامر ان يكون شعبها فى حالة لحمة دائمة واتحاد وترابط إلى يوم الدين لا تؤثر فيه الفتن ومؤامرات الاعداء فى الخارج والداخل الذين ينفذون اجندات خارجية فى انتظار حدوث ما لا يحمد عقباه لاضعاف الدولة للانقضاض عليها.
ان بناء وطن أمر صعب ولكن هدم وطن أمر سهل وما أكثر الغوغاء الذين لا يشعرون بأهمية الاوطان والانتماء للوطن ولذلك يجب الحفاظ عليه وحمايته ومنعه من السقوط فى ايدى الاعداء حفاظاً على الأرض والعرض والشرف.
ان خطة الاعداء تقضى فى اغلب الاحوال بمحاصرة الدولة من كل الجهات واضعاف اقتصادها وعملتها وعدادها العسكرى وضرب نسيجها الوطنى وافتعال ازمات والنيل من القيادات حتى تصبح الدولة عرضة للانهيار ومهيئة لاستقبال تغييرات جديدة هشة غير قادرة على المواجهة، كما حدث مع الحالة السورية أخيراً ومن قبلها ليبيا والسودان ولبنان واليمن وتونس ونأمل الا يتكرر هذا السيناريو مع دولة أخرى وان تقف الشعوب فى وجه هذه المخططات وعدم الوقوع فى هذه الفخاخ القاتلة.