من المعلوم أن هناك أسلحة للدراما شاملة سواء تمثلت فى فيلم أم مسلسل أم برنامج أو إعلان؛ وكيف كانت الدراما بالأمس مصدراً من مصادر التشريع؛ وكم من قانون تم تعديله من فيلم كفيلم أريد حلاً وكيف أيضاً تم تعديل القانون لصالح المتهم كفيلم جعلونى مجرماً؛ وكيف ألقت الدراما الضوء على مشاكل مجتمعية وظواهر إجرامية مستحدثة حتى نبحث عن حل لها؛ ومؤخراً تم تسليط الضوء على المشاكل الأسرية حتى يعيش المشاهد الأحداث الحقيقة ويتذوقون مرارة ما تذوقه الضحية خاصة قبل تعديل قانون الأحوال الشخصية كمسلسل فاتن أمل حربى ومسلسل تحت الوصاية والمسلسل المعروض حالياً برغم القانون ليتطرقوا لمشاكل أسرية قد تؤدى إلى كارثة وأيضاً توعية للمقبلين على الزواج؛ فمسلسل برغم القانون تطرق لقضية مهمة بخلاف القضية الأساسية وهى الطفولة التى توثر على الشخص وتجعله مريضاً نفسياً.
لم اتطرق فى هذا المقال عن القضية الأصلية للمسلسل بل سأتطرق للقضية الفرعية التى تسببت فى القضية الأصلية! فالبعض يتزوج وهو غير مؤهل للزواج والبعض ينجب وهو غير مؤهل للإنجاب وشتان بين الزواج والإنجاب! فقد يكون الشخص مؤهلاً للزواج ولكن غير مؤهل للإنجاب وقد يكون غير مؤهل لكليهما! وينتج عن عدم التأهيل مشاكل لا حصر لها ولا تنتهى إلا بانفصال أو بكارثة! فيجب على كل اثنين مقبلين على الزواج ان يتمعنا جيداً فى الاختيار وفى مرحلة التعارف والخطوبة يدرسان جيداً شخصية وطفولة شريكهما لأن من خلال الماضى ستعى كيف يكون الحاضر والمستقبل ولا تتجاهل ذلك؛ فمن أفتقدت الحب والحنان منذ صغرها ولم تجده فى ابيها اما تكون امرأة ذات مشاعر جافة اما امرأة تبحث عن حب مضاعف من شريكها وإذا لم تجده فتصبح امرأة قاسية وحياتها أشبه بالجحيم! والراجل المفتقد الحب فى طفولته وشعر بالتمييز بينه وبين اخوته وتربى تربية قاسية من جانب الأب أو بلا تربية من أمه بحيث تركت له الحرية بلا حجام فسينتج عن ذلك رجلاً أنانياً سليط القلب واللسان شخصاً مريضاً نفسياً لا يرى الا نفسه وبالتالى تتحول الحياة معه إلى جحيم! ناهيك عن عدم تأهيل الشريكين للإنجاب فسينتج عن ذلك عدم معرفة كيفية التعامل مع الأطفال! فهناك من يظن ان الإنجاز فى الإنجاب فهذا ليس بصحيح الإنجاز فى التربية السوية للطفل!
فالأمر كارثى تطرق له المسلسل وهذا جزء بسيط من الواقع يجب ان ينتبه المجتمع إلى ذلك بداية من الأسرة بعدم دفع الأبناء إلى الزواج رغما عنهم بل تزوج شريك حياة تجد فيه الحب الصادق البعيد عن المصالح تجد فيه الأمان والمودة والرحمة والاحتواء ولا تنجب إلا وأنت قادر على احتواء الأطفال واشباعهم بالحب فالعبرة ليس بالزواج المبكر بل بالزواج الناجح والاستمرار فيه والعبرة ليس بالإنجاب من أجل طفل يحمل اسمك! أو من أجل العزوة! بل من أجل أطفال اسوياء قادرين على بناء مجتمع سوي.
فبمناسبة اليوم العالمى للصحة النفسية يجب على المجتمع بكل طوائفه ان يهتموا بالصحة النفسية للطفل لأن بناء مجتمع قوى يبدأ من بناء طفل قوى وسوى نفسياً وتلعب الأسرة دوراً قوياً فى ذلك متمثلة أولاً فى الأب والأم فإذا كانوا هم من الأساس بحاجة لعلاج نفسى كان لابد من إدراكه قبل الشروع فى الزواج والإنجاب فيجب معالجته حتى لا يصبح لدينا جيل غير سوى نفسياً فما بنى على باطل فهو باطل؛ فيجب على كل أب وأم أن ينتبها إلى الصحة النفسية لأولادهما ولا ينجبا من أجل الإنجاب فقط ويركزا فى عملهما وحياتهما الشخصية وأنانيتهما ليجدا فى نهاية الأمر أطفالاً معقدين ومرضى نفسيين.