لن تختفى حالات الاختلاف والتناحر بين الحكام حول الحالات والألعاب المختلفة، طالما استمر التقدير حاكما وحاسما لتلك الحالات، فالتقدير يعود فى النهاية لنفس بشرية لها خلفيتها وثقافتها وحصادها الخاص من القوانين والقواعد المنظمة للعبة والحاكمة لها.. وأبرز دليل على ذلك ما جرى فى المرحلة الأخيرة للدورى الممتاز، والجدل الدائر حول حالات بعينها أثارتها الاستوديوهات والمنابر الإعلامية، وتناقلتها منصات السوشيال ميديا المختلفة على مدار الساعات الماضية.
تحدثت مع مجموعة من المحللين حول هذه الظاهرة، ودفعنى إلى ذلك اقتناعى التام بأن المشاهد يبقى على حق فى خلافه ورد فعله، طالما أن الحكم والخبير التحكيمى ومن نفترض فيه العلم البارز والطاغى فى فنون اللعبة وأحكامها وقواعدها قد اختلفا حول لعبة واحدة.. وإذا كان أهل العلم اختلفوا فيما بينهم فما بالنا بالمشجع البسيط الذى يدعم فريقه ولاعبه ظالما أو مظلوما، بثقافة وفكر مشجع الدرجة الثالثة.
غياب التقدير فى الحكم على الحالات، سيبقى التحدى الأكبر لتقليل الخلاف بين الجميع، وحسم الحالات والمواقف بدرجة تقنية عالية وبعيدا عن الوصف والتفسير المختلف وغير الخاضع للتقنيات الحديثة والمتطورة، وحتى الوصول لهذه الدرجة علينا تقبل الخطأ الوارد من الحكم وحكم الفيديو والمحلل فى الاستوديو ومن يراقبه من خارج الاستوديو والحكم السابق ومشجع الشارع البسيط.. فهى الأمور التقليدية المتعارف عليها فى عالم كرة القدم بل وفى الألعاب المختلفة.
أما النقطة غير القابلة للنقاش أو الخوض فى تفاصيلها، فهى تبادل الاتهامات بالتعمد والسعى وراء تغليب كفة فريق على حساب الآخر، أو تعطيل مسيرة فريق بأى شكل من الأشكال لصالح آخر، أو تلك الآفة التى أصابت البعض وهى توجيه اتهامات لا أساس لها فى حق الحكام ولجنتهم، وهى نوعيه الأحاديث التى لا تليق ولا يقبلها أى منتسب للرياضة عامة وكرة القدم على وجه الخصوص فى سنة 2024.
دعونا نتعامل مع الرياضة وكرة القدم بالشكل والطبيعة التى يفرضها الواضع، وهى أنها مازالت تخضع فى معظم جوانبها لأحكام شخصية بشرية، ابتداء من قرار الجالس على مائدة الإدارة وصولا إلى من ينفذ القرار وفقا لاستراتيجية يحددها بنفسه، وصولا إلى الحالة أو الواقعة أو الملف محل النقاش والتعديل والتدخل، وحتى من ينطبق عليه الوضع أو القرار ويتأثر به.. أى أن الخلاف مازال أمرا صحيا وواقعيا، أما غير الواقعى أو المقبول فهو عدم التعلم منه والبناء عليه نحو الأفضل والأقل خلافا وتناحرا.