فى أول لقاء لى مع المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية مع زملائى الصحفيين فى مؤتمر صحفى مطول، لفت انتباهى حرص الوزير الشديد على توضيح كافة التحديات التى تواجه الاستثمار بكل شفافية، ورغم قسوة هذه التحديات، أسعدنى كثيرًا إدراك الوزير الكامل بهموم القطاع وفهمه الكافى له وقدرته على وضع الحلول المناسبة نتيجة لانغماسه ومعايشته الكبيرة لقضايا الاستثمار على مدار السنوات الماضية، لكن ما يؤلمنى فى نفس الوقت أن القرار ليس فى يده وحده، الأمر الذى يحتاج مزيدًا من التنسيق الكامل بين جميع أعضاء الحكومة، هذا مايجب أن نفعله، إذا كنا نريد التوافق مع طموحاتنا لتحويل مصر إلى مركز صناعى إقليمى يخاطب جميع أسواق المنطقة.
الوزير حسن الخطيب مُلم بشكل جيد جدًا بالمشاكل والأعباء التى تواجه الاستثمار، والأمر يحتاج إلى قرارات سيادية مساندة قبل فوات الاوان خاصة فيما يتعلق برد أعباء التصدير ودعم المعارض وتطوير السياسات المالية خاصة الضرائب.
تطرق المهندس حسن الخطيب خلال اللقاء إلى الأنظمة الأساسية التى يبحث عنها المستثمر قبل الدخول للأسواق المختلفة فى دول العالم وإتخاذ قرار الاستثمار فيها خاصة عندما تكون هذه الأنظمة تتعلق بمعيار التنافسية مثل الضرائب والإفراج الجمركى بعد الاستقرار السياسى والأمنى كمنصة رئيسية للانطلاق، هذا مايجب أن نركز عليه جيدًا فى ظل الطموحات الكبيرة لتحويل مصر إلى مراكز صناعية فى العديد من الأنشطة مثل السيارات والغزل والنسيج والأثاث وغيرها من الأنشطة التى تستهدف التصدير وتحقيق حلم الـ145 مليار دولار صادارات، من هنا لابد أن نبحث لأنفسنا عن عناوين واضحة تبرز مزايا وحوافز الاستثمار فى مصر خاصة المزايا التى تسهم فى زيادة القدرة التنافسية للصناعة الوطنية.
بعيدًا عن مقومات نجاح الاستثمار فى مصر من كونها سوقاً واعدة تملك العمالة الماهرة وغيرها من المقومات الأساسية، هناك لوجستيات أخرى يجب أن نهتم بها قبل فوات الأوان مثل زمن الإفراج الجمركى الذى وصل الى دقيقتين فى بعض الدول مما يسهم فى تخفيف أعباء مالية باهظة عن كاهل المنتج النهائى وهذا فى حد ذاته يساوى ميزة أساسية تستطيع جذب المزيد من رءوس الأموال الأجنبية المباشرة، حيث تكدس البضائع فى الموانيء البحرية ينتج عنه غرامات مالية تنال من تنافسية المنتج فى الداخل والخارج.
نعم مصر قطعت شوطًا كبيرًا فى تقليل زمن الإفراج من خلال تطوير عدد كبير من الموانئ وإنشاء المونئ الجافة، لكن مازلنا نحتاج مزيداً من الاجراءات لأن هناك سباقاً سريعاً جدًا بين دول العالم فى إدارة الموانيء باستخدام الذكاء الاصطناعى وغيرها من الآليات الحديثة التى تضمن انسياب حركة الخامات والمنتجات عبر الموانيء وعبورها دون توقف إلى المصانع ومراكز التداول.
حقًا إن المرحلة القادمة تحتاج إلى اتخاذ قرارات خارج الصندوق لمواجهة هموم ومشاكل الاستثمار.