يشكل ارتباط الاعلام «بالمعرفة والرأى العام» حالة من الضرورة التى تتطلب الارتقاء بالخطاب الاعلامى الى مستوى التحديات فى كل المراحل بما يسمح بحضور مستوى عالٍ من الحرية والموثوقية. ولعل المهمات الملقاة على عاتق الهيئات الإعلامية فى عصر يسمى ‹›عصر العولمة ‹›بامتياز، يؤشر الى حجم التحديات بوضع خطط تنمية هذا القطاع ضمن قواعد واضحة من الاستقلالية والمسؤولية تضمن مخرجات إعلامية متكاملة وفعالة. وفى ضوء صدور القرارات الجمهورية بشأن تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فإنه تجدر الإشارة إلى أن المتغيرات والتحديات الراهنة تستدعى ضرورة الاهتمام بتنظيم وتطوير قطاع الإعلام المرئى والمسموع والمقروء المتسارع النمو، وكذلك إلى مساعدته فى وضع معايير ومواثيق العمل له بالإضافة إلى وضع أسس الارتقاء بالمضمون والالتزام بالجودة العالية، مع الاهتمام بالمتطلبات المتصلة بالإعلام الإلكترونى والفضائى وفرص الاستثمار المتاحة ومتابعة المستجدات فى هذه المجالات، فى ظل التطور السريع والمتلاحق فى تكنولوجيا المعلومات.. لا شك أن تأثير الخطاب الإعلامى الرسمى على الثقافة والوعى الجماهيرى سواء كان ذلك الخطاب يتمثل فى شكل خبر صحفى أو إعلامى صادر عن مؤسسة إعلامية حكومية، أو من خلال تلك اللقاءات والتصريحات الاعلامية التى يطالعنا بها مسئولو الدولة بين الحين والآخر عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي. بما يؤثر فى تشكيل الرأى العام والثقافة السياسية وحضارة المجتمع، وتأثير ذلك على الرأى العام نفسه نتيجة ارتفاع سقف وعى وثقافة الجمهور وانعكاسات كل ذلك علي
صناعة السياسات العامة للدولة وتحقيق الأمن والاستقرار المجتمعي. إن وعى المجتمع ورؤيته إلى العالم وما يدور حوله من تحولات قد تغيرت كثيرا نتيجة العديد من الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية والثقافية العابرة للحدود الوطنية، لذا بات من الضرورى ان يحدث تغيير مشابه وبشكل متواز فى ثقافة ووعى المواطن والمؤسسات وبطريقة تستوعب وتواكب فيها ذلك التطور الهائل والتغيير العميق والتحديات والأزمات الراهنة. فتطور وعى الجماهير وثقافتهم ونظرتهم إلى المحيط الخارجى الجديد، وارتفاع نسبة المتعلمين بينهم وتوسع ثقافتهم الالكترونية واطلاعهم على ما يحدث خارج بيئتهم ومحيطهم الداخلى نتيجة انتشار تكنولوجيا الاتصالات والتى يقع على رأسها اليوم وسائل التواصل الاجتماعي، والارتقاء بقدرتهم على المشاركة والتأثير على تلك الأحداث فى الداخل والخارج، وتأثرهم بها كذلك سلبا أو إيجابا، يفرض بالضرورة الحتمية ضرورة تطور أداء المؤسسات المهنية بالإعلام وفق إستراتيجية واضحة المعالم خصوصا تلك المرتبطة منها بالجماهير بشكل مباشر، او التى تؤثر فيها بصورة إيجابية. والحقيقة أن فى العصر الحاضر تنوعت أدوات الاتصال وتطورت بشكل هائل، فصار التلفزيون والإزاعة والصحافة والإنترنت وغيرهما من أدوات الاتصال كلها تستخدم لدى أصحاب الرسالة فى إيصال رسائلهم المتنوعة والمبتكرة للتأثير على المتلقى وصناعة الرأى العام.. ولا تخفى اليوم أهمية الإعلام والإعلان فى صناعة الرأى العام وتوجيهه تجاه القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والسلوكية والاجتماعية حتى أن هذه الوسائل الإعلامية مع انتشارها الكبير ودخولها إلى كل منزل نتيجة سهولة الحصول عليها أصبحت من ضرورات الحياة وأداة التواصل مع العالم الخارجى إلى للحد الذى أفقدت فيه الأسرة والمدرسة الكثير من قدراتهما فى التأثير لصالح احتلال الإعلام والإعلان حيزاً أكبر فى القدرة على التأثير فى الرأى العام وصناعة السلوكيات فى المجتمع.
ولا يخفى ما للإعلام من دور وتأثير فى هذا المجال فضلاً عن دور الإعلام فى صناعة التوجهات أو إقناع الرأى العام بفكرةٍ معينةٍ أو بسلعةٍ أو بإشاعةِ سلوكٍ ما.
وختاماً فإن قيام المؤسسات الإعلامية بدورها فى إطار مؤسسى وفق إستراتيجية واضحة المعالم سوف يحقق مردوداً إيجابياً واسع المدى فى معالجة كافة القضايا المجتمعية، ويساهم بشكل مؤثر فى مواجهة التحديات والأزمات الراهنة مع تأثيره فى تعظيم قيم الولاء والإنتماء وترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية خاصة فى ضوء ماتموج به المنطقه من تداعيات وازمات وحروب وصراعات اقليمية ودولية..
حفظ الله مصر
حما شعبها العظيم وقائدها الحكيم