على الرغم من الضغوط والمعاناة التى تعرض لها الاقتصاد المصرى فى يناير 2011، ومعها تراجعت كل مؤشراته وتعرضه لحملات ممنهجة شنها أعداء الوطن داخليا وخارجيا، إلا ان دولة 30 يونيو نفذت بنجاح برنامجها الإصلاحى وحققت أهدافه الرئيسية وتحسنت كل المؤشرات بشكل ملحوظ فى ضوء الإرادة السياسية والالتزام القوى من الدولة المصرية بعد عشر سنوات من النجاح بداية من يونيو 2014 حتى يونيو 2024 ومع تشكيل حكومة د.مصطفى مدبولى الجديدة تظهر العديد من التطلعات والمطالب لدى المصريين والتى تتفق مع طموحات الحكومة الجديدة أبرزها استمرار التنمية وتحسين الوضع الاقتصادى وتخفيف الأعباء عن المواطنين..
وبالتزامن مع تشكيل الحكومة الجديدة .. «الجمهورية الأسبوعي» ترصد رؤى خبراء الاقتصاد حول نجاح التجربة الاقتصادية فى الظروف الصعبة، حيث أشاد «الخبراء» بما تحقق من إنجازات خلال السنوات العشر الماضية أثمرت نتائج إيجابية منها تحقيق طفرة غير مسبوقة فى المجالات المختلفة .. وأشاروا فى حوارات منفصلة الى ان القطاع المصرفى المصرى ساهم فى مساندة الاقتصاد المصرى فى العديد من الأمور ولعل ابرزها ملف الاحتياطيات الدولية التى عززت من قدرة الاقتصاد المصرى فى الصمود أمام الازمات الاقتصادية العالمية المتكررة… وهذه تفاصيل رؤى وتحليلات الخبراء..
قال د. محمد البهواشي، خبير الاقتصاد والطاقة الباحث فى جامعة قناة السويس، ان عشر سنوات مضت من التحدى لإعادة صياغة خريطة الطاقة المحلية، وبفضل من الله تحقق الإنجاز على أرض الواقع بخطوات ثابتة استطاعت ان تغير الواقع المحلى لملف الطاقة لتصبح مصر بحق مركزاً إقليمياً لتداول الطاقة عالميا، فلقد كان للجهود التى تضافرت جميعا للوصول الى هدف واحد وهو الارتقاء بملف الطاقة على الشمول ليطال الطاقة الكهربائية وملف النفط ومشتقاته وملف الغاز الطبيعي، بل وتخطت الرؤية الاستباقية كل ذلك حتى وضعت مراحل التصنيع المرتبط بملف الطاقة فى دائرة الاهتمام فتم البناء على ما تمتلكه الدولة المصرية من إمكانات متنوعة فى ملف الطاقة تم تحديثها وتطويرها بل واستقدام التكنولوجيا الأحدث على مستوى العالم لتدعم القطاعات الإنتاجية فى ملف الطاقة فى مصر، ليكون التصنيع وما بعد التصنيع للصناعات المرتبطة بمنتجات القطاع النفطى هى التعريف الحقيقى لجملة « القيمة الاقتصادية المضافة».
وأَضاف بأنه على جوانب متعددة عكفت الدولة المصرية على تحقيق الفارق من خلال تنفيذ الرؤية الاستباقية للقيادة السياسية والتى وضعت نصب عينيها ملف الطاقة والسعى نحو تنوع مصادر الطاقة المصرية للتغلب على نقص مصادر الطاقة من جهة والاتجاه نحو اقتصاد اخضر قليل الانبعاثات الكربونية ويستهدف الاستدامة لمواكبة التطورات العالمية الهادفة الى مجابهة التغيرات المناخية من جهة أخري، وذلك باستهداف الدولة المصرية الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة بقدرة توليد الكهرباء لنحو 42٪ بحلول 2035، ونجحت مصر بالفعل فى رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة فى قدرة توليد الكهرباء لنحو 20٪ فى 2022، حيث تمتلك مصر أكبر مصادر للطاقة المتجددة من الرياح والشمس بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث بلغت معدلات الإنتاج 3.5 جيجا وات، منها 1635 ميجاوات من طاقة الرياح حيث تمتلك الدولة المصرية مزارع كبيرة للرياح تنتج منها محطة جبل الزيت والتى تعد أكبر مزارع الرياح بالمنطقة 580 ميجاوات، ومزرعة الزعفرانة 545 ميجاوات، ومزرعة رأس غارب 260 ميجاوات، ومزرعة غرب بكر 250 ميجاوات، كما بلغ انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية 1756 ميجاوات، ومن أبرزها مشروعات الطاقة الشمسية مشروع بنبان بأسوان والذى ينتج 1465 ميجاوات، ومشروع خلايا الكريمات شمس حرارى 140 ميجاوات، ومشروع خلايا شمسية فوق أسطح المنازل 121 ميجاوات .
وأوضح « البهواشى « انه على جانب قطاع النفط والذى حقق طفرة غير مسبوقة خلال السنوات العشر الماضية، حيث ارتفع حجم الاستثمارات فى مشروعات قطاع النفط خلال الفترة من 2014 وحتى 2024 ما يجاوزالـ 1.5 تريليون جنيه، وبلغت مساهمة قطاع البترول والثروة المعدنية فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر للداخل نحو 4.7 مليار دولار فى العام المالى 2021/2022، وطالت التوسعات فى ملف الطاقة مجال تكرير النفط لتشهد السنوات العشر الماضية أضخم المشروعات والتوسعات المنفذة فى مجال تكرير البترول، وذلك بتطوير ورفع كفاءة التشغيل لمصافى التكرير الموزعة جغرافيا على مستوى الجمهورية.
أشار الى انه تم إطلاق العمل فى تنفيذ عدد آخر من مشروعات التكرير الكبرى بإجمالى حوالى 7.5 مليار دولار والتى سيتم الانتهاء من تشغيلها تباعاً ومن أهمها مشروع توسعات مصفاة تكرير ميدور بالإسكندرية والذى تم الانتهاء من مرحلتيه الأولى والثانية وأعطى وزير البترول والثروة المعدنية إشارة بدء تشغيلهما تجريبياً إيذاناً بقرب انتهاء باقى مراحل المشروع بالكامل، مجمع إنتاج السولار بشركة أنوبك بأسيوط، توسعات شركة السويس لتصنيع البترول متمثلة بمجمع التفحيم وإنتاج السولار، ومشروع التقطير الجوى بمصفاة أسيوط لتكرير البترول.
وأوضح، ان كل ما سبق ما هو الا نقطة فى بحر التطوير والإنجاز الذى تم فى قطاع الطاقة والتى أولى أهمية قصوى لسد احتياجات السوق المحلى من الغاز الطبيعى والمشتقات النفطية ليكون خطوة فى طريق الوصول الى الاكتفاء الذاتى وتعظيم الاستفادة من المكون المحلي، ولا شك ان ما تم من تطور كبير فى مجال الطاقة لهو أكبر داعم للاقتصاد المصرى حيث يعد قطاع الطاقة المحرك الرئيسى لجملة القطاعات الإنتاجية للاقتصاد المصرى والذى تم وضع خطوات استباقية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى ليكون الاقتصاد المصرى اقتصاداً حقيقياً قائماً على الإنتاج ولا سيما تعظيم الاستفادة من المكونات المحلية لتكون بديلا للمستورد.
د.أحمد شوقى الخبير المصرفى:
الاحتياطى النقدى.. ينمو
يرى د. احمد شوقي، الخبير المصرفى ان القطاع المصرفى المصرى ساهم خلال السنوات العشر الماضية فى مساندة الاقتصاد المصرى فى العديد من الأمور ولعل ابرزها ملف الاحتياطيات الدولية والتى عززت من قدرة الاقتصاد المصرى فى الصمود امام الازمات الاقتصادية العالمية المتكررة مروراً بأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والتوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وخروج الاستثمارات غير المباشرة وبنظرة تحليلية خلال اخر عشر سنوات بلغ الاحتياطى الدولى من العملات الأجنبية 15.3 مليار دولار فى العام 2014 ليصل الى 16.4 مليار دولار بالعام 2015 ليرتفع الى 24.3 مليار دولار مع برنامج الإصلاح الاقتصادى مستمراً فى سلسلة متتالية من الارتفاعات ليصل الى 45.2 مليار دولار بالعام 2019 ومع بداية ازمة كورونا تراجع الاحتياطى المصرى ليصل الى 40 مليار دولار بعد خروج العديد من الاستثمارات المباشرة وتوقف العديد من القطاعات الاقتصادية ثم عاود فى الارتفاع ليقترب من 41 مليار دولار فى العام 2021 بعد بدء التعافى من الازمة، ومع بدء الحرب الأوكرانية الروسية والاضطرابات الجيوسياسية ساهم الاحتياطى فى دعم قدرة الاقتصاد المصرى فى احتواء تلك الازمة مع خروج العديد من الاستثمارات غير المباشرة ليصل الى 34 مليار دولار بالعام 2022.
وأضاف أنه بالرغم من ارتفاع حدة الازمة والتوترات الجيوسياسية استطاع القطاع المصرف المصرى فى الحفاظ على الاحتياطى الدولى ليصل الى 35.2 مليار دولار امريكى فى 2023 والذى يعد العام الأصعب على الاقتصاد المصرى فى ضوء ارتفاع حدة التضخم،ومع بداية العام 2024 شهد الاحتياطى الدولى ارتفاع نتيجة الاهتمام بملف الاستثمار المباشر بعد تلافى إشكاليات الاستثمار غير المباشر ليصل الاحتياطى المصرى الى 46.383 مليار دولار امريكى والذى يعد اعلى نقطة للاحتياطى بعد ارتفاع عام 2019 وخلال السنوات العشر الماضية فقد حقق الاحتياطى الدولى نمواً بمقدر 3 اضعاف والذى يعكس استمرار السياسة المصرفية فى الاهتمام بملف الاحتياطى وذلك لكونه حائط الصد للاقتصاد المصرى لمواجهة الازمات.
تابع،كما استمرت السياسة المصرفية فى مواكبة التطورات المعاصرة والتحول التكنولوجى العالمى نحو استخدام أدوات الدفع، والتى ظهرت خلال ازمة كورونا وتوجه العديد من المتعاملين داخل الاقتصاد المصرى فى الاعتماد على أدوات التكنولوجيا المالية كالمحافظ الاليكترونية والبطاقات المصرفية بأنواعها المختلفة وتفعيل منظومة Insta pay وصدور قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020 والذى تناول العديد من المستجدات ابرزها تنظيم عمليات المدفوعات الاليكترونية من خلال الباب الرابع «نظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية» والتى ساهمت زيادة حجم المعاملات والمدفوعات غير النقدية للتحول نحو مجتمع اقل اعتماداً على النقود الورقية Cashless society مع التوجه نحو البنوك الرقمية والترخيص لأول بنك رقمى فى مصر فضلاً عن التوجه نحو العملات الرقمية وتحديث العملات وإصدار العملات البلاستيكية والتى ستساهم فى تقليل تكلفة طباعة النقد من خلال طول العمر الافتراضى للعملة وكونها صديقة للبيئة والتوجه نحو انشاء المطبعة الحديثة للعملات بالعاصمة الإدارية.
قال د.شوقي: ولعل من اهم ما قدمه القطاع المصرفى للاقتصاد المصرى سلسلة من المبادرات المصرفية الداعمة لتمويل المشروعات بمختلف أنواعها (الكبرى – الصغيرة – المتوسطة – متناهية الصغر) فى مختلف القطاعات الاقتصادية حيث بلغ اجمالى التمويلات المقدمة من البنوك المصرية للقطاعات الاقتصادية والقطاع العائلى 629 مليار جنيه مصرى بنهاية 2014 لتصل 1.81 تريليون جنيه مصرى بنهاية 2018 لترتفع الى 2.5 تريليون جنيه مصرى بنهاية 2020 وصولاً الى 5.46 تريليون جنيه مصرى بنهاية العام 2023 وهو ما يعكس ارتفاع حجم التمويلات المقدمة من البنوك المصرية بأكثر من 8 اضعاف خلال اخر عشر أعوام والتى بدورها كان لها اثر فى دعم معدلات نمو الاقتصاد المصرى من خلال التوسع فى المشروعات وتوفير التمويل اللازم لشراء مستلزمات التشغيل والإنتاج فى القطاعات الأكثر حيوية مثل القطاع الزراعى والصناعى خلال الأعوام الأربعة الماضية .
ويري، «د. احمد شوقى « ان القطاع المصرفى المصرى يعد القطاع الأكثر مساندة للاقتصاد المصرى مقارنة بكافة القطاعات الأخرى خلال الأزمات والذى كان له دور بارز فى دعم كافة القطاعات الاقتصادية فضلاً عن استخدامه لأدوات السياسة النقدية لمعالجة العديد من الأمور وعلى رأسها ملف التضخم من خلال سياسة التشديد النقدى والتى ساهمت فى احتواء معدلات التضخم نحو مسار نزولى مستهدفة معدلات منخفضة فى العام 2025 للحفاظ على مستويات الأسعار فى السوق المصري.
د. شريف على– أستاذ الاقتصاد:
قناة السويس.. مركز لوجيستى عالمى
قال د. شريف محمد على استاذ الاقتصاد ونائب رئيس جامعة مدينة السادات لشئون التعليم والطلاب يري، ان مصر منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى حققت الكثير من الانجازات على مختلف الأصعدة،فمنذ تسلم الرئيس مهام منصبه فى الخامس من يونيو 2014 فى فترة حرجة من تاريخها سعى لإعادة الوطن لمسار الاصلاح والبناء وقامت حكومته بوضع خارطة تنمية عملاقة لمصر وتميزت فترة حكمه بإطلاق المشاريع القومية الكبرى التى لم تتوقف حتى فى فترة وباء الكورونا الذى اوقف تقدم العالم كله الا ان الدولة المصرية واصلت البناء والتنمية فى كل الاتجاهات لتحدث نهضة تنموية كبرى اشاد بها العالم.
أشار أن من أول واهم المشروعات العملاقة هو مشروع قناة السويس الجديدة التى تم انشاؤها فى فترة قياسية لم تزد عن عام واحد والمنطقة الاقتصادية التى يجرى انشاؤها الآن حول قناة السويس والتى تعد خطوة مهمة لتحويل مصر الى مركز تجارى لوجستى عالمى مما يعد خطوة مهمة على الطريق لإنجاح محور التنمية بالمنطقة، وكان من اهم المشروعات ايضا مشروعات الانفاق التى ربطت سيناء بكافة نواحى الجمهورية لتحقيق نهضة تنموية حقيقية كبرى فى مختلف المجالات والتخصصات والصناعات على ارض الفيروز.
أضاف، ان المشروع الثالث والمهم هو القضاء على العشوائيات والذى جعل مصر بالفعل تقضى على فوضى البناء وتنقل سكان هذه المناطق الى مجتمعات عمرانية عصرية تليق بالانسان المصري، كما تم انشاء أكثر من 20 تجمعا عمرانيا جديدا يجرى بناؤها بمعدلات تسابق الزمن ومنها العديد من المدن الصناعية المتخصصة التى توفر ملايين من فرص العمل للشباب مما أدى الى انخفاض معدل البطالة الى أقل من 7٪ فقط وبلغت قيمة هذه المشروعات 4.3 مليار جنيه، كما اطلقت الدولة مشروع حياة كريمة لتطوير الريف المصرى ومشروع استصلاح مليون ونصف فدان لزيادة الرقعة الزراعية، اما فى قطاع الصحة فقد تم اطلاق العديد من المبادرات وتنفيذ المئات من المشاريع وعلى رأسها مشروع 100 مليون صحة، كما اولت الدولة خلال العشر سنوات السابقة اهتمام كبير بالقطاع الخاص وتتبنى مستهدفات طموحة للاستثمارات الخاصة وصلت فى خطة العام المالى 22/23 الى نحو 600 مليار جنيه بنسبة تناهز 36 ٪ من الاستثمارات الكلية المتوقعة عام 22/23 فى حدود 31 ٪ ونسبة فعلية عام 21/22.
وأوضح د.شريف أنه امتداد لحرص الدولة على بناء الانسان المصرى والارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية على مدار السنوات السابقة تضمنت الخطة الاستثمارية لعام 23/24 ادراج استثمارات قدرها 436 مليار جنيه لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، واهتماما من الدولة لتحقيق التنمية الريفية المتكاملة وضعت مبادرة حياة كريمة التى تعكس تحولا جذريا غير مسبوق للريف المصرى باستهدافها توفير احتياجات القرى من البنية الاساسية والخدمات العامة وتهيئة سبل تحسين الدخل ومستوى المعيشة اللائق للمجتمعات الريفية.