ما قامت به إسرائيل فى غضون اليومين الماضيين من اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى ايران والعملية التى قامت بها فى لبنان يؤكد ان هناك حالة من التصعيد سوف تشهدها المنطقة خلال الايام المقبلة وربما يتسع نطاقها الى حرب اقليمية شاملة.
مصر منذ بداية الازمة والعدوان الاسرائيلى على غزة من تداعيات هذه الحرب على المنطقة وضرورة وقف الحرب نظرا لما ينذر بمخاطر إشعال المواجهة فى المنطقة بشكل يؤدى إلى عواقب أمنية وخيمة وتأجيج الصراع فى المنطقة.
قال محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني، اننا نستنكر هذه الجريمة، ونعزى الشعب الفلسطيني، وحركة حماس، ومهما كانت الظروف الداخلية فنحن شعب واحد، أمام جرائم الاحتلال المتكررة، والشهيد اسماعيل هنية شخصية قيادية، وحادثة اغتياله فاجعة كبيرة، وكرب عظيم للشعب الفلسطيني، وفى هذا التوقيت لا مكان للحديث عن الانقسام، مشيرا الى ان ما حدث سوف يكون له تداعياته على الاستقرار فى المنطقة، وأن المفاوضات التى تجرى حاليا سوف تتوقف، وهو تصعيد خطير, فى الوقت الذى نريد فيه وقف العدوان ووقف سيل الدماء فى غزة، ولكن الاحتلال يصر على العدوان.
قال اننا نتابع امور شعبنا فى كل مكان وهى مسؤولية وطنية، ولم تنقطع الاتصالات بحماس، لأننا شعب واحد، وعلينا ان نستمر فى السعى من اجل انهاء الاحتلال، وتوحيد الصف الفلسطينى يدا واحدة وشعبا واحدا، مشيرا الى انه الوقت المناسب لانهاء الانقسام الفلسطيني, وان تغلب المصلحة الوطنية أمام كل هذا العدوان الغاشم.
قال السفير صلاح حليمه مساعد وزير الخارجية الاسبق، أنه منذ البداية لم يتغير النهج الاسرائيلى فى التوجه نحو التصعيد وافساد المفاوضات، وما قامت به اسرائيل سواء فى لبنان او حادث اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس هو فى حد ذاته دليل على التصعيد الذى قد يؤدى الى تدهور الاوضاع واتساع نطاق العمليات العسكرية لتدخل حرب اقليمية نتيجة هذا التصعيد الذى يبدو انه مستمر وغالبا لا يتوقف، وهذا يؤكد ان اسرائيل دولة مارقة وتمارس ارهاب الدولة وغير راغبة فى السلام ولا فى معالجة القضية الفلسطينية انما تصفيتها وما تمارسه سواء فى الضفة الغربية أو فى غزة.
اضاف السفير حليمه فى تصريحات خاصة لـ «الجمهورية الاسبوعي» ان ما يجرى حتى الآن يؤكد على ذلك مشيرا الى ان اسرائيل ايضا لم تعلن رسميا عن انها وراء الاغتيال لهنية وذلك نظرا لانه حتى لا يكون هناك بهذا الاعتراف موقف رسمى لايران لكى توجه ضربة مباشرة الى اسرائيل لان ما تم هو اعتداء من دولة على سيادة دولة اخري, مشيرا الى ان عملية الاغتيال تمت داخل ايران وبالتالى فهذا نوع من الاعتداء على سيادة الدولة ونوع من العدوان وبالتالى فان ذلك يعطى لايران حق الرد, موضحا ان كل الدلائل تشير الى ان سياسة الاغتيال متواصلة وهى حلقة فى سلسلة السياسات الاسرائيلية المعلنة من قبل عن اغتيال قادة حماس وتصفيتها.
شدد على ان هذه السياسة من شأنها تصعيد الموقف وزيادة المقاومة وزيادة التضامن الاقليمى والدولى على المستوى الرسمى والشعبى للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني, موضحا ان اسرائيل تمارس ارهاب الدولة على مدى 75 عاما فى الضفة الغربية وعدوانها على غزة سواء كان ذلك بالتمييز والفصل العنصرى وتهويد القدس وتجريف الاراضى والاعتداء على الاسرى والعنف الجنسى فكل ذلك يتم تحت سمع وبصر وبتعليمات وتوجيهات من جهات وأجهزة رسمية وبالتالى فان ما تمارسه اسرائيل ارهاب دولة وما تمارسه من ابادة وعقاب جماعى ونزوح قسرى كل هذا يتم من خلال قوة واسلحة واجهزة الدولة فهذا ارهاب دولة وفقا للقانون الدولى والقانون الدولى الانسانى والقوانين والمواثيق الدولية وبالتالى ما يجرى فى واقع الامر هو سياسة تصعيد وتواطؤ امريكى واضح وكاشف مهما قيل عن محاولات للتوصل لوقف اطلاق النار وادخال المساعدات والافراج عن الرهائن والمقترحات التى تدعى امريكا انها تبذل جهدها وهى فى الاساس مقترحات اسرائيلية وهى كلها امور لاشك انها مضيعة للوقت واتاحته لاسرائيل لتمارس سياساتها الاستيطانية التوسعية الاستعمارية تعتمد على الولايات المتحدة الامريكية كحاضنة سياسية وعسكرية وامنية واقتصادية واعلامية, مشددا على ان هناك تواطؤ امريكياً وتحالفاً استراتيجياً واضحاً.
قال ان التحذير المصرى منذ بداية العدوان الاسرائيلى وجهودها المستمرة والمبذولة على مدى كل دقيقة وكل ساعة من اجل التوصل لوقف اطلاق النار والتوصل الى الافراج عن الرهائن وادخال المساعدات بالشكل الكامل والاساسى وان يكون هناك افق سياسي, موضحا ان مصر منذ البداية وحذرت من اتساع نطاق الحرب يصعب احتواؤها.
قال السفير ايمن مشرفة مساعد وزير الخارجية الأسبق ، ان اغتيال اسماعيل هنية رئيس حركة حماس يأتى ضمن سلسلة طويلة من سياسة الاغتيالات الممنهجة لمعارضيها فى الخارج منذ السبعينيات التى بدأت بقادة حركة فتح فى اوروبا مرورا باغتيال ابو جهاد فى تونس الى الشيخ احمد ياسين فى غزة, مشيرا الى ان هذه السياسة تمر مرور الكرام دون عقاب من المجتمع الدولى لتزيد من جرأة اسرائيل على الاقدام على هذا الاغتيال خلال زيارته لايران ، وان عدم وجود العقاب والملاحقة لاسرائيل يشجعها على ارتكاب مزيد من الجرائم فى ظل عجز المجتمع الدولى والعدالة الدولية على معاقبة الجاني.
واضاف السفير مشرفه فى تصريحات خاصة لـ «الجمهورية الأسبوعي» انه لا يعتقد ان ايران وحزب الله قادرتان على الرد على اسرائيل بنفس الاسلوب لوجود عجز استخباراتى ولوجستى واضح فى القدرات الايرانية، وان الجرائم الاسرائيلية مركبة الاعتداء على سيادة دولة اجنبية واختراق المجال الجوى لعدة دول.
شدد على ان مصر حذرت من سياسة الاغتيالات العشوائية وخرق القانون الدولي، مشيرا الى ان حادث مقتل هنية يعيد خلط الاوراق ويعطل مسيرة المفاوضات ويبرز عدم جدية اسرائيل فى التوصل لوقف اطلاق النار وتهدف فى النهاية الى زيادة التوتر فى المنطقة وهو هدف يسعى إليه رئيس الوزراء الاسرائيلى نيتنياهو فى نهاية الامر لزيادة العمر الافتراضى لحكومته المتطرفة واعطائها قبلة الحياة لاشهر قادمة تتيح له الاستمرار ولو على حساب ارواح الاسرى الاسرائيليين.
اكد د. أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس ان إسرائيل قامت بعمليات اغتيال فى 24 ساعة، قصف الضاحية الجنوبية فى لبنان ثم استهداف إسماعيل هنية فى ايران، وهى تقصد ان تقوم بالرد العسكري، امام ما يحدث فى الجنوب السورى وقصف ملعب كرة فى مجدل شمس، وهى بذلك تستهدف محاور المقاومة فى بيروت وطهران، وهى جرأة كبيرة من رئيس الوزراء الاسرائيلى نتنياهو، ومن الواضح انه اخذ الضوء الاخضر من امريكا لتنفيذ هذا الأمر خلال زيارته الاخيرة، وانه واثق انه لن يكون هناك رد كبير من ايران، وهناك تجارب سابقة فى اغتيالات داخل إيران، عندما قتلت قاسم سليماني، واستهدفت القنصلية الايرانية فى دمشق، وكان الرد محدود جدا من جانب إيران، وحتى المسيرات التى ارسلت الى اسرائيل كانت مسيرات اعلامية اكثر منها تفجيرية.
وقال ان هناك خللاً أمنياً كبيراً فى إيران, كيف تم الوصول الى رئيس المكتب السياسى فى قلب ايران، ومن هنا نقول ان من سوف يتحمل وزر الرد على الاحتلال الإسرائيلى هى فقط المقاومة الفلسطينية، وسوف تأخذ على عاتقها الرد على هذه الجرائم، بالرغم من محدودية الإمكانيات بعد عشر شهور من الحرب على غزة، مشيرا الى ان ما حدث سوف يؤثر على المفاوضات من اجل انهاء الحرب فى غزة، وقد تتوقف ويتم تأجيلها الى ان تنتهى الانتخابات الامريكية، لان نتنياهو, ينتظر فوز الرئيس الامريكى السابق ترامب، من اجل المضى فى حربه، وتحقيق ما يدعيه من النصر على محاور المقاومة.
ويرى إسلام المنسى الخبير فى الشئون الايرانية ان التصعيد بين ايران واسرائيل محسوب بشدة، منذ السابع من أكتوبر، وعلى كافة محاور المقاومة فى لبنان واليمن والعراق، وتبادل القصف شبه يومي، منذ عشر شهور، وحادثة الاغتيال فى ضواحى بيروت، تصعيد اسرائيلى محدود، وايران اعلنت منذ بداية الحرب انها ليست فى مواجهة مباشرة، لذا فإنها سوف ترد بشكل محدود، مضيفا ان هناك حوادث مشابهة، عندما استهدفت اسرائيل مواقع داخل ايران والقنصلية الايرانية فى دمشق، وردت بعملية عسكرية شكلية لحفظ ماء الوجه.
قال ان عملية اغتيال هنية اشد اجراما وأكثر تأثيرا من العمليات السابقة، حيث تمت فى قلب طهران، وبعد تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد، وسوف يكون هناك رد مدوٍ ولكنه محسوب، واقول انها سوف تستهدف مواقع عسكرية، ولن تكون هناك حرب اقليمية، وانما حرب محدودة وحسب قواعد الاشتباك.