مصر المحروسة
لو حللنا هواء مدننا الكبرى كالقاهرة مثلاً على مدار الساعة.. فسنجد أن أنقى هوائها يكون ما بين الفجر والسادسة أو السابعة صباحاً، وهو ما يتماشى مع منطق تقلص مصادر التلوث المباشرة كعادم السيارات والمصانع وقلة تنفس وإفرازات الكائنات الحية الأخرى خلال النوم ووصول دفعات الهواء النقى من البحار القريبة كالمتوسط والأحمر إليها، خلافاً لأنشطة السكان والمقاهى ليلاً بالمناطق الشعبية والكثيفة.
أى أن أعلى نسبة تلوث للهواء تكون بعد الغروب وتتزايد حتى منتصف الليل، ليتأثر بها مدمنو السهر ورواد المولات والمتاجر الكبيرة والمتسكعون بالشوارع بلا هدف ومحتلو الأرصفة والعاطلون بالوراثة.. ورغم أن الكثير من أمورنا الضرورية يمكن إنجازها بالنهار وحتى العشاء مثلاً.
وإذا كان إيقاف الأنشطة غير الضرورية بعد العشاء مثلاً يدعم الاستيقاظ المبكر، فيشجع على العمل لأنه يعود بالإنسان لحياته الطبيعية، فيرفع كفاءته ويرفع من شأن الأسرة والدولة للتقدم كالدول الناجحة على وجه البسيطة، خصوصاً بعد ثبوت تأثر مدمنى السهر بالتوتر وارتفاع ضغط الدم، حتى أن »الصعايدة« أطلقوا عليه »سوسة العضم« وبالطبع كلمة »العضم« هنا مجازية.
وهى أمور تهدينا لحكمة المولى سبحانه وتعالى بتبكير أول صلاة لتكون بالفجر، كما أنها كانت بالكثير من رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسى بوسائل الإعلام وهو يمارس الرياضة مبكراً، كما أنها أمور لا تؤثر على إنتاجية المجتمع ككل فحسب.. بل وعلى الإسراف غير المسئول فى الطاقة الكهربية بالسهر على الأرصفة والنواصى بالأحياء الشعبية واحتلال الأرصفة ببضائع المتاجر والمقاهى والباعة الجائلين وتشجيع البلطجة والمخدرات وزيادة الضوضاء.. خلافاً لسرقة الكهرباء بالملايين وغيرها.
ولأنها أمور تتزايد مع الوقت ونحن فى أمس الحاجة لتقنين استهلاكاتنا أو على الأقل للحد من فترات انقطاع الكهرباء النهارية، فيا ليتنا نبكر بمواعيد إغلاق الأنشطة غير الضرورية بعد العشاء للحد من تلك التداعيات وغيرها الكثير.