من أعظم المشروعات والإنجازات التى تحققت على مدار السنوات الأخيرة وتحديداً قبل عام هو انطلاق الحوار الوطنى الذى يعد منصة وطاولة تجمع كافة أطياف وفئات المجتمع المصرى، وقواه السياسية والحزبية والفكرية تحت شعار أن الوطن يتسع للجميع، وأن الاختلاف لا يفسد للوطن قضية وهو أيضاً فرصة وثروة عظيمة للمقترحات والرؤى، التى تشكل قيمة مضافة لمسيرة بناء هذا الوطن.
الحقيقة أن الحوار الوطنى غرس فينا فضيلة التشاركية فى الحفاظ وبناء الوطن حتى وإن اختلفت الآراء والتوجهات والايديولوجيات الفكرية والسياسية والحزبية إلا أن الجميع يلتقى تحت مظلة المصلحة العليا للوطن، وهو أيضاً يجمع بين المسئول، والسياسى والمفكر وحتى المواطن البسيط الأمر الذى يتيح كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى التعرف على المعلومات والحقائق وقواعد البيانات الدقيقة والأرقام الموثقة على أرض الواقع، والتحديات والعقبات التى يجب أن نتكاتف جميعاً لعبورها.. مع الوقت تتسع دائرة الحوار الوطنى، وتكثر قضاياه ومضامينه حتى بات يضم كافة القضايا التى تهم الوطن والمواطن على كافة المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخلال الفترة السابقة.. لمسنا مدى الاهتمام الرئاسى بإحالة قضايا مهمة للحوار الوطنى مثل التوجهات الإستراتيجية للاقتصاد المصرى خلال الفترة القادمة، ووجه الرئيس السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية إلى مناقشة تحديات الأمن القومى المصرى فى ظل ما يحدث فى المنطقة من عدوان تجاوز الـ 6 أشهر، وصراعات ومتغيرات وأزمات وصراعات دولية لها تداعياتها المختلفة على مصر سواء فيما يتعلق بالأمن القومى أو الجانب الاقتصادى.. وهنا أطالب أيضاً بضم مشروع تطوير التعليم فى مصر والثانوية العامة إلى الحوار الوطنى، بعد طرحه للنقاش والحوار الوطنى لأنه قضية محورية تحتاج إلى توافق من الجميع، ومشاركة كافة أطياف المجتمع المصرى ويمثل ركيزة أساسية فى إطار تحقيق التقدم.
الحقيقة أننى أرصد الاهتمام الرئاسى بالحوار الوطنى من خلال الكثير من المواقف والأبعاد، لعل أبرزها أن الرئيس السيسى حريص على إحالة التوصيات التى يتوافق حولها الحوار الوطنى ويصدرها إلى الحكومة للتنفيذ، بالإضافة إلى تمهيد الأجواء لفتح صفحة جديدة من أجل ترسيخ الاصطفاف الوطنى وما يمثله ذلك من حجم الإفراج الرئاسى عن المحبوسين على ذمة أحكام قضائية بالإضافة إلى تأكيد الرئيس على أهمية استدامة واستمرار الحوار الوطنى وإحالة كافة قضايانا وشواغلنا، لأنه ليس هناك طريق أفضل من تحقيق التوافق الوطنى على خارطة الطريق نحو المستقبل لأنه من الحتمى أن نواجه كل ذلك ونحن على قلب رجل واحد وعلى قناعة كاملة بمصلحة الوطن وأهدافه والحفاظ عليه، فالاختلاف فى وجهات النظر والآراء سنة كونية، وبالحوار والنقاش والتوافق نستطيع إدارة هذا الاختلاف لما يحقق المصالح العليا والعامة ويحافظ على النسيج الوطنى ويقطع الطريق أمام قوى الشر واستهدافها للمواطن المصرى.
من هنا أجدد مقترح أن يتحول الحوار الوطنى إلى كيان، ومؤسسة تحت مسمى يتفق عليه الجميع، وربما إصدار تشريعات تحدد أطر وأدوار هذا الكيان، ومكوناته واستقلاليته تحت رعاية مباشرة من رئيس الجمهورية.
الأمر الثانى المهم، لابد أن يكون مقر الحوار الوطنى، أو مؤسسة الحوار الوطنى بالعاصمة الإدارية، فالاثنان هما أيقونة الحوار الوطنى.
وجود مقر الحوار الوطنى بالعاصمة الإدارية الجديدة يحمل مغزى ورسالة ودلالة مهمة، أن مصر بالفعل انتقلت إلى مرحلة جديدة واستثنائية على يد الرئيس السيسى، عنوانها أن الشعب بكل أطيافه شريك أساسى فى حماية و بناء الوطن.
أرى أيضاً أن مقر الحوار الوطنى لابد أن تكون له قاعة كبرى مثل البرلمان تشهد حضوراً من الشباب وطلاب المدارس والجامعات لترسيخ مبدأ الحوار والرأى والرأى الآخر، والاختلاف الحميد الذى يبنى ولا يهدم، نريد أن يتحول الحوار الوطنى إلى منظومة وطنية تحوى مبادئ وقيماً كنا فى أشد الحاجة لها فى الماضى.
تحيا مصر