وصل قطار الحوار الوطنى إلى محطة الحبس الاحتياطي، الذى يعد أحد أهم الملفات المطروحة على مائدة النقاش باعتباره قضية قانونية ترتب عليها أبعاد سياسية وطنية ودولية فى ظل تعرض مصر لحملات تشكيك وتشويه من قبل الكارهين الذين لا يكفون عن اطلاق الشائعات.
يرى العديد من المشرعين والقانونيين أن الحبس الاحتياطى هو إجراء احترازى معيب لأنه يكبل الحرية الشخصية دون حكم قضائى صادرمن محكمة الموضوع، وهو ما يعنى إحتمالية حبس أشخاص أبرياء على ذمة قضايا مازالت قيد التحقيق دون أدلة كافية على الاتهام،خصوصاً أن أوامر الحبس الاحتياطى تصدرعن جهات تجمع بين سلطة الاتهام والتحقيق فى وقت واحد، وهو ما يخل بحق المتهمين فى الدفاع عن أنفسهم.
وقد حدد القانون خمسة أسباب للحبس الاحتياطى فى مقدمتها ضمان عدم هروب المتهم قبل موعد المحاكمة، حتى يحضر الجلسات، فضلاً عن ضمان عدم العبث بالأدلة خصوصاً فى القضايا التى تعتمد على الأدلة المادية، وحماية الشهود، وضمان عدم ارتكاب المتهم نفس الجريمة مرة أخرى وتكرارها أثناء المحاكمة وهو ما ناقشته جلسات الحوار بحضور ممثلين عن مؤسسات الدولة الدستورية المعنية بالقانون لضمان عدم مخالفة القانون الجديد فى حال صدوره للدستور، إذ عرضت الأحزاب والجهات كافة والخبراء والفقهاء المشاركين وجهات النظر والوضع القانونى القائم حالياً ومقترحات التطويرالمختلفة واستعراض تجارب الدول الأخري، كما يتلقى مجلس الأمناء حالياً أوراق العمل المقدمة من المعنيين من القوى السياسية، وسيقوم بإجراء ما يلزم من مشاورات قبل صياغة القانون الجديد ورفع تقرير بالتوصيات فى صورته النهائية إلى الجهات المعنية قبل إحالته إلى البرلمان لإقراره.
وأقول لكم، إن السعى لتحديث قانون الحبس الاحتياطى من جانب الدولة لم يتوقف منذ سنوات إذ استحدث القانون رقم 145 لسنة 2006 تعديلًا لبعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص بدائل الحبس الاحتياطى فى الفقرة الثانية من المادة 201 إجراءات، والتى تنص علي: «يجوز للسلطة المختصة بالحبس الاحتياطى أن تصدر بدلًا منه أمراً بأحد التدابير»، إضافة إلى تقليل مدة الحبس الاحتياطى لتصبح أياماً أو شهوراً معدودة بدلاً من تركها مطلقة وتحديد مدة زمنية للنيابة العامة لإنهاء التحقيقات التى يتطلب فيها حبس المتهم احتياطيا مع منحها سلطات اللجوء لبدائل الحبس، وشهدت جلسات الحوار العديد من المقترحات التى طرحها المناقشون كان أبرزها تقليل مدة الحبس الاحتياطى بنسب تقترب لـ70٪ حال صدور قراربه من الجهات المختصة إضافة إلى بدائل الحبس التى تتضمن الحبس المنزلى ومراقبة المتهم من خلال الإسورة الإلكترونية وتحديد محل إقامته أوالتردد على القسم الشرطة التابع له بشكل يومى وإبرام أنشطته بمحضر تحرى كل 24 ساعة، خصوصاً أن هذه قضية الحبس الاحتياطى تمس حقوق الإنسان وحريته، وأكد المشاركون على تحديد مدة للحبس الاحتياطى ووضع ضوابط تشريعية له تضمن سبب الحبس والغرض منه، خصوصاً أن الحبس الاحتياطى إجراء استثنائى يخالف قرينة البراءة المنصوص عليها فى المادة 96 من الدستورالتى تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.