ليس هناك أعظم من أن يتحاور المصريون حول مستقبل هذا الوطن.. لذلك فإن إحالة وثيقة أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى فى الـ ٦ سنوات القادمة هو تجسيد حقيقى لقيمة ومكانة الحوار الوطنى الذى دعا إليه وأطلقه الرئيس السيسى.. وتنفيذاً لتوجيهاته بتوسيع دائرة النقاش.. ليكون الحوار الوطنى «عقيدة مصرية».. حققت نجاحات تاريخية فى ترسيخ جدار الثقة بين كافة الأطياف والقوى السياسية.. وكذلك خروج الانتخابات الرئاسية بشكل غير مسبوق وتاريخى.. وتنمية الوعى المصرى.. فالمخرجات تتحول إلى حيز التنفيذ لتصبح واقعاً.. وهذا منتهى الجدية والمصداقية وإحداث التقارب والاندماج بين كافة القوى والأحزاب السياسية بعد قطيعة وشقاق لعقود.. فالوطن يتسع للجميع.. والاختلاف من أجل الوطن لا عليه.. والاستثمار فى المساحات المشتركة بين المصريين.. بطبيعة الحال مبادئ رئاسية نبيلة وصادقة.. آتت ثمارها وحققت نجاحات كبيرة.. ورسخت الثقة.. ووحدت المصريين.
تجتمع الأسرة الواحدة عندما تدرك أن هناك تحديات مهمة تستوجب البحث والنقاش والاتفاق والعمل الجماعى من أجل عبور هذه الصعوبات والتحديات.. والحقيقة أن الأسرة المصرية الكبيرة «مصر» من هذا الإطار.. أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى دعوته التاريخية بإطلاق الحوار الوطنى الذى يجمع بين كافة الأطياف والفئات والقوى والأحزاب السياسية على طاولة واحدة للحوار والنقاش لرسم ملامح مستقبل هذا الوطن وطريقه إلى عبور التحديات والأزمات.. والقضايا وأيضاً الملفات العالقة منذ عقود بهدف استثمار المساحات المشتركة بين كافة فصائل وأطياف المجتمع المصرى من خلال مظلة واحدة عقيدتها وشعارها «الوطن يتسع للجميع».. ونختلف من أجل الوطن وليس عليه.. والوصول إلى كلمة سواء بين المصريين وإحداث حالة من الاتفاق والتوافق بين أبناء هذا الشعب.. لترسيخ مبدأ أن أبناء هذا الوطن على قلب رجل واحد.. وهو ما يعد صمام الأمان الحقيقى للحفاظ على وجوده وبناء الدولة الوطنية فى ظل تهديدات ومخاطر ومخططات.. وما يحدق بمصر ويحيط بها من تحديات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية.
الحقيقة أن دعوة الرئيس السيسى حملت نوايا طيبة ومخلصة.. وأهدافاً وطنية ومبادئ نبيلة بل أهدافاً تحقق الاصطفاف الوطنى.. وتفعيل مبدأ التشاركية فى حماية الوطن والحفاظ عليه.. وبناء حاضره ومستقبله.. فالخلاف لا يفسد للوطن قضية.. وقطع الطريق على محاولات وحملات مشبوهة لإحداث الوقيعة بين المصريين.. ودحر الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه.. لأن الحوار الوطنى.. وجلساته المتعاقبة فى كافة المحاور وضعت الحقائق أمام الجميع من أبناء مصر مدعومة بالمعلومات والبيانات والأرقام.. وبالتالى أكاذيب وشائعات قوى الشر تتحول إلى سلع فاسدة ومنتهية الصلاحية.
الحقيقة أن الحوار الوطنى دعوة صادقة ومخلصة ونبيلة.. وعبقرية.. فى المرحلة الأولى التى انتهت فى أغسطس الماضى قبل الانتخابات الرئاسية وحققت الكثير من المكاسب والأهداف التى تعد بالفعل كنوزاً وطنية عظيمة.. تزيد من قوة وقدرة هذا الوطن.. وإيجاد المساحات المشتركة وترسيخ قوة الاصطفاف الوطنى.. كالتالى:
أولاً: الحوار الوطنى رسخ جدار الثقة بين جميع فصائل المجتمع.. وعكس حالة الجدية والمصداقية الشديدة والاهتمام غير المسبوق بمخرجات الحوار الوطنى.. وليس هناك أهم من تأكيد الرئيس السيسى على تحويل التوصيات والمخرجات التى تأتى من جلسات الحوار الوطنى ومحل توافق الجميع إلى حيز التنفيذ.. وإحالتها إلى الحكومة للتنفيذ وتحويلها إلى واقع أو إصدار البرلمان تشريعات بها.. هذه الثقة بين أطياف وفصائل المجتمع.. انعكست أيضاً على حال المواطن الذى بات أكثر تماسكاً واصطفافاً ووعياً وحرصاً على مصلحة مصر فى هذا التوقيت بالغ الدقة.. بالإضافة إلى أنه جمع وقرب الفرقاء السياسيين الذين كانوا على مدار عقود وسنوات فى حالة مقاطعة سياسية لذلك نجح الحوار الوطنى فى إظهار كل الآراء ووجهات النظر وتحويلها إلى حالة من التوافق رغم اختلاف الأيديولوجيات والتوجهات السياسية.. إلا أن الجلوس على طاولة واحدة والحديث باحترام متبادل بين الجميع.. وبدون خطوط حمراء طالما أنه يرتكز على مصلحة الوطن والسعى لطرح الرؤى والأفكار والمقترحات.. وإعادة البعث والحياة للشئون السياسية والحزبية فى المجتمع المصرى.. وهو ما تحقق بشكل واضح وبنسبة كبيرة.. وسوف يحقق نجاحات أكبر فى المرحلة الثانية من جلسات الحوار الوطنى التى ستنطلق قريباً بعد أن ترسخت القناعات والمصداقية والجدية والثقة بين الجميع.. لأن ما سبق التوافق عليه يتحول إلى واقع.
ثانياً: كان الحوار الوطنى أحد أهم أسباب النجاح التاريخى للانتخابات الرئاسية التى أجريت فى أجواء من الهدوء والاستقرار وإقبال غير مسبوق.. وبنسبة مشاركة لم تحدث فى تاريخ مصر بلغت ٨.٦٦٪ وما عكسته من مشاهد وطنية وحضارية أمام العالم جسدت اصطفاف المصريين وكونهم على قلب رجل واحد.. بل وأثمرت جلسات الحوار الوطنى ترشح ثلاثة مرشحين فى الانتخابات الرئاسية ينتمون إلى أحزاب سياسية.. بالإضافة إلى أن الأحزاب السياسية استعادت زمن الحضور الميدانى فى الشوارع والقرى والمدن وفى مختلف ربوع البلاد إلى جوار المواطن.. وكذلك فإن الأحزاب السياسية حققت استفادة عظيمة من الحوار الوطنى وخرجت بخبرات وكوادر جديدة.. واكتسبت مهارات طرح الرؤى والآراء والمقترحات وصياغة البرامج.. بل والقدرة على الحوار والتعاطى وتقريب وجهات النظر والتوافق.. وهو نموذج للعمل السياسى القائم على الخبرة والحوار والاحترام.. والإلمام بمتطلبات العمل الحزبى والسياسى.. وليس مجرد أن تكون الأحزاب مجرد مقار و«يافطات».. ولكن بات حضورها على أرض الواقع أمراً جديداً يعد أحد مكاسب ونتائج الحوار الوطنى.
ثالثاً: ليس فقط أن الحوار الوطنى نجح فى إحداث الثقة بين فصائل المجتمع المصرى وقواه وأطيافه السياسية بل عمل على بناء حالة من الوعى الحقيقى لدى جميع المشاركين انعكست على المواطنين الذين باتوا أكثر فهماً والتصاقاً بالتحديات التى تواجه الوطن.. وكما يقولون على دراية بمنبت وأصل وأسباب الأزمات.. وحرص الحوار الوطنى أيضاً على التحاور وتلقى مقترحات وآراء المواطنين لذلك أصبحت القناعات لدى الجميع أكثر اكتمالاً.. وبالتالى كانت الانتخابات الرئاسية ذروة التقييم لنتائج الحوار الوطنى.. وجاء التقييم ليؤكد أننا على الطريق الصحيح.
رابعاً: إعلان الرئيس السيسى فى كلمته عقب الفوز فى الانتخابات الرئاسية عن مرحلة ثانية من الحوار الوطنى هو إدراك حقيقى للقيادة السياسية لجدوى ونجاح الدعوة والمرحلة الأولى من الحوار الوطنى الذى اجتمع عليه المصريون وكذلك المتابعة الرئاسية والثقة فى المخرجات وإحالتها إلى التنفيذ تجسد ذروة الثقة وجدوى هذا النهج فى مجابهة قضايانا وتحدياتنا وأزماتنا.. ومشاركتنا جميعاً فى رسم ملامح المستقبل ومعالم ومبادئ وأسس الجمهورية الجديدة.
خامساً: الحقيقة التى لا لبس فيها أن عقيدة الحوار أصبحت نهجاً نمضى فيه بنجاح لذلك وجه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بناء على تكليفات وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بطرح وثيقة أبرز التوجهات الرئاسية الجديدة ولمدة ٦ سنوات قادمة إلى المرحلة الثانية من جلسات الحوار الوطنى على اعتبار أن الوثيقة مشروع بحثى يستهدف تحقيق بعض المستهدفات الطموحة لاستراتيجية مصر للتنمية ٠٣٠٢ باعتبارها الرؤية الأشمل والأعم للدولة المصرية ومن أجل صياغة أولويات التحرك الاقتصادى خلال السنوات الـ٦ المقبلة بعد الاستماع إلى آراء الخبراء والمتخصصين لتحقيق أكبر توافق مجتمعى حول الوثيقة قبل صدورها فى شكلها النهائى.. والحقيقة أن هذه الخطوة تستوجب التحية على اعتبار أن ضمها للحوار الوطنى أكبر منصة وطنية للحوار والنقاش بين فصائل وأطياف المجتمع المصرى.. والقوى والأحزاب السياسية من أجل الوصول إلى توافق وكلمة سواء حول هذا المسار لمدة ٦ سنوات.. وهو ما يجسد أهمية «الحوار الوطنى» فى السياسة المصرية بعد أن أصبح ركيزة أساسية لتحقيق التوافق وبناء الوعى.. وترسيخ الاصطفاف والعمل على إيجاد مسارات تحقق المصلحة الوطنية وتحظى بإجماع وطنى وتوافق الجميع وهو الأمر الذى يوفر حالات الجدل والنقد البناء وغير البناء خارج الإطار الصحيح.. لذلك بات الحوار الوطنى بمثابة بيت الأمة المصرية.. وهو ما يجب النظر فى تحويله إلى كيان مستدام يجرى النقاش على آلياته.. لتحويله إلى كيان وطنى مستدام ومستمر يجمع كافة الفصائل المجتمعية والأطياف الوطنية.. والقوى والأحزاب السياسية وقادة الرأى العام.. والخبراء والمتخصصين تحت سقف واحد.. وقاعة أو غرفة واحدة تبذل الجهد والفكر والرؤى من أجل صياغة مستقبل الوطن.. والتصدى لتحدياته وأزماته.. والعمل على مجابهة التهديدات والمخاطر التى يتعرض لها من أجل بناء توافق.. وجدار صلب يستحيل اختراقه هو الاصطفاف الوطنى.. لذلك دائماً أثمن فكرة ودعوة الحوار الوطنى.. التى تستأصل كل أسباب الخلاف والشقاق السياسى.. وتجمع كافة الأطياف فى مكان واحد.. ليقول كل منهم ما يريد دون أى خوف أو تردد طالما أنه يبتغى مصلحة الوطن بل إنه يؤدى إلى إزالة أسباب «البعاد السياسى» القديم.. ويضع حجر أساس حياة سياسية وفكرية وحوارية جديدة.. تؤمن بالوطن وتعمل على مصلحته.
الحوار الوطنى.. أثبت حُسن النوايا والجدية والصدق سواء فى تحويل التوصيات والمقترحات التى خرجت من الحوار الوطنى إلى حيز التنفيذ وقضى على غياب وافتقاد الثقة.. وعزز من فرص التلاحم الوطنى.. والاندماج السياسى.. ولعل ما قدمته لجنة العفو الرئاسى فى الإفراج عن ٠٠٥١ شخص هو نموذج للصدق والجدية وفتح صفحة وطنية جديدة فى وطن يتسع للجميع.. وتغيير مسار التراشق والاحتقان والشقاق السياسى إلى حوار وطنى يستوعب الجميع.. ويستفيد من كل الآراء ووجهات النظر والرؤى والمقترحات.
سادساً: بالأمس أيضاً تابع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء الخطة التنفيذية لتوصيات الحوار الوطنى التى أسفرت عنها جلسات المرحلة الأولى التى انتهت فى أغسطس الماضى.. وبناء على توجيهات الرئيس السيسى أيضاً فى تحويل مخرجات الحوار الوطنى إلى واقع فإن رئيس الوزراء أكد الحرص على رصد الخطوات التى تتم لترجمة توصيات منصة الحوار الوطنى إلى إجراءات وبرامج عمل من جانب الوزارات المعنية تجسيداً لاهتمام الحكومة بناء على التوجيهات الرئاسية بمتابعة كافة النقاشات بالجلسات المختلفة لرسم خارطة فى جدول أولويات العمل الوطنى نحو الجمهورية الجديدة.
المرحلة الأولى من الحوار الوطنى امتدت على مدار ٦ أسابيع من الجلسات النقاشية العامة وأسبوعين من الجلسات التخصصية بإجمالى ٤٤ جلسة انتهت إلى تقديم ٣٣١ إجراء موزعة على ثلاثة محاور فى مقدمتها الحوار المجتمعى بإجمالى ١٦ إجراء ثم المحور السياسى ٧٣ إجراء.. والمحور الاقتصادى ٥٣ إجراء.. وأكد رئيس الوزراء أنه تم حصر المخرجات النهائية للحوار الوطنى ووضعها فى خطة تنفيذية تشتمل على الإجراءات التنفيذية المقترحة والجهات المعنية بتنفيذها والمدى الزمنى المقترح للتنفيذ ومؤشرات متابعة الأداء الخاصة بالتنفيذ وإعداد تقييم مبدئى لجدوى تنفيذ الإجراءات.
نخرج من كل ذلك أن هناك اهتماماً كبيراً وغير مسبوق بمخرجات الحوار الوطنى.. سواء على مستوى القيادة السياسية.. أو الحكومة أو المشاركين.. لذلك فإن الحوار الوطنى بات يحظى بتوافق وثقة الجميع فى قدرته على الوصول إلى حلول ورؤى ومقترحات لمواجهة تحدياتنا ورسم ملامح مستقبلنا.. لذلك اعتبر الحوار الوطنى واحداً من أعظم الإنجازات التى تحققت فى عهد الرئيس السيسى وهو صاحب الرؤية والدعوة.. لذلك اعتبر أن الحوار الوطنى بات هو «بيت الأمة المصرية» الذى يجمع كافة أبناء الوطن على اختلاف آرائهم ووجهات نظرهم.. لكونهم جميعاً يبحثون عن مصلحة الوطن.. وجميعهم يثق فى القيادة السياسية الاستثنائية.. صاحبة الدعوة.. صادقة النوايا.. نبيلة الأهداف.. المتطلعة باهتمام للمخرجات.
تحيا مصر