فتش عن أهل الحماقة قبل أهل الحكمة، وحاول التنبؤ بسلوك الحمقى ولا تهتم كثيراً بسلوك العقلاء، فمعظم الكوارث والأزمات تخرج من معسكرات الحماقة وحواريها، أما العقلاء فهم عقلاء وهذا يكفي، ووسط عالم ضبابى يسوده اللايقين وتنعدم فيه الرؤية تزداد أيضاً المخاطر جراء وجود حماقة جامحة داخل كل المعادلات الإقليمية والدولية، ومع التطور التكنولوجى المذهل بات من السهولة بمكان التنبؤ بسلوكيات ورغبات الناس، فتطبيقات التواصل الاجتماعى تتابعنا على مدار اللحظة فى كل تصرفاتنا وسلوكياتنا ومن هنا استطاعت أجهزة الاستخبارات فى معظم دول العالم بناء تطبيقات تستطيع من خلالها ليس فقط متابعة من تريد من خلال وسائل التواصل وإنما يمكنها التنبؤ بسلوكيات وقرارات الآخرين، فإذا كانت هذه التطبيقات متاحة بهذا الشكل فما بالنا بإمكانات أجهزة لديها كل هذه الإمكانات، أعلم ان هناك نماذج وتطبيقات يمكنها التنبؤ الدقيق بسلوكيات وقرارات الآخرين وهذا يمكن الاستفادة منه فى مجالات السياسة والاقتصاد بشكل خاص، هذه النماذج تم بناؤها على أساس فرضيات العقل والحكمة والمصلحة والدوافع والنتائج الى آخر هذه المحددات، لكن لفت انتباهى أن كثيراً من المؤثرين فى عالمنا حمقى وأغبياء ويتصرفون أحياناً كثيرة بشكل لا علاقة له بالمنطق والعقل والحكمة، فوجدنا كثيرين من الحمقى والأغبياء صنعوا التاريخ بحماقتهم، فقد نشبت حروب عالمية بقرارات متسرعة أو متشنجة لشخص أو لأشخاص غير أسوياء، لذلك اتساءل هنا وبمنتهى الجدية لماذا لا يكون لدينا مراكز تنبؤ بسلوكيات الحمقى والأغبياء؟ فالعقلاء والحكماء يفكرون ثم يتخذون قراراتهم، أما الحمقى والأغبياء فيتخذون قراراتهم بعصبية ودون تفكير، فالأغبياء هنا أولى من الحكماء فى ضرورة البحث عن آلية للتنبؤ بقراراتهم، والسؤال المهم هل يستطيع الذكاء الاصطناعى وكل تطبيقاته التعامل مع الحماقة والتنبؤ بسلوك وقرارات الحمقى والأغبياء والموتورين والمترددين والنرجسيين الذى تحركهم أهواؤهم وحماستهم ويصدرون قراراتهم من بين صرخات الجماهير؟ بيد أن الذكاء الاصطناعى سيقف حائرا أمام بعض الشخصيات التى تتمتع بقدر كبير من العشوائية، عشوائية تحير كل تطبيقاته، فمتى يكون لدينا مركز إقليمى للتنبؤ بسلوك الحمقي؟