وتحاول القاهرة بشتى الطرق التوصل إلى اتفاق يوقف نزيف الدماء فى قطاع غزة ويفتح الباب أمام النازحين للعودة إلى بيوتهم.. ويعيد الأسرى إلى عائلاتهم وينهى مشكلة الرهائن.. ويوفر المساعدات الإنسانية بكل أنواعها لسكان غزة.
والحكاية تبدأ منذ السابع من أكتوبر الماضى عندما تساقطت الصواريخ الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية ومعها هجمات أسفرت عن أسر أعداد من الإسرائيليين فى هجوم كان مباغتاً وكان عنيفاً وكان واضحاً أنه قد انطلق من اليأس الفلسطينى بعد عقود من الاحتلال والهوان، وإن لم يكن هذا الهجوم محسوباً بعناية لتأثيراته وعواقبه على الفلسطينيين فى قطاع غزة ومصيرهم فى مواجهة رد الفعل الانتقامى الإسرائيلى المحتمل.
وسارعت إسرائيل كما هى العادة إلى محاولة الاستفادة من أى أخطاء استراتيجية فقررت أنها يجب أن تكون بداية النهاية للقضية الفلسطينية بأسرها وساعدها فى ذلك أن العالم الغربى والولايات المتحدة الأمريكية قد أيدوها بقوة فى حقها فى الرد.. وحقها فى الانتقام وحقها فى سحق وتدمير كل أشكال المقاومة الفلسطينية.
>>>
وكان لابد أن تتحرك مصر.. كان ضرورياً أن يرتفع الصوت المصرى محذراً من تبعات ما يمكن أن يحدث.. وكانت القاهرة أول صوت فى العالم يرتفع محذراً من أن الهدف من الانتقام الإسرائيلى يمتد إلى إخراج الفلسطينيين من قطاع غزة بلا عودة.. الهدف أن يكون هناك نزوح قسرى لعشرات الآلاف من الفلسطينيين وتفريغ غزة من سكانها.. الهدف هو الإبادة الجماعية فى غزة لأن غزة هى القضية الفلسطينية وإذا خرجت غزة من المعادلة فإن حلم الدولة الفلسطينية المستقلة سيضيع إلى الأبد.
قالت القاهرة كلمتها.. لا للتهجير القسري.. لا لحرب الإبادة، وأجبر موقف القاهرة القوى والواضح دول العالم على مراجعة مواقفها وبدأ يظهر ويعلو حديث آخر عن حدود الانتقام وعن ضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين وعن حقهم فى البقاء فى بيوتهم ومدنهم وأرضهم.
وبعيداً عن المظاهرات أمام الكاميرات والشعارات والاحتجاجات.. فإن القاهرة كانت تعمل تحت كل الضغوط بهدف التوصل إلى اتفاق بوقف نزيف دماء الفلسطينيين.. القاهرة التى ألقت بكل ثقلها وبكل أوراق الضغط والتأثير استضافت على أراضيها كل الأطراف فى مهمة تفاوضية هى الأصعب والأخطر منذ حرب أكتوبر المجيدة.. والقاهرة قدمت العديد من الاقتراحات ولم تيأس.. والقاهرة برجالاتها المخلصين وبمتابعة دائمة من رئيسها الوطنى الغيور على سلامتها وأمنها نجحت أخيراً فى التوصل إلى الاتفاق المنتظر لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن وإطلاق سراح الأسرى وهو الاتفاق الذى يتضمن ثلاث مراحل ويعيد سكان غزة إلى قراهم ومدنهم ويوفر لهم كافة المساعدات ويضمن خروج إسرائيل من قطاع غزة تماماً.
>>>
ولأن القاهرة نجحت.. وحركة حماس أعلنت موافقتها فإن ذلك شكل ضغطاً جديداً على حكومة نتنياهو التى ترغب فى مواصلة الحرب لتحقيق أهدافها الاستراتيجية فى القضاء على بؤر المقاومة الفلسطينية نهائياً.. ولهذا خرجت الحكومة الإسرائيلية بعد إعلان موافقة حماس لتعلن عزمها الاستمرار فى الحرب وهو أمر كان متوقعاً ومنتظراً، ولكنها لن تكون الحرب الشاملة التى يتم من خلالها دفع الفلسطينيين للنزوح الجماعى بقدر ما ستكون حرباً محدودة وافقت عليها واشنطن لأهداف مرحلية تأمينية.
وحين نكتب عن الجهود المصرية ــ القطرية فى هذا الشأن.. حين نكتب عن الدور المصرى لإنهاء الأزمة، نكتب لنعيد التذكير والتأكيد على دور مصر التاريخى المساند للحق الفلسطيني.. دور لا يمكن المزايدة عليه.. أو تزوير وتشويه حقائق التاريخ.. هذا قدرنا وهذا واجبنا.. وهذه هى مصر.
>>>
ونعود إلى حواراتنا الداخلية.. والدنيا كانت ربيع فعلاً والجو بديع فى شم النسيم ولم يكن ينقصنا إلا حفلتا عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش فى عيد الربيع.. ففى هذا اليوم كنا ننتظر المنافسة الفنية الغنائية بين القطبين عبدالحليم وفريد ولكل واحد منهما معجبوه وأنصاره.. وقد اعتاد الجمهور أن تكون حفلة الربيع فرصة لإظهار أفضل ما لديهما من أغنيات جديدة.. ولم يكن فى التلفزيون المصرى إلا قناتان.. الأولى والثانية.. والأولى لحفلة عبدالحليم على الهواء والثانية لحفلة فريد على الهواء أيضاً.. ومصر كلها أمام الشاشات تتابع عبدالحليم أو فريد.. وخيال ما بعده خيال مع أعظم الكلمات والألحان والأداء والمشاعر.. كانت أيام لربيع العمر.. وربيع الغناء.. وكل حاجة كانت بسيطة وحلوة.. وليه يا زمان ما سبتناش أبرياء..!
>>>
وسؤال من عالم آخر.. من عالم لا يعرف الخيال والعواطف.. من عالم المال.. وهو سؤال بسيط جداً جداً.. أين ذهبت مليارات السوق السوداء بعد تعويم سعر الصرف.. هل أودعوها البنوك.. هل أخرجوها فى مشروعات.. أم مازالت تحت «البلاطة» فى انتظار المجهول..! وأغلب الظن أن ما يقرب من أربعين مليار دولار مازالت فى حوزة أباطرة السوق السوداء ولم تخرج بعد..!
>>>
وماذا عن حملة مقاطعة الأسماك؟ قاطعناها لأكثر من عشرة أيام.. وقلنا «خليها تعفن»..!! وبعد الحملة لم تنخفض أسعار السمك.. ولم تتعفن الأسماك.. واختفت الكثير من الأنواع أيضاً.. والخوف من العقاب والانتقام..!