تقدم برنامجها للبرلمان اليوم
الاقتصاد أهم الملفات .. وإرضاء المواطن التحدى الأكبر
الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى أمام «مهمة وطنية» فى مواجهة التحديات واستعادة قوة الاقتصاد المصري.. فبعد ثلاثة أعوام من وباء عالمى تسبب فى ركود دولى وأضر بسلاسل الإمداد اشتعلت الحرب الروسية – الأوكرانية، ثم توالت حروب دول الجوار من السودان إلى ليبيا إلى غزة لترتبك ايرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين ومعها ارتفاع فى التضخم وسعر الصرف.. الحكومة الجديدة من الكفاءات والخبرات فى «المهمة الوطنية» التى اسندت لهم يدخلون فى تحد حقيقى لإدارة دفة الاقتصاد إلى بر الأمان وفى نفس الوقت «إرضاء المواطن» الذى تحمل كثيرا وساند الدولة بتفان وتضحية وآن الأوان لأن يشعر بثمار الإصلاح الاقتصادي..الحكومة الجديدة جاهزة للمهمة حيث تحضر اليوم بكامل هيئتها أمام مجلس النواب فى العاصمة الإدارية ليلقي رئيس الوزراء بيان الحكومة ويسلم رئيس مجلس النواب برنامج الحكومة الجديدة..ومجلس النواب الذى يمثل الشعب عليه أيضاً «واجب وطني» لا تقل أهميته عن مهمة الحكومة.. فهو مطالب بدراسة وفحص وتصويب ومناقشة ومراجعة برنامج الحكومة لتحقيق تطلعات الدولة والمواطنين..الدستور حدد مهمة المجلس بعشرة أيام من أجل أداء هذه المهمة ومنح الثقة للحكومة لتبدأ عجلة العمل.. «الجمهورية» استطلعت آراء عدد من خبراء الاقتصاد لمعرفة الملفات التى يجب أن تأخذها الحكومة الجديدة بعين الاعتبار في بداية عملها.. لأنها تحقق مكاسب عديدة أولها زيادة موارد الدولة وايجاد المزيد من فرص العمل وتنشيط الاقتصاد وكل ذلك يصب فى مصلحة المواطن الذى اعتبره الرئيس أولوية أولى وتعهد رئيس الوزراء باتخاذ اجراءات جادة للتخفيف عنه.
إدارة أصول الدولة غير المستغلة.. مكاسب بالجملة
استثمار ثروات الدولة وإمكاناتها واحد من أهم الملفات خاصة بعد أن كشف مشروع رأس الحكمة ومصنع الرمال السوداء، إن مصر مليئة بالثروات التى تستحق الاستثمار، كما يؤكد الخبراء أن تشغيل الاصول غير المستغلة يحتاج إلى قيادات كفء فى جميع أجهزة الدولة وليس الشركات الحكومية فقط!!
الاصول غير المستغلة بالمليارات وتم الحديث فى بعض الفترات عن تشغيل هذه الاصول ومنها المثلث الذهبى بالصعيد الذى مازال «محلك.. سر».. رغم أنه سيزيد موارد الدولة ويخلق فرص عمل تستوعب الكثير من الشباب.
تقول الدكتورة يمن الحماقى استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان استغلال اصول الدولة يحتاج إلى شراكة بين القطاعين العام والخاص وتكوين شراكات جديدة بسرعة لاستغلال هذه الاصول وخاصة فى قطاع الدواء حيث يمكن انتاج خامات دوائية جديدة لانتاج دواء كافٍٍ نستورده من الخارج بمليارات الدولارات.
مؤكدة انه يجب فتح الباب لدخول القطاع الخاص فى جميع المجالات واستغلال الاصول غير المستغلة مما يؤدى إلى الحصول على انتاجية عالية بسعر مقبول وزيادة الطاقات الانتاجية لمصانع الدولة وزيادة الصادرات بما يؤدى إلى زيادة مورد النقد الاجنبى من انتاج حقيقى قادر على المنافسة فى الاسواق الخارجية وتشغيل طاقات انتاجية فى وقت قصير بدلا من تضييع الوقت فى بناء مصانع جديدة.
وأضافت أن القطاع الخاص الذى يرغب فى الدخول فى هذه الشراكات عليه وضع النظام الادارى الخاص به فى استغلال هذه الشراكات بعد قيامه بتدريب العمالة وتحسين المرتبات وتحديد الاسلوب الذى يتم به اقتسام الارباح مع الادارة الحكومية مع ضرورة تفصيل الشراكات الناجحة.
اوضحت ان مشروع رأس الحكمة ثم مشروع طلعت مصطفى فى الحصول على اراضٍ بالساحل الشمالى يستهدف جذب السائح ويوفر عشرات الالآف من فرص العمل وانه يجب استغلال مستثمرين آخرين من القطاع الخاص فى مثل هذا المشروع.
يقول د.رشاد عبده خبير اقتصادى ان الاساس فى استغلال اصول الدولة هو تشغيل هذه الاصول بالدخول فى شراكة مع القطاع الخاص.
وأوضح أنه اذا كان ضعف الموارد يعوق الدولة فى بناء مزيد من المصانع فيجب التيسير للقطاع الخاص فى القيام بهذه الخطوة وضرب البيروقراطية التى تعيق تنفيذ هذه الاستثمارات.
ويسأل لماذا نستورد سكراً وزيتاً فى حين نملك الامكانيات لزراعة محاصيل سكرية ومحاصيل زيتية بدلا من استيراد نحو 90 ٪ من الاستهلاك.
مشيرًا ان مصر تملك معاصر زيوت من ايام الفراعنة فلماذا نستورد زيوت طعام بملايين الدولارات من الخارج.
ويسأل اين هى مشروعات تنمية المثلث الذهبى للصعيد خاصة انه حتى اليوم يتم تصدير الرمال البيضاء بـ 20 دولاراً ويعاد بيعها بعد غسلها بـ 2000 دولار للطن ولماذا لا تستثمر اراضى سيناء فى الزراعة للتصدير لاسواق التصدير فى الخارج بأعلى سعر.
عبده يؤكد أن استثمار أصول الدولة غير المستغلة وهى كثيرة سيعود على الدولة بالمليارات ويرفع الناتج القومى والحكومة قادرة على ذلك.
زيادة مشاركة القطاع الخاص 70%
والحياد التنافسى مع شركات قطاع الأعمال
إعادة الثقة بين الممول والضرائب
أكد خبراء التمويل والاستثمار أن دعم القطاع الخاص وزيادة مشاركته بالاقتصاد إلى 70 ٪ من أهم المطالب التى ينبغى على الحكومة التركيز عليها..قال هشام كمال، عضو اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية: إن أهم الملفات التى ينبغى على الحكومة الاهتمام بها، دعم القطاع الخاص، موضحًا أن هذا يتحقق من خلال ثبات أسعار الخدمات لكى يستقر سعر المنتجات، وعدم إصدار قرارات تؤثر على الخامات المستوردة من الخارج.
كما ينبغى كذلك، وضع هدف واحد وهو التصدير ورفع المعوقات من قبل الجهات الإدارية، مع توفير سعر منافس للتصدير، وتوفير نفس القروض الميسرة للمصانع 5 ٪ لمساعدة القطاع الصناعي.
وطالب نائب رئيس الوزراء وزير الصناعة بعقد اجتماعات مع جمعيات المستثمرين بصفة دورية والاستماع للمشاكل وأخذها بمحمل الجد، مطالبًا وزير المالية كذلك بأن يعمل على إعادة الثقة بين الممول والضرائب، كما طالب بثبات منظومة الكهرباء والطاقة لأنهم عاملان مؤثران على التسعير.
وأضاف أن القطاع الخاص فى مصر يواجه بعض العقبات التى تعهدت الحكومة بتذليلها، وهذا سيكون له تأثير كبير فى إعادة الثقة.
وقال مجدى شرارة خبير الاستثمار والتمويل، إن دعم القطاع الخاص يتطلب فك الارتباط الكلى بالدولار، حيث لم تنكشف التعاملات التجارية عنه كما كانت تُعلن الحكومة أنها ستخفف التعامل بالدولار، الأمر الذى يعمق معضلة ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أنه ينبغى على الحكومة إدراك أن غالبية الشركات والمصانع متأثرة بالحالة الاجتماعية السائدة فى السوق المحلية حيث يبحث المواطنون عن إشباع الرغبات الأساسية فقط، وهو عامل من شأنه تقييد توسعات القطاع الخاص واستمرار تراجع مؤشر مديرى المشتريات.
ومن جانبه، قال بسام الشنوانى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لشباب الأعمال، إن الحكومة الجديدة أمامها تحديات إقليمية وعالمية ومحلية والعديد من الملفات المهمة والتى نأمل من خلال الفكر التشاركى للحكومة والقطاع الخاص تجاوزها وتحويلها إلى فرص فى التجارة والاستثمار والخدمات.
وأضاف أنه نتطلع مع الحكومة الجديدة العمل على تنمية مناخ الأعمال وتشجيع ريادة الأعمال مما يزيد فرص جلب الاستثمار الأجنبي، والعمل على دعم التحول الأخضر للشركات والمصانع بما يضمن استدامة تصدير المنتجات المحلية خاصة للأسواق الأوروبية والتى سوف تبدأ بتطبيق الضرائب الكربونية.
وأكد أن من أهم مطالب مجتمع الأعمال أن تكون المشاركة الأكبر للقطاع الخاص فى الاقتصاد القومى من خلال خطة عمل لزيادة مساهمته من ٪30 حاليا إلى70 ٪ إلى جانب الحياد التنافسى بين شركات قطاع الأعمال العام وشركات القطاع الخاص.
واضاف أن أهم المطالب الثبات التشريعى خاصة للقوانين الاقتصادية مثل قوانين الضرائب وكل ما يتعلق بوزارة المالية لمدة لا تقل عن 5 سنوات، بما يعزز من وجود رؤية أوسع وأشمل للمستثمر حول ثبات الاقتصاد ما يجعل من مناخ الأعمال المصرى أكثر جاذبية للاستثمار المحلى والخارجي.
الاهتمام بالتصنيع المحلى.. لزيادة معدلات الإنتاج القومى
زيادة الصادرات بتوفير منتجات بجودة وأسعار تنافسية
الصناعة ملف يمثل أهمية كبرى وركيزة أساسية للأمن القومى المصري، وبوابة للتنمية المستدامة، وعندما يتحدث رئيس الوزراء عن طفرة كبيرة ستشهدها الصناعة فهذه خطوة مهمة تتطلب الكثير من العمل وتعزيز الاستثمار، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص.
الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادي، قال إن مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى تبلغ نحو 17 ٪، وهو رقم متواضع مقارنة بإمكانات وموارد الاقتصاد المصري. وأن قطاع الصناعة يساهم بنسبة تصل إلى 85٪ من إجمالى الصادرات السلعية غير البترولية، مما يبرز أهمية هذا القطاع فى تحقيق النشاط التصديري.
أوضح أن هناك جهودًا متعددة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية ورفع مساهمة قطاع الصناعة لتحقيق 30٪ من الناتج المحلى الإجمالي. ومن بين هذه الجهود: تشجيع الأنشطة الصناعية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ويتضمن ذلك دمجها بالاقتصاد الرسمى وتفعيل منح الحوافز والإعفاءات المقررة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
وأشار إلى أن الدولة قامت بإنشاء فروع صغيرة للبنوك بالمحافظات والمناطق النائية بهدف توفير التمويل المطلوب للمشروعات الصناعية متناهية الصغر.
ولفت إلى أنه تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية 2022 ــ 2023/ 2026 ــ 2027 بهدف تحقيق معدل نمو صناعى بنسبة 8 ٪، وزيادة نصيب الصناعة من الناتج المحلى الإجمالى إلى 20 ٪ فى المرحلة الأولي، ثم الوصول إلى 30 ٪ بحلول عام 2030.. لكن هذا يتطلب جهدا كبيرا ومسئولين قادرين على اتخاذ القرار، وهو ما يتجسد فى شخصية الفريق كامل الوزير.
وفى سياق تنفيذ خطة التنمية الصناعية وجذب الاستثمار المباشر فى مجال الصناعات، وخاصة الصناعات التحويلية، شدد عبدالمطلب على أهمية عدد من الخطوات أهمها: إعداد خطة تنموية صناعية مرنة وتضمن سهولة تخصيص الأراضى وتيسير الإجراءات، بالإضافة إلى الارتقاء بالخدمات المقدمة للقطاع الصناعي، وتقديم الخدمات إلكترونيًا للمستثمرين بما يساهم فى دعم التنمية الصناعية ودعم المُصنعين وتلبية متطلباتهم فى جميع مراحل المصنع من التأسيس وحتى الإنتاج والتصدير.
أوضح الدكتور كريم عادل الخبير الاقتصادي، أن الدولة المصرية تدرك دورها المحورى فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعي، ورفع مستوى معيشة المواطن، وتعزيز مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة.
وأضاف أن هناك تركيزاً على النهوض بقطاع الصناعات الأولية لتوفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج لدعم مختلف الصناعات، والحد من فاتورة الواردات، وتعزيز الاكتفاء الذاتي.. ولدينا 152 سلعة نستوردها، والمخطط أن نستغنى عن استيرادها بتصنيعها محلياً، وهذا يتطلب خطوات جادة لدعم صناعاتها، ومنها نموذج «إبدأ» الذى حقق نتائج كبيرة وساهم فى خفض الاستيراد وتشمل هذه الإستراتيجية، أيضاً تطوير صناعات البتروكيماويات، والغزل والنسيج، والصناعات المرتبطة بقطاع التشييد والإنشاءات والمقاولات، وغيرها من القطاعات الحيوية لأنها صناعات كثيفة العمالة ومرتفعة العائد.