كنت أتمنى لو سبق «الاعلام» الحكومة فى عنوان مقالى هذا.. فالإعلام باق ومستمر ومؤثر بينما الحكومات متغيرة وقد لا تترك أثراً ايجابياً فى نفوس الشعوب.. والاعلام دائماً يفتح صفحات وصفحات للحوار والنقاش والتباحث مع الحكومات سعياً لتوصيل صوت الشعوب وطرح قضاياها والتعبير بصدق وموضوعية عن توجهاتها ومحاولة البحث عن حلول لمشكلاتها.. وقد تتجاوب الحكومات فنراها تنخرط فى حوارات جادة وحقيقية مع الاعلام سعياً لتحقيق الصالح العام وصالح الوطن.. وقد تتغاضى حكومات اخرى وتغض الطرف عن صوت الاعلام وقضايا الشعوب.. وفى حالتنا اليوم نقول إن حكومة الدكتور مصطفى مدبولى الجديدة والتى ادت اليمين القانونية والدستورية امام الرئيس بداية الشهر الماضى قد قررت فتح صفحة جديدة مع الاعلام والصحافة بدأها الدكتور مدبولى بنفسه عندما استضاف رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة وعدد من الاعلاميين البارزين فى حلقة نقاش وحوار جادة وعميقة طرح خلالها رؤية الحكومة الجديدة واستمع ايضاً لآراء كبار الصحفيين والاعلاميين.. وفى نهاية اللقاء المشهود طرح رئيس الوزراء مبادرة رائعة عندما قرر اقامة هذا الحوار او المنتدى النقاش الحضارى مرة كل شهر بصفة دورية وهو دلالة قوية وصادقة على جدية الحكومة الجديدة ورغبتها الحقيقية فى الانفتاح على الاعلام بكل أطيافه وألوانه ولأن المبادرة جادة وحقيقية رأينا المشهد يتكرر فى الوزارات.. وعاد الوزراء من جديد لعقد مؤتمرات صحفية كانت غائبة طوال الفترة الماضية.. ورأينا عجلة الحوار والنقاش تدور من جديد فى العاصمة الادارية او العلمين وداخل الوزارات.. ونتمنى ان تنتقل حمى الحوار والنقاش إلى كل مؤسسات الدولة وفى المحافظات والهيئات وحتى ادنى مستوى للوحدات المحلية فى القرى والنجوع الصغيرة فى الصعيد والدلتا وفى كل ربوع مصر.. ففى اوقات الازمات والشدائد والتحديات الكبرى تحتاج الاوطان للحوار وتبادل الآراء ووجهات النظر بين فئات المجتمع.. فالجميع يسعى فى النهاية لتحقيق الصالح العام والخروج بحلول وأفكار ومقترحات للأزمات والتحديات وتحويل هذه التحديات إلى فرص واعدة للانطلاق وعبور الازمات وتحقيق الاهداف المرجوة.. ويخرج الجميع فى النهاية فائزين ورابحين ويكون الوطن الرابح الاكبر.
حوار الحكومة مع الاعلام هو جزء من حالة الحوار الوطنى الذى بدأ منذ سنوات وتستمر حلقاته.. وكل القضايا مطروحة على مائدة النقاش.. ولا شيء ممنوع.. ولا شيء محظور مادام الكل يعمل من اجل الصالح العام وصالح الوطن.
أتمنى ان تستمر حالة الحوار هذه قائمة وبكل هذا الحماس الذى رأيناه من الدكتور مدبولى ومن بعض الوزراء فى الاسابيع الاخيرة.. واتمنى ان تستمر الجولات الميدانية للوزراء والمحافظين وباقى المسئولين للاقتراب اكثر واكثر من المواطنين فى الشارع.. هذه الجولات من شأنها ضبط الاسواق وكبح جماح أصحاب المطامع وهواة الربح السريع وان كان على جثث الفقراء والغلابة.. وعودة الاستماع إلى آراء وملاحظات الاعلام بشتى صوره وألوانه انتصار كبير للرأى العام ويمنحه مزيداً من القوة والصلابة.. للأسف بعض المسئولين لا يهتمون كثيرا بما يقال ويكتب فى وسائل الاعلام ويعتمدون على القرارات الفردية المتسرعة بعيداً عن نبض الشارع الحقيقى وتوجهات المواطنين وفى النهاية يكون الفشل الذريع هو النتيجة المحتومة.
نتمنى استمرار حالة الحوار قائمة بين الحكومة والاعلام وان تظل العلاقة بين الطرفين قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل.. فالحكومة والاعلام هدفهما فى النهاية واحد هو صالح الوطن والمواطنين.. هما ليساعدون فى صراع مصالح.. فالاعلام هو صوت الشعب وينقل نبض الشارع بصدق وموضوعية بعيداً عن التحيز أو التجاوز او الكذب او الافتراء.. وحوار الحكومة مع لاعلام يقويها ولا يضعفها.. يزيدها صلابة ويجعلها اكثر ثقة فى نفسها وفى الشعب الذى تعمل فى خدمته.. واتمنى ان تنتقل هذه الروح الرائعة إلى اصغر مستوى للمسئولية فى المدن والقرى المصرية.. رؤساء الاحياء والمدن والقرى ونوابهم ومعاونيهم.. يجب ان يدخلوا فى حوارات مستمرة مع الاهالي.. حوار حقيقى وفاعل.. حوار متقابل وليس من طرف واحد.. المسئول يستمع إلى المواطن اولاً ولا يترك العنان لنفسه للحديث والاسهاب فى استعراض الانجازات والفتوحات.. اتمنى ان نرى المسئولين كل يوم فى الميدان.. فى الشارع.. فى المواقف.. فى محلات الطعام والسوبر ماركت ومحطات الوقود.. فى الحقول مع الفلاحين.. وفى الورش والمصانع مع العمال.. وفى الموانئ والمطارات وكل التجمعات الكبيرة حيث تتعاظم مصالح واحتياجات الناس.