فى البيان المهم الذى ألقاه دكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أمام البرلمان مؤخرا وصف الحكومة الجديدة بأنها «حكومة تحديات»، وهو وصف لو تعلمون عظيم فما أكثر التحديات والصعاب التى تواجه الدولة المصرية، بل تواجه المنطقة باسرها ولن أبالغ إذا قلت تواجه العالم اجمع خلال الفترة الأخيرة، ولعل فى مقدمتها الأزمة الاقتصادية التى ضربت دول العالم المتقدم منها قبل النامى طوال السنوات الأربع الأخيرة وتحديدا منذ جائحة كورونا وما تلاها من أحداث وصراعات لا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، ثم العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى الاعزل فى أعقاب انطلاق عملية طوفان الأقصى التى نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس فى السابع من اكتوبر الماضي.
من هذا المنطلق أطلق دكتور مدبولى هذا الوصف على حكومته الثانية فى اشارة إلى تعدد الصعاب والتحديات بل والأزمات التى تواجهها خلال تلك المرحلة خاصة فيما يتعلق بزيادة الأسعار وانقطاع التيار الكهربائى وارتفاع نسبة التضخم وكذلك أزمة نقص موارد العملات الأجنبية لاسيما الدولار فى أعقاب انخفاض عوائد قناة السويس بسبب تداعيات الحرب فى غزة بنسبة تصل إلى 50 ٪، الأمر الذى يجعل الحكومة الجديدة فى صراع مع الوقت حتى يمكنها مواجهة تلك التحديات والعبور بالبلاد والعباد إلى بر الأمان، ولن يتأتى ذلك الا ببذل المزيد من الجهد والعمل منا جميعاً، حكومة ومواطنين.
إذا كانت هذه هى الصعاب والأزمات التى تواجه « حكومة التحديات « بحسب وصف دكتور مدبولي، فإنه أعلن أيضا خلال إلقاء بيان التكليف.. إن صح التعبير.. أن هناك العديد والعديد من الالتزامات التى يتعهد هو وحكومته « وزراء ومحافظين» بتنفيذها خلال الفترة المقبلة مستعرضاً برنامج الحكومة الجديدة على مدى السنوات الثلاث المقبلة من خلال تحديد أربعة محاور أساسية تشمل بناء اقتصاد تنافسى لجذب الاستثمارات، وبناء المواطن المصرى وتعزيز رفاهيته، وتحقيق الاستقرار السياسى والتماسك الوطني، وحماية الأمن القومى والسياسة الخارجية للبلاد.
حتى يتم بناء اقتصاد تنافسى حدد رئيس الوزراء ثلاثة محاور تعتزم الحكومة العمل عليها، وهى ترسيخ دعائم النهوض الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، وكبح جماح التضخم، مؤكدا أن الحكومة تستهدف فى السنة الأولى من برنامجها تحقيق معدل نمو يبلغ 4.2 ٪، بما يتماشى مع مستهدفها فى العام المالى الحالي، «على أن تحقق معدلات نمو تتجاوز 5 ٪ كمتوسط خلال فترة البرنامج».
كذلك تستهدف الحكومة زيادة الاستثمارات الخاصة إلى ما بين 65-60 ٪ من إجمالى الاستثمارات بحلول عام 2030، ورفع معدل النمو السنوى للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو 14 ٪.، علاوة على زيادة مساهمة قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 38 ٪ بحلول عام 2027/2026. كما ستلعب الأهداف الحالية لقطاع السياحة دوراً مهما، حيث أكد رئيس الوزراء التزام الحكومة بزيادة السائحين الوافدين إلى البلاد إلى 30 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2028 – أى ضعف العدد الحالى تقريبا. كما وضع مدبولى هدفاً لنمو الصادرات السنوى إلى ما يزيد على 15 ٪ والتركيز على تعزيز صادرات السلع والبترول والخدمات.
من الالتزامات المهمة التى قطعها رئيس الوزراء على حكومته تطوير البنية بهدف تحويل مصر إلى مركز عالمى للخدمات اللوجستية والتجارة، من خلال تطوير 7 ممرات لوجستية دولية تنموية متكاملة لربط مناطق الإنتاج بالموانئ البحرية، فضلا عن تطوير الموانئ البحرية من خلال إنشاء أرصفة جديدة ليصل إجمالى أطوال الأرصفة بالموانئ البحرية إلى 100 كيلومتر، وتطوير الأسطول البحرى المصرى ليكون قادرا على نقل 20 مليون طن بضائع متنوعة سنويا، كما تعمل الحكومة على تكوين شراكات استراتيجية مع كبرى شركات إدارة وتشغيل محطات الحاويات العالمية والخطوط الملاحية العالمية لضمان وصول وتردد أكبر عدد ممكن من السفن العالمية على الموانئ المصرية، واستكمال مخطط تنفيذ إنشاء عدد 31 ميناء جافا ومنطقة لوجستية على مستوى الجمهورية.
هذه بعض من التحديات التى ستواجهها حكومة مدبولى الثانية خلال الفترة المقبلة وكذلك بعض من الالتزامات التى تعمل على إنجازها .