التمكين الاقتصادى للفئات الأكثر احتياجاً .. قضية مهمة
تحديات كثيرة تواجه حكومة الدكتور مصطفى مدبولى الجديدة.. خاصة فيما يتعلق بالمواطن ويجب ان يكون جل اهتمامها وعظيم أهدافها وعلى رأس أولوياتها.. تخفيف معاناة المواطن فيما يتعلق بضبط الأسواق وخفض الأسعار ومعدلات التضخم وايجاد صيغة واقعية لإحداث التوازن بين تداعيات الأزمات والصراعات العالمية.. وتخفيف المعاناة عن الطبقة المتوسطة والأكثر احتياجاً لأننا أمام ظروف استثنائية تتطلب حلولاً وأفكاراً خلاقة يجنى ثمارها المواطن.. وتوفر له العيش الكريم وسط متطلبات واحتياجات كثيرة.
زيادة الإنتاج ومضاعفة الجهود لتقليل الاعتماد على الخارج فى سد الاحتياجات من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج وأيضاً توطين الصناعة هى أنسب الطرق لتقليل تكلفة الإنتاج.. وبالتالى خفض الأسعار مع تقليل سلاسل التوزيع بالإضافة إلى الرقابة والضرب بيد من حديد على الجشع والاحتكار والمغالاة والتوسع فى تشجيع القطاع الخاص وإعادة الحياة للقرية المصرية بحيث تكون قرية منتجة من خلال متابعة وتشجيع حكومي.. فأسعار الدواجن فى ارتفاع مستمر دون وجود رؤية حقيقية لخفضها ويمكن ذلك بالتوسع فى انشاء مزارع للدواجن وتشجيع صغار المنتجين وأيضاً دعم مشروع مزرعة صغيرة لكل بيت فى القرية.. نفس الحال بالنسبة للثروة الحيوانية.. ومشكلة القرية أو المواطن هى عدم القدرة على تبنى مشروع صغير لتربية الرءوس الحيوانية.. لذلك لماذا لا تدعم الحكومة مثل هذه المشروعات سواء بتوفير السيولة أو الأعلاف.. وتقسم الأرباح مع المربين أو أصحاب هذه المشروعات الصغيرة.
الحقيقة ان الدولة المصرية تنفق الكثير من المليارات فى مخصصات الحماية الاجتماعية سواء الدعم أو برنامج تكافل وكرامة فى حين انه يمكن للحكومة ان تطلق مشروعاً قومياً بطموحات وأهداف أكثر من الموجودة حاليا.. وهنا أتحدث عن الفئات التى تحصل على الدعم أو تستظل ببرامج الحماية الاجتماعية.. بمعنى آخر تمكين اقتصادى للفئات الأكثر احتياجاً.. وهنا تحويل الاحتياج إلى استغتاء وذلك من خلال ايجاد فرصة عمل أو مشروع أو باب رزق ولدينا من المشروعات الكثير التى تحتاجها الدولة.. المواطن المستحق للدعم أو الأكثر احتياجا لا يملك رأس المال أو السيولة كما يقولون.. وهنا يظهر دور الحكومة.. توفير فكرة المشروع وميزانيته أياً كان مجاله ونشاطه ويمكنها تحديد هذه النشاطات طبقاً لاحتياجاتها وأهدافها وتدخل شريكاً مع المواطن.. أو على الأقل حينما يتم التمكين الاقتصادى يقوم المواطن بسداد هذه المبالغ دون فوائد وبالتالى انهت الحكومة أزمة هذا المواطن ولم يعد فى حاجة إلى الدعم أو إلى برامج الحماية الاجتماعية من معاشات أو تحصيل على نسب منها طبقاً لحالته وظروفه بعد الفحص وبالتالى انخفض الضغط على ميزانية الدعم.
فإذا كان لدينا على سبيل المثال 25 مليون مواطن يحصلون على معاش تكافل وكرامة.. لماذا لا نضع هدفاً سنوياً بتمكين خمسة ملايين مواطن بحيث يصبحون فى غير حاجة لهذا المعاش.. وهنا أدعو التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى للمساهمة فى هذا المشروع وتوسيعه وزيادة المستهدفين منه والمشاركة فى التمكين الاقتصادى لمثل هذه الفئات.. لابد أن نضع أيدينا على ما لدينا من تحديات بأفكار ورؤى خلاقة وبالمتابعة وعرض النتائج بواقعية وموضوعية دون مبالغة أو تهوين أو تهويل حتى نستطيع صياغة رؤية شاملة والهدف الأساسى لدينا هو تخفيف الأعباء عن موازنة الدولة.. ولكن بطرق لا تضر المواطن ولكن تدعمه وتجعله يعتمد على نفسه بشكل مستدام.. فالهدف ليس التوزيع للأموال ولكن تحويلها إلى وسيلة للإنتاج والعمل.. نستطيع ان نجعل كل قرية ومواطن فى عداد المنتجين وفق رؤية علمية وواقعية.. فالمواطن من الأكثر احتياجاً أو من الطبقات المتوسطة لا يملك تكلفة تأسيس أى مشروع وربما الكثيرون لا يجيدون هذا الفكر.. ولابد أن تأخذ الحكومة بأياديهم من خلال ترسيخ ونشر هذا الفكر وتعليمه وتوفير متطلباته.. وهنا يكمن دور ريادة الأعمال الذى يجب أن يكون ثقافة عامة ووعياً يتشكل لدى المواطنين.
هناك حكمة مهمة.. أتوقف عندها وهى تقول (اعطنى سنارة.. ولا تعطنى سمكة) فالسنارة ستجعل الإنسان قادراً على الصيد لعشرات الأسماك.. وبالتالى تغنى عن الاحتياج للسمكة.. من هنا ترسيخ مبدأ التمكين الاقتصادى للفئات الأكثر احتياجاً.. ومساعدتهم على القدرة على الكسب.. ويجب أن يكون مشروعاً قومياً يحظى بالرؤية والجدية والموضوعية والمتابعة لأن الدولة سوف تستفيد والمواطن أيضاً.. ونصل إلى أقصى تخفيض لقوائم الأكثر احتياجاً.. وتحول مسار المواطن من هذه الفئات من كونه يحتاج إلى المساعدة والدعم إلى قادر على العمل والكسب وربما سداد الضرائب للدولة.. لذلك من المهم العمل على هذا الأمر بجدية ومتابعة دورية وتوعية وتثقيف ودعم بالخبرات بل وفتح منافذ للتوزيع وقراءة المناطق التى تحتاج إلى هذه المنتجات ولدينا مئات المحلات التى يمكن من خلالها فتح باب رزق وكسب لهذه الفئات.
نفس الأمر بالنسبة لظاهرة «التوك توك» المليونية التى تنتشر فى كافة ربوع البلاد.. فهى قائمة وتعمل على عينك يا تاجر دون ترخيص فلا الدولة رخصت واستفادت من رسوم التراخيص والضرائب ولا قامت بالقضاء على هذه الظاهرة.. وربما تضيع على الدولة أكثر من 5 أو 7 مليارات جنيه سنوياً يمكن الاستفادة منها فى الانفاق على الدعم للفئات الأكثر احتياجاً أو فتح أبواب رزق للمواطنين من هذه الفئات.. لذلك لابد ان نحسم بعض الأمور المعلقة التى تضيع عشرات المليارات على الدولة.. وتوظف لأمور غير مشروعة.. لذلك اسأل إلى متى نرى مقاهى وسناتر و»توك توك» وسرقات الكهرباء واستغلال للشارع وتعدياً على حرمة الطرق.. دون وجه حق.. وماذا تنتظر الحكومة لمواجهة هذه الظواهر السلبية؟.. لذلك الحكومة الجديدة مطالبة بالحسم إزاء هذه الأمور المعلقة.. وهو حق مشروع للدولة.