قبل أيام، حضرت الدورتين السنويتين في بكين، أي “المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني” و”المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني”، وهو من أهم الأحداث السنوية في الحياة السياسية الصينية. ويصادف العام الجاري العام الأخير لتنفيذ “الخطة الخمسية الـ14″، والعام لوضع “الخطة الخمسية الـ15″، وأرسلت الدورتان في هذا العام رسائل واضحة للعالم مفادها أن الصين عازمة على تعميق الإصلاح وتوسيع الانفتاح عالي المستوى وتحقيق التنمية عالية الجودة، الأمر الذي يجذب انتباه العالم.
- أولًا: تعكس الدورتان مزايا الصين في الحكم والإدارة
خلال الدورتين لهذا العام، يجتمع في بكين ما يقارب 3000 نائب وأكثر من 2000 عضو المؤتمر الاستشاري السياسي من كل أنحاء البلاد، لتقديم آرائهم حول سبل تنمية الدولة وتحسين معيشة الشعب، وإجراء المشاورات والمناقشات واسعة النطاق، لإيصال آراء الشعب من الحقول إلى قاعة الشعب الكبرى، وحشد “أصوات الشوارع” حتى تصبح “إرادة الدولة”.
وشارك الرئيس شي جين بينج وغيره من قادة الحزب الشيوعي الصيني والدولة في المناقشات المعمقة مع النواب حول شؤون الدولة. وأظهرت البيانات أن الأمانة العامة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني تلقت 269 مشروع القانون وأكثر من 8000 مقترح؛ وتلقى المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني 5890 مقترحا.
وبعد اختتام الدورتين، ستقوم الأجهزة الحكومية بتنفيذ كافة المهام على نحو شامل، بما يحقق حلقة متكاملة، من جمع آراء الشعب إلى الإصغاء والتشاور والتنفيذ، وإدراج تطلعات الشعب إلى التصميم الاستراتيجي للتنمية الوطنية بشكل حقيقي.
كما قاله الرئيس شي جين بينج إن الديمقراطية الشعبية كاملة العملية في الصين هي الديمقراطية الاشتراكية الأوسع والأصدق والأكثر فعالا، وساهمت في إثراء مقومات الديمقراطية للبشرية، وتوفير “نموذج الصين” للدول التي تعمل على استكشاف نمط الديمقراطية الذي يتناسب مع ظروفها الوطنية بشكل مستقل.
- ثانيًا: تعكس الدورتان التقدم الذي حققته الصين في التنمية عالية الجودة
خلال الدورتين السنويتين في هذا العام، استخدم الرأي العام الدولي بشكل متكرر عبارات “فاق التوقعات” و”المفاجآت” لتقييم التنمية الاقتصادية في الصين. في عام 2024، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 135 تريليون يوان، وبقيت مساهمتها في نمو الاقتصاد العالمي عند مستوى 30%، وبلغت الزيادة السنوية تريليون دولار، ما يعادل حجم اقتصاد الدولة التي تحتل المرتبة الـ20 في العالم.
وحققت الصناعات الجديدة والأعمال الجديدة والتجارة الجديدة في الصين تقدما سريعا، وساهمت القوة الإنتاجية الجديدة في تمكين الصناعات الناشئة والمستقبلية مثل الفضاء التجاري والتصنيع الحيوي وتكنولوجيا الكم والذكاء الاصطناعي المتجسد، كما يشهد الابتكار العلمي، مثل الروبوتات البشرية وDeepseek نموا سريعا للغاية.
وتواصل الصين تحسين بيئة الأعمال، وتوسيع الانفتاح بخطوات متزنة، وبادرت إلى إنشاء منصات تجارية مثل معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات ومعرض الصين الدولي للسلع الاستهلاكية، وأصبحت شريكا تجاريا رئيسيا لأكثر من 150 دولة ومنطقة، ووقعت على 23 اتفاقية التجارة الحرة مع 30 دولة ومنطقة. لدينا ثقة تامة في تحقيق الهدف المنشود للنمو الاقتصادي في هذا العام البالغ 5%، وسنعمل على تهيئة بيئة التعاون الدولي المنفتحة والشاملة، ومشاركة ثمار التنمية مع جميع الدول.
- ثالثًا: تبرز الدورتان رغبة الصين في “التضامن والتعاون مع جميع دول العالم”
في هذا العام، قام أكثر من 3000 صحفي محلي وأجنبي بتغطية أعمال الدورتين السنويتين، وعقد عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية الصيني وانغ يي مؤتمرا صحفيا للإجابة على أسئلة الصحفيين حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية، مما حظي باهتمام عالمي واسع.
يُعد عام 2024 عاما يشهد تغيرات عميقة في الساحة الدولية، وهو كذلك عام يشهد الإصلاح والتنمية الكبيرة في الصين، حيث حققت دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية تقدما مهما بقيادة الرئيس شي جين بينج، مما هيأ بيئة خارجية مواتية للتنمية عالية الجودة على المستوى المحلي، ووفر استقرارا ثمينا للعالم المتغير والمضطرب.
رغم التحديات التي تواجه العالم في هذا العام، ستلتزم الدبلوماسية الصينية بهدفها الأصلي، وستقف بكل ثبات إلى الجانب الصحيح للتاريخ والتقدم البشري، وستسعى الصين لأن تكون القوة الحازمة للدفاع عن المصالح الوطنية، والقوة العادلة للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، والقوة التقدمية لصون العدالة والإنصاف الدوليين، والقوة البناءة لتعزيز التنمية المشتركة في العالم، وستدفع أعمال بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية للتقدم إلى الأمام بخطوات ثابتة.
تشكل الدورتان السنويتان نافذة مهمة للاطلاع على التنمية الصينية، والسير مع الصين يعني السير مع الفرص. بفضل التخطيط الاستراتيجي للرئيس شي جين بينج والرئيس عبد الفتاح السيسي، شهدت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر تطورا هائلا، حيث تمت المواءمة بين مبادرة “الحزام والطريق” و”رؤية مصر 2030″ بشكل معمق، ويتقدم الشعبان جنبا إلى جنب في طريق نحو الحداثة.
عند هذه النقطة التاريخية الجديدة، يجب على الجانبين مواصلة تعزيز التواصل رفيع المستوى وترسيخ الثقة السياسية المتبادلة، وتعميق التعاون العملي المثمر، وابتكار التبادلات الشعبية الرائعة، وتوسيع التعاون الدولي الوثيق، بما يدفع العلاقات الصينية المصرية نحو آفاق أرحب.
كما تمر العلاقات بين الصين وجامعة الدول العربية بأفضل مراحلها في التاريخ، وتعد الصين صديقا مخلصا للدول العربية، وندعم خطة استعادة السلام في قطاع غزة التي أطلقتها مصر وغيرها من الدول العربية، وندعم الإخوة العرب لتقرير مصيرهم واستكشاف طرق التنمية بشكل مستقل.
بمناسبة الذكرى الـ80 لتأسيس جامعة الدول العربية، نعرب عن تهانينا الحارة، وتقدر جامعة الدول العربية لما تقدمها من المساهمات البارزة منذ فترة طويلة في الحفاظ على السلام والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط، والدفاع عن الحقوق المشروعة للأمة العربية، وحماية المصالح المشتركة لدول “الجنوب العالمي”.
وتحرص الصين على العمل مع مصر وغيرها من الدول العربية على ترسيخ الأسس للمجتمع الصيني المصري للمستقبل المشترك، وبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك على مستوى أعلى، وفي العام القادم، سنحتفل سويا بالذكرى الـ70 لتأسيس العلاقات الصينية المصرية وانعقاد القمة الصينية العربية الثانية.