نجحت المتحدة للخدمات الاعلامية بامتياز فى تقديم موسم رمضانى بامتياز.. ذلك النجاح الذى يعكس إدراكها لأهمية الدراما ودورها فى تشكيل العقول.. ويؤكد قدرة ماتقدمه من محتوى درامى وبرامجى على الانتصار فى معركة التنوير فى ظل جمهورية جديدة تستهدف بناء الإنسان والدولة معًا.
فالتفاف الجماهير حول الشاشات، وخلق حالة من الجدل واثارة علامات الاستفهام والنقاشات حول الأعمال التى عرضت، يؤكد على التأثير واسترداد مصر لمكاناتها الفنية، وتحقيق نقلة نوعية لا تستهدف مكسبا ماديا فقط، بل تهتم وتحرص على المضمون والرسالة وزيادة الوعى ومخاطبة كل أطياف الشعب وأعماره .. فشكرًا المتحدة على الموسم الدرامى المتميز.
فالفن – خاصة الدراما – والثقافة أهم أسلحة القوة الناعمة للدول فى معركة التنوير والوعى فى ظل حروب الجيل الرابع التى تستهدف العقول، وذلك بتقديم أعمال تعبر عن الواقع، وتنمى الوعي، وتتماشى مع مبادئ الجمهورية الجديدة لبناء الإنسان، وهو ما رأيناه فى عدة أعمال فنية كمسلسل «الحشاشين» الذى أعاد للدراما التاريخية رونقها من خلال إبداع فى الكتابة والحوار والإخراج والتمثيل.. وإنتاج مبهر يليق بالفن المصرى المنشود.
ولذلك فقد تعرض مسلسل « الحشاشين» لاستهدافات كثيرة من قبل الأصوليين، فتارة يوجهون سهامهم لاعتماده للعامية المصرية بديلاً من الفصحي.. والرد على ذلك ان هناك أمراً لا يمكن التغافل عنه وهو سياسى بالدرجة الأولى .. يخص جماعة الإخوان إذ أنه يبدو أن مؤسسها حسن البنا كان مفتونًا بمؤسس الطائفة الإسماعيلية النزارية حسن الصباح ، فأعاد إنتاج كثير من تفاصيل جماعته، وما بقى من مأثورات الرجلين وأفكارهما الحركية يقطعُ بالتشابه إلى حد التطابق، بل إن سيد قطب قبل الالتحاق بجماعة الإخوان كان يصف البنا بأنه حسن الصباح، وطبيعى فلن يحب الإخوان عملاً يعيد التذكير بالروابط المشينة، أو يُخرِج التنظيم من دعاياته النورانية الكاذبة إلى واقعه الظلامي، فى ضوء استقراء الحاضر وتوقيعه على احقر نماذج الماضي.
فقد بدأ «الصباح» بالتقية فى مصر ومع السلاجقة، ثم توسَّع فى دعوته وتجنيد الأتباع، وبعدها نصب نفسه إماما، وأسس جيشا يتبعه بصورة مباشرة، نفس الأمر فعله «البنا» فقد انتهج المسار بالتقية من الإسماعيلية، تلك التقية التى تسترت وراء دعوة العمال والأُميين، وغلف صعوده المتدرج بنفاق القصر، والسعر لدى بعض الحكام الرجعيين، وبعدها أسس الجناح العسكرى للجماعة «النظام الخاص»، وموجة واسعة من التفجيرات والاغتيالات.
ننتقل إلى أمر مهم هو اعتراض البعض علي أداء كريم عبدالعزيز للشخصية، فالبعض يتحدث عن المحبة تجاه حسن الصباح، وهى بالأساس فاعلية الرجل التى ساعدته على بناء جماعته الحديدية، وصناعة أُسطورته الملامسة لحدود الخيال، لكنها لم تعصِم مختاريه وفدائيِيه من النهاية الدامية، أو أن يكونوا مضربًا للمثل فى فساد الخطاب والممارسة، وهذا النقد بالأساس يأتى على لسان أو طيف خاطر لبعض عوام مواقع التواصل، أوأطيافًا تحركها لجان مُنظمة وأفراد محسوبون على جماعات راديكالية وكثير من بقايا الرجعية الإخوانية، وفى الحقيقة فإنه من الطبيعى ان يكون الرجل بالأساس محبوباً على الأقل لدى جماعته وطائفته فرغم خطورته وحقارة ما فعله فهو له أتباع ومريدون، وليس زعيم عصابة.. والخلاصة أن المسلسل حاز متابعة عريضة من خصومه قبل محبيه، ونجح فى اهم وظيفة للفن وهى إثارة الجدل، وخلق حالة من نشاط التفكير والبحث والاطلاع وبذلك يكون اصاب الهدف وهو التنوير.